أجرت السفيرة الأمريكية لدى الجزائر، إيليزابيث مور أوبين، في اليومين الأخيرين، عدة لقاءات مع مسؤولين حكوميين وسياسيين كبار في البلاد، فيما يبدو أنها تحركات لإزالة التوتر الذي تسببت فيه الرسائل المتتالية لنواب أمريكيين تدعو لفرض عقوبات على الجزائر بسبب علاقاتها مع روسيا.
ومن أبرز لقاءات السفيرة مور أوبين، ذلك الذي أجرته مع وزير الخارجية رمطان لعمامرة بمقر الوزارة، حيث ناقش الطرفان التعاون بين البلدين، والعلاقات الثنائية، التي وصفتها السفيرة بالقوية. وذكرت السفيرة الأمريكية في تغريدة لها عبر حسابها الرسمي: “من دواعي سروري لقاء الوزير لعمامرة ومناقشة العلاقة الثنائية القوية والمتنامية بين الولايات المتحدة والجزائر”.
وفي لقاء آخر، أجرت السفيرة الأمريكية محادثات مع زعيم حزب الأغلبية جبهة التحرير أبو الفضل بعجي. ووفق بيان للحزب، فإن الأمين العام قد استعرض العلاقات التاريخية بين البلدين، مؤكدا التطلع لترقيتها إلى أعلى المستويات في مختلف الجوانب، خاصة الاقتصادية، وهذا من خلال تكثيف الاستثمارات. كما شرح بعجي “عملية التجديد المؤسساتي سياسيًا واقتصاديًا من منظور الجزائر الجديدة بقيادة رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون”.
وبحسب البيان تحدث الأمين العام للحزب عن مواقف جبهة التحرير الوطني من القضية الصحراوية وما يعانيه الشعب الصحراوي من “اعتداء”. وأبرز بحسبه “أن القضية تتعلق بتصفية الاستعمار. وعبر حسبه عن دعم “حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره من خلال الاستفتاء، وهو الفعل الذي يجسد ويعكس الشرعية الدولية التي انحرف عنها نظام المخزن”، كما جاء في البيان. وأشار إلى “أنه ليس لنا مشكل مع الشعب المغربي، بل المشكل مع المخزن الذي يريد استغلال الوضع لصالحه الخاص على حساب شعوب المنطقة”.
كما أوضح بعجي بحسب البيان، أن “الجيش الجزائري يُجهز نفسه من أجل حماية الوحدة الوطنية ومراقبة الحدود التي تشهد بؤر توتر من الحدود مع المغرب إلى الحدود مع ليبيا”. وتحدث الأمين العام للحزب عن القضية الفلسطينية وما يعانيه الشعب الفلسطيني من ظلم وعدوان كونها قضية إنسانية، مؤكدا أنها بالنسبة للشعب الجزائري قضية جوهرية ومصيرية لا يمكن التخلي عنها.
وذكرت السفيرة من جهتها أن الولايات المتحدة الأمريكية، تعتبر أكبر مستثمر في الجزائر وصل إلى حدود 28 بالمائة معبرة عن أملها في تضاعف هذا الرقم. ولفتت إلى أنه يمكن الوصول إلى تعاون قوي بين أحزاب الولايات المتحدة الأمريكية وحزب جبهة التحرير الوطني.
وفي نفس السياق، التقت السفيرة الأمريكية لدى الجزائر إليزابيث أوبين بوزير البريد والمواصلات السلكية واللاسلكية لتباحث عدة ملفات مشتركة. وكتبت السفيرة الأمريكية في تغريدة لها تقول “كانت لي مناقشة مثمرة مع وزير البريد والمواصلات السلكية واللاسلكية كريم بيبي تريكي حول خطته الطموحة لتطوير مجال الاتصالات في الجزائر وما يمكن أن تقدمه التكنولوجيا والخبرة الأمريكية للقطاع”.
ومع أنه لم ترد أي إشارة في البيانات الرسمية لهذه اللقاءات، حول الدعوات التي ظهرت في الكونغرس الأمريكي لفرض عقوبات على الجزائر، إلا أن سياق هذه المباحثات المكثفة، يظهر رغبة السفيرة الأمريكية في إقناع الطرف الجزائري بأن السلطات الأمريكية لا تعتد بهذه الرسائل والتأكيد على العلاقات القوية بين البلدين.
وقبل نحو أسبوعين، قادت البرلمانية الأمريكية ليزا ماكلين، حملة داخل الكونغرس الأمريكي لدفع وزير الخارجية الأمريكية، إلى فرض عقوبات على الجزائر، بزعم أنها تدعم نظام موسكو عبر مواصلة شرائها للسلاح من روسيا. وطلبت الرسالة التي وقعها 27 نائبا من وزير الخارجية أنطوني بلينكن البدء فورًا في تنفيذ “عقوبات كبيرة على أولئك الموجودين في الحكومة الجزائرية المتورطين في شراء الأسلحة الروسية”، لأن “الولايات المتحدة تحتاج إلى إرسال رسالة واضحة إلى العالم مفادها أنه لن يتم التسامح مع دعم فلاديمير بوتين وجهود الحرب البربرية لنظامه”.
وتتطابق هذه الرسالة في مضمونها مع أخرى وجهها السيناتور الجمهوري ونائب رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ الأمريكي، ماركو روبيو، قبل نحو 3 أسابيع، لوزير خارجية بلاده، يدعوه فيها لفرض عقوبات على الجزائر.
وقال هذا السيناتور عن ولاية فلوريدا في رسالته التي تناولت مضمونها “القدس العربي”، إنه يشعر “بقلق بالغ فيما يتعلق بالمشتريات الدفاعية الجارية بين الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية والاتحاد الروسي”، زاعما أن شراء السلاح الروسي يدعم موسكو في زعزعة الاستقرار، لأنه سيؤدي حسبه إلى زيادة تمكين آلة الحرب الروسية في أوكرانيا.
القدس العربي