كشف تقرير «بنك أوف أميركا» المتخصص في الاستشارة وإدارة المخاطر، عن وجود أزمة تمويل للأنشطة الاقتصادية في تونس. وقال إن قانون المالية التكميلي للسنة الحالية «غير قادر على تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية»، وهو ما سينعكس على الاتفاق المنتظر بين الحكومة التونسية وصندوق النقد الدولي.
وأشار التقرير إلى الصعوبات التي تواجه الاقتصاد التونسي، ودق ناقوس الخطر حول مستقبل الوضع المالي والاقتصادي في البلاد، ورجح أن تجد السلطات التونسية صعوبات في توفير التمويل الخارجي مع نهاية السنة الحالية؛ سواء لسد الثغرة المالية المسجلة خلال سنة 2021 أو لتمويل ميزانية السنة المقبلة.
وقال التقرير إن الاقتصاد التونسي في حاجة لنحو 5.6 مليار دينار تونسي (1.9 مليار دولار)، أي ما يعادل 4.3 في المائة من الناتج الإجمالي المحلي، لتلبية حاجيات تمويل الميزانية في تونس.
واعتبر البنك الأميركي أن غياب الوضوح على مستوى السياسة الاقتصادية المتبعة في تونس سيقلل من فرص نجاح البلاد في إدارة التفاوض مع صندوق النقد في المدى القصير على الأقل، مؤكدا على ضيق هامش المناورة بالنسبة لحكومة نجلاء بودن.
ويذكر أن الحكومة التونسية قد أعلنت خلال شهر يونيو (حزيران) الماضي عن وجود تفاوض مع صندوق النقد بهدف الحصول على قرض بقيمة 4 مليارات دولار لتمويل ميزانية الدولة. لكن المحادثات تعطلت بعد قرارات 25 يوليو (تموز) الماضي التي أسقطت حكومة هشام المشيشي. وبتشكيل حكومة جديدة ترأسها نجلاء بودن أعادت تونس الاتصال بالصندوق، ولم تنطلق المحادثات الرسمية بين الطرفين. ويشترط صندوق النقد الدولي الاتفاق حول برنامج إصلاحات اقتصادية، تشمل خاصة التقليص في كتلة الأجور الموجهة للقطاع العام والضغط على منظومة دعم المواد الاستهلاكية وإصلاح الوضعية المالية لكبرى المؤسسات الحكومية.
وكانت تونس قد حصلت على قرض بقيمة 2.9 مليار دولار امتد من سنة 2016 إلى 2020، وتسعى لتجديد تجربة تمويل الاقتصاد التونسي من خلال اللجوء إلى صندوق النقد، غير أنها تصطدم بعدة عراقيل داخلية وخارجية.
ومن بين تلك العراقيل إشارة عدة تقارير اقتصادية دولية إلى أن الترقيم السيادي الصادر عن وكالتي «موديز» و«فيتش رايتينغ» حول تونس يميل نحو التخفيض، وهو ما يجعل تونس في خانة المخاطر المرتفعة في علاقة بتسديد الديون الخارجية وارتفاع حجم الدين العمومي الذي تخطى حاجز 101 مليار دينار (حوالي 36 مليار دولار) مع نهاية سبتمبر (أيلول) الماضي، وهذا ما سينعكس على مفاوضاتها مع مؤسسات التمويل الدولية.
في غضون ذلك، كشف المعهد التونسي للإحصاء (حكومي) عن تسجيل نسبة التضخم الاقتصادي في تونس زيادة مقارنة بالأشهر الماضية، وأكد أنها باتت في حدود 6.4 في المائة مع نهاية الشهر الماضي، بعد أن كانت مقدرة بنسبة 6.2 في المائة خلال شهر سبتمبر و6.3 في المائة خلال شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضيين. وأكد المصدر ذاته أن تطور وتيرة ارتفاع أسعار خدمات النقل من 4.9 في المائة إلى 5.4 في المائة، وأسعار خدمات التعليم من 7.8 إلى 9.1 في المائة، كانت وراء زيادة نسبة التضخم المسجلة.
ومع أن المعهد لاحظ تراجعا في وتيرة ارتفاع أسعار المواد الغذائية، فإنه باحتساب الانزلاق السنوي، فإن الأسعار عرفت ارتفاعا بنسبة 6.9 في المائة.
المصدر الشرق الأوسط