تحل الذكرى 64 لإحياء أول تفجير نووي فرنسي في الجزائر في 13 فيفري 1960 دون أن يتقدم الملف قيد أنملة، رغم إدراجه ضمن أولويات ملف الذاكرة بين البلدين ومفاوضات اللجنة المشتركة حول التاريخ، ودون تجسيد أي مطلب، سواء تطهير المواقع وتعويض الضحايا وتسليم خرائط 17 تفجيرا من 1960 إلى غاية 1966 أو الأرشيف الصحي لسكان منطقتي رڤان بأدرار وعين إيكر بتمنراست.
سجلت لجنة تعويض ضحايا التجارب النووية في حصيلة نشاطها لسنة 2022 المنشور في جويلية 2023 إيداع 9 جزائريين ملفات من أجل الحصول على التعويض من إجمالي 328 طلب جديد، من بينهم 240 مقيم في جزر بولينيزيا و79 مقيما بفرنسا، وهو رقم مرتفع مقارنة بسنوات 2010 بعد سن قانون موران، حيث بلغ عدد ملفات العسكريين والمدنيين المقيمين بفرنسا 1403 مقابل 813 ملف تعويض من ضحايا مقيمين بالقرب من مواقع التفجيرات.
وتبين الحصيلة العدد القليل من ملفات الضحايا الجزائريين المقيمين بالقرب من مواقع رڤان وعين إيكر رغم شهادات الفرنسيين حول استعمال آلاف اليد العاملة المحلية لإنجاز مراكز التجارب في رڤان وبمنطقة حمودية وكذا ساكنة القصور بمنطقة توات المجاورة لموقع تفجير الأربع تجارب الأولى في الهواء الطلق مباشرة رغم اعتراض الدول العظمى ودول الجوار، بالإضافة إلى التفجيرات الجوفية في منطقة عين إيكر جبال “تين إفلا” بتمنراست التي سجلت وقوع حادثين خطيرين وخروج الإشعاعات والسحب النووية بعد التفجير مباشرة، وهو ما يبرر الطلبات الملحة لجمعيات الضحايا وسكان المناطق المتضررة بتسليم الأرشيف الصحي الموجود عند السلطات العسكرية الفرنسية والذي يحتوي كل الملاحظات والتحاليل الطبية المنجزة على السكان بعد كل تفجير نووي، كما سيسمح الأرشيف بجرد قائمة المشاركين في التجارب وبالتالي إثبات تواجد الضحايا في المكان حسب شروط لجنة التعويضات لدراسة الملفات.
وتبقى مسؤولية إجراء دراسة إيبديميولوجية على مناطق التفجيرات والسكان لرصد انعكاسات التعرض للإشعاعات النووية ومتابعة الإصابات بمختلف أنواع الأمراض المعترف بها في قانون “موران” على عاتق وزارة الصحة والسكان بمساعدة وزارة المجاهدين وذوي الحقوق وكذا جمعيات محلية تنشط على مدار السنة لجمع الشهادات والدلائل الدامغة لمواجهة فرنسا بجرائمها ضد البشرية غير القابلة للتقادم، في وقت سجلت اللجنة تعويض ضحية جزائرية واحدة فقط، فيما يخوض أعضاء جمعية ضحايا التجارب النووية بفرنسا معارك قضائية من أجل إقرار تعويضات لذوي حقوق ضحايا الإشعاعات النووية، على غرار أنظمة التعويض لضحايا الأميانت والعمليات الإرهابية والأخطاء الطبية.
للتذكير، طالبت مجموعة من المنظمات غير الحكومية في رسالة بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة التجارب النووية، الموافق لـ29 أوت 2023، السلطات الفرنسية برفع السرية عن أرشيف التجارب وكشف مواقع دفن النفايات وتنظيفها وتسهيل رفع دعاوى التعويض للضحايا الجزائريين والتوقيع على معاهدة حظر الأسلحة النووية أو التصديق عليها، تسهيل رفع دعاوى التعويض وتسريع عملية التعويض للضحايا الجزائريين، لاسيما الوصول إلى المحفوظات الطبية التي تحتفظ بها دائرة المحفوظات الطبية بالمستشفى العسكري، اتخاذ إجراءات لإعادة تأهيل مواقع التجارب السابقة وتقديم المساعدة لضحايا التجارب النووية والمساعدة التقنية، الإنسانية والمالية، مساعدة ضحايا التجارب النووية في استعادة حقوقهم المعنوية والمادية والسماح لكل شخص طالب للتعويضات أو ذويه بالاطلاع أو الحصول من الإدارة على نسخة مطابقة للأرشيف الخاص بالتجارب النووية الفرنسية بالصحراء الجزائرية من سنة 1960 إلى 1966، تعزيز الأسوار وتثبيت عدد من لوحات المعلومات في المواقع وعرض المعلومات في قاعات المدينة والمرافق الصحية في المدن والقرى القريبة من “رڤان” و”عين إيكر”، اتخاذ التدابير لتعزيز حرية تكوين الجمعيات بتقديم التسهيلات اللازمة لتأسيس الجمعيات ذات الطابع الحقوقي والبيئي وضمان حق المجتمع المدني في الحصول على المعلومات من أجل المساهمة في الاهتمام الوطني والدولي بكارثة التجارب النووية الفرنسية في الجزائر، مساعدة الجزائر في معالجة النتائج الإنسانية المترتبة على استخدام الأسلحة النووية الفرنسية وتجريبها على أراضيها، وكذا الضغط من أجل الوصول إلى اتفاق بين الجانبين الجزائر- فرنسا بشأن إرث التجارب النووية في الصحراء الجزائرية.