تسود في تونس مخاوف من أزمة كهرباء بسبب قرار الجزائر مضاعفة أسعار الغاز الذي تستخدمه تونس في توليد الطاقة الكهربائية.
وحذر كاتب عام جامعة الكهرباء والغاز التابعة للاتحاد العام التونسي للشغل عبدالقادر الجلاصي من عدم تمكن تونس من إنتاج الكهرباء بالنظر إلى ما قال إنه رفض الجزائر مستقبلا إمداد تونس بالغاز، واصفا الوضع بـ”الكارثي”.
وأوضح الجلاصي على هامش أشغال الجامعة العامة للنفط والمواد الكيميائية التي انعقدت السبت بمدينة الحمامات (شمل شرق تونس) أن 70 في المئة من حاجات تونس من الغاز تلبيها الجزائر بينما تتأتى البقية من الإنتاج الوطني.
وأضاف أن الجزائر ترفض الآن مد تونس بالغاز لسبب بسيط يكمن في أن علاقة الجزائر بتونس في ما يتعلق بالغاز تتمثل في ثلاثة مستويات.
وتابع “المستوى الأول خاضع لضريبة المرور، وأما المستوى الثاني فيتمثل في العلاقة التعاقدية بين البلدين بشأن الحصول على نسبة معينة من الغاز. ويتمثل المستوى الثالث في أن نسبة من الغاز تحصل عليها تونس خارج العلاقة التعاقدية”.
وبحسب الجلاصي يكمن الإشكال في أن الجزائر ترفض اليوم مد تونس بكمية الغاز التي تحصل عليها خارج العلاقة التعاقدية، وهو ما يعني أن تونس “لن تستطيع إنتاج الكهرباء باعتبار اعتمادها على هذه الكميات في عملية الإنتاج”.
وأشار كاتب عام جامعة الكهرباء والغاز إلى أن الجزائر اشترطت على تونس مراجعة أسعار الغاز مقابل إعطائها الكميات المذكورة، مشددا على أن تونس تدفع قرابة 5.4 مليار دينار (1.8 مليار دولار) سنويا لشركة “سوناطراك” النفطية الجزائرية.
وبمراجعة الأسعار التي تقترحها الجزائر سيتضاعف المبلغ ليصل إلى نحو 10 مليارات دينار (3.3 مليار دولار). ومن شأن هذه الشروط أن تعمق الضغوط على السلطات التونسية التي تواجه أزمة اقتصادية غير مسبوقة وسط تعثر المحادثات مع المقرضين الدوليين.
ومن غير المعروف ما إذا كانت الجزائر تضغط على الرئيس التونسي قيس سعيد بهذه الشروط لاسيما في ظل تواتر الأنباء بشأن توتر العلاقات بين البلدين منذ القرارات الاستثنائية التي اتخذها سعيد في 25 يوليو الماضي التي أزاحت حركة النهضة الإسلامية والأحزاب الدائرة في فلكها عن الحكم.
وقال الجلاصي إن “الوضع كارثي فعلا، ومن المحتمل ألا نجد في الصيف غازا لننتج الكهرباء وهذا حذّرنا منه سابقا وأطلقنا صيحة فزع، وعلى المسؤولين التدخل لدى الجانب الجزائري”.
ويخشى الاتحاد أن تسرع هذه الضغوط التي تمارسها الجزائر من خطوات خصخصة الشركة الوطنية للكهرباء. وقال الأمين العام لاتحاد الشغل نورالدين الطبوبي خلال كلمة ألقاها في اختتام أشغال الجامعة العامة للنفط والمواد الكيميائية، متوجّها لوزيرة الصناعة نائلة شعبان “ترغبون في تحويل ‘الستاغ’ (شركة الكهرباء والغاز) إلى شركة مناولة، لن نسمح بذلك وهذا لن يكون”.
ونظم موظفو وعمال “الستاغ” في مارس الماضي وقفة احتجاجية أمام مقر وزارة الصناعة بالعاصمة التونسية للتعبير عن رفضهم لتوجه الحكومة لخصخصة الشركة.
ومنذ الثورة تتواتر الأنباء بشأن سعي الدولة للتفويت في عدد من المؤسسات العمومية على غرار الخطوط الجوية التونسية وشركة فوسفات قفصة والتلفزيون العمومي التونسي وشركة الكهرباء.
وكانت شركة الكهرباء أقرت في بلاغ سابق أصدرته مطلع العام الجاري بأن العجز في نتيجة الحسابات الصافية لسنة 2018 البالغ ملياري دينار (606 ملايين دولار) يعود إلى شراء الغاز الطبيعي بالعملة الصعبة.
وأخذت القروض التي أغرقت الشركة التونسية للكهرباء والغاز منحى تصاعديا زاد في إرباك وضعها المالي وعمّق أزمتها حيث بلغت قيمة القروض قريبة المدى نحو مليار دينار زادت حدتها مع ارتفاع وتيرة الدفوعات المتعلقة بفواتير شراءات المحروقات والشركة مطالبة بسدادها. وبلغت قيمة القروض الجملية للشركة أكثر من ملياري دينار من بينها 501 مليون دينار لفائدة المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية “إيتاب”، و643 مليون دينار لفائدة “سوناطراك” الجزائرية.
ويلعب أنبوب الغاز الجزائري المتجه إلى إيطاليا والذي يمر عبر الأراضي التونسية دورا استراتيجيا واقتصاديا مهما لتونس، إذ يساهم في تأمين تزوّد البلاد التونسية بالغاز الطبيعي، حيث مثل الغاز الجزائري بين إتاوة وشراءات حوالي 66 في المئة من الاستهلاك الوطني التونسي سنة 2020 فضلا عن توفيره لموارد لميزانية الدولة التونسية.
وفي سنة 2020 تم التفاوض مع الحكومة الإيطالية والتمديد في الاستغلال لمدة 10 سنوات بمقتضى القانون عدد 63 لسنة 2019، علما أنه بالإضافة إلى المحافظة على الإتاوة تم الاتفاق على معلوم جديد لكراء سعة النقل بـ143 مليون دولار للسنوات العشر.