قام رئيس الحكومة هشام المشيشي الأمس بخطوة سياسية جريئة مستخدما لصلاحياته الدستورية، وأجرى تعديلاً وزارياً من أجل استمرار عمل الحكومة باحثا عن حل جديد للأزمة الحالية، وقام المشيشي بإعفاء خمسة وزراء في كل من وزارات العدل، والصناعة والطاقة والمناجم، والشباب والرياضة، بالاضافة الى أملاك الدولة والشؤون العقارية، والفلاحة والموارد المائية. وكلف وزراء وكتاب دولة في الحكومة بمهامهم الجديدة.
لاقت هذه الخطوة ردود أفعال مختلفة، بين من أيد هذه الخطوة وبين من رفضها ووصفها بالهروب للأمام، وقد صرح رئيس البرلمان التونسي راشد الغنوشي، بأن إعفاء رئيس الحكومة لعدد من الوزراء يعتبر حلاً مؤقتاً وليس دائماً، وأكد أن الحل الوحيد هو تأسيس المحكمة الدستورية.
هناك من رأى بأن هذه الخطوة هي من صلاحيات رئيس الحكومة وأن إعفاء الوزراء وتعيينهم هو حق دستوري وقانوني له، بيد أن المخالفين لهذا القرار وصفوه بالهروب من هذه الأزمة، وهذا ما صرح به الأمين العام لحركة الشعب زهير المغزاوي، أن المشيشي قرر عبر الإجراء الأخير «الهروب إلى الأمام» مشيراً إلى أن قراره الأخير «لن يحل الأزمة، بل هو محاولة للتصعيد والمزيد من تأزيم الوضع، واليوم نعيش أزمة سياسية وأخلاقية كبيرة».
وفي نفس السياق قال رئيس الكتلة الديمقراطية محمد عمار، إن الكتلة الديمقراطية «لا تعتبر أن الوزراء الذين تمت إقالتهم اليوم هم وزراء رئيس الجمهورية، ونحن نرى أن حكومة المشيشي الآن أصبحت حكومة بالنيابة، وكان على رئيس الحكومة الذهاب منذ البداية إلى رئيس الجمهورية وإعلان تخليه عن الوزراء المقترحين محل التحفظ بما يعجل بتجاوز الأزمة، بدلاً من اتخاذ خطوات تصعيدية ترضي بعض الأطراف السياسية داخل حزامه البرلماني، لكنها دستورياً غير ملزمة وربما تعجل برحيل حكومته».
وتستمر أزمة تونس ببلوغها الذروة في ظل هذا التوتر الحاصل بين رئاسة الجمهورية والحكومة، ولا شك أن هذا الخلاف ينعكس على الوضع الاقتصادي والمعيشي للناس، فعمل الوزارات هو الركيزة لتسهيل أمور التونسيين، وأي خلل أو ارتباك سياسي في هذا الشأن، يضعف عمل الدولة ويؤثر على مكانتها وثقة الشعب.