في زمن الذُلّ والهوان الذي يعصِف بالوطن العربيّ والعالم الإسلاميّ، وفي الحقبة التي بات فيها التطبيع مع كيان الاحتلال سلعةً رائجةً على حساب قضية الشعب العربيّ الفلسطينيّ، في هذا الوقت بالذات تبرز المواقف التي تؤكِّد بشكلٍ لا لبس فيه أنّ الأمّة العربيّة، أيْ الشعوب الناطقة بالضاد، وخلافًا للأنظمة الحاكِمة ترفض الاعتراف بإسرائيل، التي زرعتها الإمبرياليّة والرجعيّة العربيّة والصهيونيّة في فلسطين، وهذا المواقف المُشرِّفة تُبقي الأمل بأنّ النهضة العربيّة قادمة لا محال.
وفي هذا السياق، تؤكِّد الجزائر، بلد المليون ونصف شهيد، يومًا بعد يومٍ، التزامها بدعم قضية فلسطين، ربّما عملاً بمقولة الرئيس الجزائريّ الأسبق، الراحِل هواري بومدين، الذي أرسى قوله المأثور “مع فلسطين ظالمة أوْ مظلومة”، إذْ أنّ المواقف الداعِمة لفلسطين وللقضايا العربيّة، التي تتخذها تُقابَل في تل أبيب بعدوانيةٍ وتهديدٍ ووعيدٍ.
إلى ذلك، أصدرت اللجنة الوطنية الفلسطينية لمقاطعة إسرائيل، أوسع ائتلاف في المجتمع المدني الفلسطيني وقيادة حركة المقاطعة (BDS)، بيانًا اليوم الجمعة توجهّت فيه بالتحية للجزائر الشقيقة وبرلمانها وشعبها الشقيق، على ضوء قرار مجلس النواب الجزائريّ بالانسحاب من رئاسة (لجنة مكافحة الإرهاب) في الاتحاد البرلماني الدولي احتجاجًا على اختيار إسرائيل في عضويتها، وذلك انسجامًا مع الموقف الجزائري الثابت تجاه القضية الفلسطينية.
وجاء في البيان، الذي تلقّت (رأي اليوم) نُسخةً منه، أنّ “هذا ليس بالموقف الجديد بالنسبة للجزائر، التي لطالما كانت داعمةً للشعب الفلسطيني وحازمةً بشأن موقفها من التطبيع مع العدوّ الإسرائيلي، غير أنّه يحمل الكثير من الدلالات المهمّة، خاصةً في هذا الوقت الحرج الذي تهرول فيه بعض الأنظمة العربية الاستبدادية غير المنتخبة نحو التطبيع مع إسرائيل والتحالف معها، غير آبهةٍ بالغالبية العظمى من شعوبها التي لا تزال ترى في إسرائيل عدوّها الأول”.
وأوضح البيان: “تقدّم الجزائر اليوم نموذجًا مهمًا للتحرّك الدولي ضد إسرائيل، وذلك عبر الدور القيادي المهم الذي تلعبه في المحافل الدولية كما شهدنا في الاتحاد البرلماني ومن قبله الاتحاد الأفريقي”.
علاوة على ما جاء أعلاه، شدّدّ البيان على أنّ “الجزائر تضرب اليوم، وعلى أعتاب الذكرى الخامسة والسبعين من نكبة الشعب الفلسطيني، مثالاً يحتذى به في المحافل الدولية”.
واستطرد البيان: “لقد حان الوقت لاتّخاذ خطواتٍ ملموسةٍ عبر تصعيد مقاطعة إسرائيل وكلّ مَنْ يمثلها في المحافل الدولية لنصل لمرحلة نستطيع فيها إرغام الأجسام الدولية، مثل الاتحاد البرلماني الدولي والفيفا، على طرد إسرائيل من عضويتها، خاصةً في الوقت الذي تتنامى فيه عزلة إسرائيل على الصعيد الشعبي عالمياً، وفي ظلّ الحكومة الإسرائيلية الحالية الأكثر تطرفاً وعنصرية وأصولية ومخطّطاتها تجاه شعبنا وأرضه”.
وخلُص البيان إلى القول: “تجدّد حركة المقاطعة (BDS) دعوتها لطرد الكنيست الإسرائيليّ من عضوية الاتحاد البرلماني الدولي بسبب الدور المحوري الذي يلعبه هذا البرلمان في تشريع مخططات التطهير العرقي ضدّ شعبنا وتكريس منظومة الاستعمار الاستيطاني والأبارتهايد، وتؤكّد على ما دعا له رئيس مجلس الأمة الكويتي السابق مرزوق الغانم بضرورة تحركٍ برلمانيٍّ عربيٍّ لتحقيق هذا المطلب. هذا بالإضافة إلى تجديد دعوتنا لتصعيد الضغط الشعبي على المستوى الرسمي الفلسطيني لوقف التطبيع الذي يقوّض مساعي عزل إسرائيل”، على حدّ تعبير بيان اللجنة الوطنية الفلسطينية لمقاطعة إسرائيل.
وجديرٌ بالذكر أنّ إسرائيل لا تخفي تأييدها العارِم والعلنيّ لسيادة المغرب على الصحراء الغربيّة، الأمر الذي يُفسِّره العديد من المراقبين والمحللين والخبراء بأنّه خطوة إسرائيليّة مُحكمة، مدعومة من أمريكا للتحرش بالجزائر، المعروفة بمواقفها المؤيِّدة للشعب الفلسطينيّ، ورفضها أيّ شكلٍ من أشكال التواصل مع كيان الاحتلال.
كما أنّ هذه الخطّة تقضي بإذكاء الصراعات العربيّة-العربيّة لما في ذلك من مصلحة للكيان والراعي الأكبر له، الولايات المتحدة الأمريكية، علمًا وأنّه على لسان العديد من حُكّام إسرائيل، ومنهم مَنْ زاروا المغرب، أكّدوا اعتراف الكيان بسيادة المغرب على الصحراء الغربيّة.
وكان وزير خارجيّة إسرائيل السابِق، يائير لبيد، قد صرح خلال زيارته للمغرب (11.08.21) عن قلق دولة الاحتلال من التقارب بين إيران والجزائر، ودور الجزائر في شنّ حملةٍ ضدّ قبول إسرائيل في الاتحاد الإفريقيّ، وفق تعبيره.
رأي اليوم