اكد مستشار رئيس حركة النهضة ورئيس لجنة الصداقة التونسية الايرانية في البرلمان التونسي بلقاسم حسن، انه عاش احداث الثورة الاسلامية في ايران حينما بلغت اوجها عام 1979، معتبراً انها كانت حدثاً مهماً جداً في المنطقة والعالم أجمع.
وقال حسن في حوار مع قناة العالم خلال برنامج “ضيف وحوار” على هامش ذكرى الـ 43 لانتصار الثورة الاسلامية: انه لم يكن خلال انتصار الثورة الاسلامية في ايران عضواً في حركة النهضة، وانما كان ما يمكن ان يسمى باليسار التونسي، مبيناً ان موقفه حينذاك كان داعماً تلقائياً ووطنياً وسياسياً واعياً وموقف ايجابياً جداً مع الثورة الاسلامية في ايران وبقي هكذا الى الآن، وعدّه بان موقفه هذا كان نابعاً من ارتباطه بالقضايا القومية والوطنية ومن قراءاته للعلاقات الدولية وموقفه من نظام الشاه الذي كان يعد من الانظمة الاكثر ارتباطاً في الكيان الصهيوني في المنطقة، والاكثر علاقة بما يعرف بالانظمة الرجعية في المنطقة العربية، ومن الداعمين الكبار لما حدث من تطبيع مصري على يد انور السادات والذي استضاف الشاه بعد سقوطه هو والحسن الثاني في المغرب.
واوضح حسن، ان حركة النهضة أنذاك التي لم تؤسس بعد، كان اتجاهها اسلامي، ثم بعد ذلك كانت حركة النهضة من بين المساندين تماماً للثورة الايرانية التي فسحت المجال لبروز القوى الاسلامية والسياسية ذات المرجعية في المنطقة، واعتبر الثورة الاسلامية تعتبر نقطة تحول مفصلية في التاريخ، لان ايران كانت تتحرك على بركان منذ الاربعينيات وفي 53 ابان ثورة محمد مصدق الذي وقع عليه انقلاب بدعم امريكي والساباك وغيره، ثم الاحداث التي وقعت في 63 بداية التحرك نظراً لما قام به شاه ايران العديد من الاجراءات اعُتبرت معادية لهوية الشعب الايراني وانتماءه وثقافته وكذلك لحضارته وحقوقه المدنية والاقتصادية. واضاف حسن، ان الثورة الاسلامية توجت مرحلة كبيرة من معاداة نظام الشاه، مبيناً بان سقوط نظام الشاه قد زعزع الكثير من الانظمة العربية.
التحول الكبير الذي وقع في المنطقة
وعبر حسن عن موقفه الشخصي والسياسي تجاه ايران وللثورة الاسلامية، هو انها تدعم القضية الفلسطينية بشكل مطلق، ودعم كامل للمقاومة الفلسطينية، ووقفت الى جانب هذه القضية العادلة وهي تعتبر قضية مركزية كعرب، مشيراً الى ان موقفه هذا استراتيجي من كل القضايا في العالم، وان الحديث عن صراعات ايرانية عربية هو ضرب للقضايا العربية، ولا يخدم القضية الفلسطينية ولا قضية ايران ولا قضية العالم الاسلامي عامة.
وشدد حسن على ان هناك تحولا كبيرا وقع في المنطقة بعد سقوط نظام الشاه الذي كان في خندق آخر معادي ومتآمر، وانتصار الثورة الاسلامية في ايران وتحولها الى الخندق الوطني المرتبط بقضايا العالم الاسلامي و قضية القدس وفلسطين، واعرب عن اسفه بافتعال صراعات بين البلدان العربية مع ايران الثورة، لا علاقة له لا بالدين ولا بالطائفة السنية او الشيعية، انما جاءت لاعتبارات سياسية محضة، لان انتماء الشعب الايراني المذهبي الديني بعد الثورة هو نفسه الانتماء ايام الشاه، له قضايا معينة لكن الاسلام واحد، رافضاً التفريق بين هذين الانتماءين، معتبراً ان اشعال الفتنة الطائفية والمذهبية هو تآمر على القضايا بكل وضوح.
موقع ايران في المنطقة والعالم
ودعا حسن، حكام العرب الى الفطنة بان المصير واحد والقضية واحدة، ولا يمكن اخراج ايران من تموضع القضايا الخاصة بمنطقة الشرق الاوسط، سواء القضية الفلسطينية او القضايا المحيطة بها، لان العالم الاسلامي اولاً يعاني من نفس الكيان الغاصب، وثانياً يجب ان تكون طموحات الشعب الايراني والشعوب العربية في نهاية المطاف واحدة، من اجل ارساء العدل في المنطقة لاسترجاع الحقوق وبناء مصير متحرر من الاستعمار والتدخلات الاجنبية.
ولفت الى ان ايران تعاني من حصار وتعاني من محاولات رفض ان تحصل على حقها في التقدم وحقها في الحصول على الطاقة النووية والتي هي لاغراض سلمية بحتة، مؤكداً ان الكيان الصهيوني لا يريد لأي دولة عربية او اسلامية ان تمتلك العلم والطاقة والقدرة، ولكن ايران اثبتت انها تمسك بسيادة قرارها الوطني وتمسك باهدافها الوطنية واثبتت في كل المناسبات والحوارات والصراعات وانواع الحصار، انها لا تتراجع استراتيجياً ومبدئياً، ولكنها تحاول ان تتنازل عندما يكون من اجل اطفاء نيران الفتنة، وهذا ما يتأكد منه الاطراف المحاصرة (امريكا والاتحاد الاوروبي) اكثر من ايران نفسها، حينما تأكدوا بان ايران متمسكة ببرنامجها النووي وهو برنامج سلمي وعلمي ومن حقها الكامل بامتلاكه اسوة بكل الدول التي تريد ان تمتلك طاقاتها وقدراتها.
واعرب عن اسفه لوجود اطراف عربية تدخل في صراع مع ايران، في حين يجب ان تكون اليد موحدة، فهناك مؤتمر اسلامي يجمعنا وهوية وثقافة وحضارة اسلامية كبيرة جداً لايران كما للبلدان العربية وفي نهاية المطاف تكون امة عربية اسلامية توحدها راية الاسلام المتسامح المعتدل الوسطي الذي يرفض العنف والارهاب والخضوع، فلا يمكن ان تكون ارادتنا بغير ايدينا.
خلافات جانبية تخدم العدو الصهيوني
وثمن حسن صمود ايران وشعبها في وجه كل هذه الصراعات، مشيراً الى ان هناك ثمة صراعات اخرى كانت تكلفتها غالية جداً كالساحة الفلسطينية واللبنانية والسورية واليمنية وحتى في الحرب العراقية الايرانية التي هدرت الكثير من طاقات العربية والايرانية ولم يستفد منها الا العدو الصهيوني، حيث كانت اهدافه ضد الثورة الاسلامية ليس لانها ايران الشيعية او مع الدول العربية السنية، مبيناً بان هناك بعض الدول السنية كانت تعادي حركة حماس التي لا تضم اي شيعة، معتبراً ان هذا الامر قد ذكره قصداً باعتبار انه لا علاقة له بالسياسة حيث هناك دولا غير اسلامية، دولا مسيحية وقفت الى جانب القضية الفلسطينية، فما بالك اذا كانت دولة مسلمة كدولة ايران الصديقة والتي تتبنى القضية الفلسطينية اكثر بكثير من الدول العربية.
نجاح تجربة الامام الخميني
واعتبر الامام الخميني “قدس سره” قائد الثورة الاسلامية وملمها وزعيمها وهو مؤسس الجمهورية الاسلامية في ايران، قضى 40 عاماً معارضة لنظام الشاه، منها 14 عاماً قضاها في المنفى، جمّع القوى حوله، وقال ان تجربة الامام الخميني في الثورة كانت تجربة رائدة.
واكد حسن، ان التونسيين رأوا كيف توحدت القوى الوطنية الايرانية من اسلامية وليبرالية وعلمانية ويسارية كلها ضد نظام الشاه، وكيف سقط هذا النظام في الشارع بيد جمهوري عديد ومتنوع، وبموقف وطني وقفته القوى التابعة لمؤسسات الدولة وفي مقدمتها الجيش عندما رفض الالتزام بأوامر الشاه لقمع وقتل المتظاهرين رغم وقوع العديد من الضحايا، ولهذا تعتبر تجربة الامام الخميني كانت جامعة، اسس لجمهورية كانت تعتبر دولة ايران ابعد ما يكون عن ذلك التوجه، بعدما كانت دولة اوغلت في التغريب، وفي العلاقة مع الغرب والارتباط بالكيان الصهيوني، وكانت المفاجأة ان ايران تقوم كالمارد من قمقمه وتنتصر وتحقق مساراً رغم ما حيك ضدها المؤامرات في الداخل والخارج.
كما لفت الى ان القادة الايرانيين انهم يعبرون دوماً عن رغبتهم في حوار عربي ايراني من اجل ارساء علاقات جديدة مع المملكة العربية السعودية والعراق ومع كل الدول في المنطقة، داعياً ان على دول المنطقة يجب ان تعي ان مصالحها واحدة وان مصيرها واحد.
النقاط البارزة لآية الله الخامنئي على نهج الامام الخميني
اكد حسن ان احدى النقاط البارزة لآية الله خامنئي هي مواصلة العهد ومسير الثورة كما هو الحال لكل نظام سياسي، ففي عهد رسول الله “صلى الله عليه وآله” كان هناك منافقون ومتآمرون والخلفاء الراشدون عاشوا الكثير منها، والكل يعرف معركة الجمل وكيف رُفعت سيوف اسلامية ضد سيوف اسلامية، داعياً الى اليقظة والوعي للتصدي للصراعات المتآمرة على الثورة الاسلامية والتي لن تكف ولن تنقطع ابداً، فمادام هناك حق فهناك باطل، فمادام هناك خير هناك شر، فمادام هناك نزوع الى البناء نجد ان هناك قوى تسعى الى التهديم، معتبراً ان وحدة الشعب الايراني هامة جداً والذي سيكون داعماً للثورة وللقيادة الايرانية، أما المتآمرون والمحاصرون فلا يمكن ابداً الاتفاق معهم، باعتبار ان هذا الاتفاق يصبح عبارة عن تنازل وتراجع لا يخدم الا مصالح المتآمرين والمعادين والمحاصرين، واكد ان ايران ثابتة على برنامجها ومتمسكة بمواقفها ووحدتها وتصميمها على المضي قدماً في نهج البناء والتقدم والتحرر، ومنفتحة على الحوار بنفس الوقت، فهي ليست البادئ في كل هذا الحصار الجائر والعدوان الذي اخذ اشكالاً اقتصادية واعلامية
جغرافية مبادئ الثورة الاسلامية
رأى حسن انه حينما تكون هناك قوى وطنية في تونس تناضل من اجل مصالح الشعب التونسي، يقولوا عنها انها مرتبطة بتيار آخر، او مرتبطة بتنظيمات اخرى، معتبراً ان هذا طبع البهتان والكذب ما اتى الله به من سلطان، كذلك في الساحة الفلسطينية واللبنانية، حزب الله اللبناني هو حزب وطني لبناني عميق متجذر في لبنان، وهو ايضاً تعامل في المقاومة اللبنانية الوطنية مع ليبراليين وقوميين وشيوعيين.
ووصف حسن، المقاومة اللبنانية الى جانب المقاومة الفلسطينية، بانهما فخر للتونسيين وحققت اكبر نصر على الكيان الصهيوني، ولذا لا نستطيع ان نقول ان ايران متآمرة على لبنان، كما هو الحال المشكلة الموجودة في اليمن ايضاً كبيرة داخلية ولا يمكن تحويل الشعب اليمني عن مذهبه وعن تاريخه بدعوى انه مرتبط بأيران، وعدّه بانه كلام لا ينبني على عقل، فلليمن له طبيعته وشخصيته، وبالتالي فان الخلافات الجانبية المفتوحة ضد ايران في المنطقة لا تخدم القضية الفلسطينية، وتحظى هذه القضية بالدعم من الجميع وايران كذلك اكبر دليل.
وقال: ليس من الصحيح اتهام ايران بانها تساند القضية الفلسطينية او انها لديها خلافات مع الغرب او انها تسعى الى بناء القوة النووية الموجهة للعرب، بل ان ان الطاقة النووية الايرانية هي لاهداف سلمية، داعياً العرب الى فتح صفحة جديدة في العلاقات مع ايران حتى يكونوا مع بعض في البحث عن موطئ قدم في التقدم والتنمية والازدهار والتحرر وفي السيادة الوطنية.
تفسير الثورة الاسلامية في ايران في تونس
اعرب عن اسفه بان التجاذبات السياسية والحزبية الضيقة في تونس طاغية على المواقف السياسية، مذكراً انه حينما اندلعت الثورة الايرانية كان في اليسار التونسي، صدرت حينها مواقف نادرة يعرف هو تفسيرها، لكن المواقف العامة هي معاداة كل من له نفس ديني، سني، شيعي، اباظي، اياً كان، بمعنى ان المواقف التي صدرت ليست من المحتوى التي تخص الثورة، وانما صادرة من الايديولوجية او من الفكر او من الثقافة الموجودة، ووصفها بالبلاء الكبير جداً.
ولفت الى ان حركة النهضة فيما لو تحقق الازدهار الكامل للشعب التونسي، هناك من لا يريد للنهضة إلا ان يفني النهضة ويقضي عليها لماذا والسبب بين قوسين نتيجة المرجعية العربية الاسلامية، واكد انه لم يتردد لحظة واحدة في معرفة بان ايران الى جانب القضية الفلسطينية والى جانب قضايا العرب، وضد الكيان الصهيوني، وهذا هو موقفه المبدئي المبني عليه، فيما غيره وهم كثيرون في الصف القومي واليساري ينظرون الى ايران اما لتاريخ صراعات عربية ايرانية فارسية قديمة وبتأويلات خاصة، او الى الاعتبار الاسلامي الذي تتسم به الثورة الايرانية، وبالتالي يتخذون منها موقفا، والعجيب انهم يجدون نفسهم في نفس التموقع الذي فيه اعداء الامة.
مستقبل ايران رغم الضغوط الصهيوامريكية
شدد حسن على ان اي شعب يمسك بزمام اموره، فانه ينتصر لا محالة، وان اي شعب يؤمن بقدراته وبامكانياته ويتمسك بحقوقه وبسيادته فانه لا يمكن قهر الشعوب ابداً، معتبراً ان الشعب الايراني عبر التاريخ تعرض الى الكثير الكثير من الاستبداد ومن التآمر ولكنه نجح بفضل ثورته وصامد الان، ورأى ان التاريخ لن يعود الى الوراء، وان الشيء الوحيد الذي ينتظره ويترقبه هو الحوار العربي الايراني الذي يرغب بان يؤسس وينجح ليطغى على الحسابات الضيقة وعلى النظرات المنغلقة لمصالح حكام وليست لمصالح الشعوب.
وفي رده على ماذا يقول عن ايران اذا ما تم سؤاله؟ أجاب حسن: ايران صديقة في أعلى مستويات الصداقة للقضايا العربية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.
وعن الامام الخميني “قدس سره”، أجاب: هو قائد ورمز وزعيم، ومؤسس الجمهورية الاسلامية.
وعن القائد آية الله الخامنئي، أجاب: هو الذي حافظ على مسيرة الثورة، وحافظ على عهد الثورة.
وعن القوة النووية الايرانية، أجاب: حق كامل لايران في امتلاك القوة النووية، وليست لمن يمتلك القوة النووية ويوظفها للشر وللحصار ليفرضه على دولة اخرى بألا تمتلك هذه القوة، لان هذا يكون لصالح الكيان الصهيوني فقط لا غير.
وعن القوة الصاروخية الايرانية، أجاب: حق ايران في امتلاك القوة الدفاعية وهذا لا يناقشه احد، وليست موجهة للعرب في أية حال، حتى يطمئن الجميع ويتأكد من ذلك.
ايران وفلسطين، أجاب: قضية القدس وفلسطين تعتبران قضية ايران بلا نقاش.
ايران ومحور المقاومة، أجاب: كذلك ايضاً، ايران داعمة كبيرة لمحور المقاومة، وهذا هو المنتظر، بمعنى انه لا يمكن مؤأخذة ايران على انها تدعم المقاومة، بل بالعكس علينا ان نثمن ذلك ونحييها.
وكالات