عاد جدل تعديل قانون المخدرات إلى دائرة الاهتمام في تونس، مع تحرك منظمات مدنية على أكثر من واجهة لإيجاد حلول قانونية تحدّ من العقوبات السالبة للحرية لمستهلكي القنب الهندي، بالتزامن مع مطالبات بإطلاق سراح المخرج السينمائي التونسي، عصام بوقرة، الذي اعتقل بتهمة التعاطي، وكذا كل الموقوفين الذين يحتاجون إلى متابعة طبية وليس قضبان السجون.
ومنذ أكثر من سنة، يقبع المخرج السينمائي، عصام بوقرة في السجن دون محاكمة بعد أن وجهت له تهمة استهلاك وحيازة مخدر القنب الهندي أو ما يعرف محلياً بـ”الزطلة”، كما يوجد حوالي 7000 شخص رهن الإيقاف خلال النصف الأوّل من سنة 2022 في قضايا مخدّرات، بحسب بيانات وزارة الداخلية التونسية.
إزاء هذا الواقع، أطلق نشطاء تونسيون حراكاً وعريضة للمطالبة بتغيير القانون 52 المتعلق باستهلاك المخدرات. ووقّع على العريضة مئات النشطاء والمفكرين، مؤكدين أن القانون 52 فقد الغاية المعلنة من تشريعه، وهي التصدّي لظاهرة انتشار المخدّرات، وتحوّل إلى آلية للتّنكيل بالشّباب ومضاعفة متاعب عائلاتهم.
وقالت العريضة المفتوحة للتوقيع إن “أغلب خبراء القانون الجزائي يعتبرون أنّ القانون 52، بما تضمّنه من تضارب ومن ثغرات قانونية، جائر وغير عادل، يضع المستهلك والمروّج في سلة واحدة، ولا يميّز بين المستهلك الذي تتطلّب حالته العلاج وبين المجرم الذي يستثمر في السموم ويستثري منها”.
وتطالب منظمات مدينة في تونس، بضرورة مراجعة القانون 52 جذرياً بعد أن انتهت صلاحيته وأثبت عدم نجاعته، حسب تقديرها.
واعتبر منتقدون لقانون مكافحة المخدرات، أن هذا النص التشريعي لم يعد يتلاءم مع مقتضيات العصر ومع المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان والحرّيات العامّة والفردية ولا مع التوصيات الأخيرة للمنظمة العالمية للصحة الصادرة عام 2019 وقرار لجنة المخدرات بالأمم المتحدة لعام 2020، ودعت بناء عليه إلى اعتماد مقاربة جديدة عادلة وفعّالة وعلاجية لمقاومة ظاهرة انتشاره.
وتطالب الجمعية التونسية لطب الإدمان، بتمكين الضحايا من الرعاية الصحية اللازمة، بجانبيها العلاجي والوقائي، بدل السجن، وإرساء سياسة وطنية لمكافحة المخدرات والحد من العرض والطلب اعتمادا على استراتيجيات علمية ناجعة.
وانتقدت الكاتبة العامة للجمعية التونسية لطب الإدمان، هيفاء زليلة، عدم مساعدة الأطباء على جهودهم في مكافحة ظاهرة الإدمان وزيادة نسب المقبلين على العلاج بسبب القوانين الردعية والعقوبات المشددة التي تسلط على المدمنين”، مطالبة بـ”التسريع في النظر في تعديل القانون 52 والاتجاه لتركيز المجهود العام نحو مكافحة الظاهرة عبر الإحاطة الطبية والنفسية للمدمنين”.
وتقول زليلة لـ”العربي الجديد”، إن “الأحكام القاسية التي صدرت في حقّ شبان من أجل سيجارة قنب هندي تكشف فظاعة القوانين التي كان يفترض أن تكرّس لحماية الشباب وجبر آلام المجتمع” وفق قولها.
وعلى شبكة الإنترنت يدعم نشطاء تونسيون حملة “فري فراشة” (السراح للفراشة) في إشارة إلى المخرج السينمائي عصام بوقرة الذي يحرمه السجن من حضور تتويجات شريطه السينمائي “الفراشة”.
العربي الجديد