عادت فرنسا لتكشف فرنسا عن وجهها الحقيقي عبر حملة تضليلية متجدّدة، مستخدمة ذراعها الإعلامية “قناة فرانس 24” لبثّ سموم وفبركة مغالطات تتنافى مع الواقع، حيث ارتضت تعاطياً وضيعاً مع مأساة حرائق الغابات التي شهدتها الجزائر قبل أسبوع.
كعادتها القديمة، تتحيّن فرنسا الرسمية الفرص لخدمة أجندات ضدّ الجزائر وعدة دول إفريقية عبر ترويج الأخبار المغلوطة وزرع الفتن وتهديد استقرارها، وتبحث باريس عن مواصلة فرض سياساتها الاستعمارية على الدول الإفريقية، تتناسى أننا في القرن الواحد والعشرين الذي ترفض فيه الأجيال الجديدة الاستعمار بكل أشكاله وعليها أن تعي جيداً أنّ الاستعمار مرحلة مضت وانتهت.
المرامي الشيطانية للقناة الحثالة
بدل أن تلتفت قناة “فرانس 24” التي تموّلها الحكومة الفرنسية، إلى ما يجري في بلدها وترتّب أمورها أولاً، نزع الجهاز التابع لمجمع “فرانس ميديا موند” إلى نفث السموم ضد الجزائر.
وتزامناً مع سلسلة الحرائق الناشبة في كل من اليونان وإيطاليا وكورسيكا وإسبانيا والجزائر، لم تجد قناة “فرانس 24” المبتذلة والمشينة سوى استهداف الجزائر، كعادتها ودون أدنى احترام لأرواح الضحايا، وكأن الحرائق لم تطل سوى الجزائر دون غيرها مع أنّ عدّة دول في الحوض المتوسطي تحترق بسبب موجة حرارة قياسية تجاوزت 50 درجة مئوية.
وإذا كانت المشاهد تتعدد وتتكرر في كورسيكا وفرنسا وإسبانيا والجزائر، في صورة الهكتارات من الغابات المشتعلة التي دمرتها ألسنة النيران مخلفة عشرات الضحايا، إلاّ أنّ قناة “فرانس 24” التي قرّر عرّابوها استهداف الجزائر، لم تحترم القواعد الأساسية لأخلاقيات المهنة من خلال تعديها بشكل كلي على ضوابط وقواعد الإعلام، وتركيزها بشكل مشبوه حول منطقة معينة في الجزائر بما يخدم مرامٍ شيطانية لا تمتّ بصلة لأي عمل إنساني.
ولفتت وكالة الأنباء الجزائرية، إلى أنّ العاملين بقناة “فرانس 24” الحثالة، الذين يتلقوا أوامرهم بخصوص الجزائر، من أحد المقربين من قصر الإليزيه المعروف بصلته الأكيدة مع منظمة “الماك” الإرهابية، أن يتحلوا ولو بالقليل من الموضوعية في هذه الأوقات العصيبة والأليمة، بعدما اجتاحت الجزائر ما لا يقلّ عن 97 حريقاً عبر 17 ولاية نتيجة درجات الحرارة الشديدة والرياح العاتية التي أدت إلى الانتشار السريع للنيران.
وكان يجدر بقناة الشر والفوضى والتلاعبات أن توقّف أكاذيبها المفضوحة حول الجزائر التي لم تدخر أدنى جهد و سخرت كافة الوسائل المادية و البشرية لإخماد الحرائق، ورغم الأحوال الجوية غير المواتية للتدخل الجوي لطائرات الإطفاء في اليوم الأول، إلا أنّه تمت السيطرة على جميع بؤر الحرائق في ظرف 48 ساعة وهو ما لم يحدث للأسف في بعض البلدان الأوروبية التي تقع على البحر المتوسط، أين يستمر مكافحة حرائق الغابات لليوم الثاني عشر توالياً.
ومن الواضح أنّ فرنسا وأبواقها لم تع تعلّم الدولة الجزائرية الدرس من حرائق 2021، حيث جنّدت طائرة بسعة 12 ألف لتر وست طائرات خاصة بمكافحة حرائق الغابات وتسع مروحيات لمكافحة هذه الحرائق مع العلم أنها وسائل تمتلكها الجزائر فقط في المنطقة، ناهيك عن سرعة التكفل بالضحايا وانطلاق عمليات الإغاثة في وقت قياسي.
وبشكل دنيئ، راحت “فرانس 24” تركّز على حرائق ولايتين فحسب، دون الولايات الـخمسة عشرة الأخرى، في معالجة مخجلة لملف الحرائق في الجزائر، في تكريس من دعاة الاستعمار الجديد وحماة حركة “الماك” الارهابية، لخط أعرج يتظاهر بالعمى و الصم إزاء الجزائر الصاعدة.
فرنسا لم يعد لها مكان في إفريقيا
السؤال يطرح نفسه: “ماذا ينتظر مسؤولو السمعي البصري الخارجي الفرنسي لاستخلاص الدروس وفهم مغزى رفض هاته القناة من طرف عديد الدول الإفريقية؟ إذْ لم يعد لفرنسا مكان في إفريقيا، التي أضحت غير مرغوب فيها, فاللوم يقع على عاتق مجمعها الإعلامي “فرانس ميديا موند” الذي يبث الكراهية ويحرّض على الفوضى.
ولعلّ الأفارقة الذين يتطلعون إلى غد أفضل، أضحوا لا يرغبون في وسيلة إعلام أخرى تعدّ امتدادً لسياسة الرئاسة الفرنسية، كما كان عليه الحال في وقت مضى مع إذاعة “ألف تلة” برواندا، وهو المثال الذي يقتدي به محركو الدمى الاستعماريين الجدد بـ “فرانس 24″، الذي يستهدف منطقة واحدة من البلد مع العلم أن أحد محركي الدمى يتقلد وظيفة سامية كسفير فرنسي ومندوب وزاري مكلف بحوض البحر المتوسط و الذي تعتبر إحدى قريباته “مختصة” في تشويه سمعة الجزائر”.
وباتت الدول الإفريقية على اختلاف لغاتها ودياناتها، مطالبة بأن تتحدّ في وجه كل من يحاول طمس هويتها وزرع الفتن في أواسط شعوبها والتربص بأمنها السياسي والاقتصادي، ويعوّل على الجزائر كدولة رائدة وقوية لقيادة القارة الإفريقية نحو مستقبل أفضل للأفارقة.
والأكيد أنّ الغرب الذي لم يفلح في بسط سيطرته على إفريقيا عسكرياً، يتخذ من وسائل الإعلام سلاحاً لزعزعة استقرار الحكومات في القارة السمراء، وهي إستراتيجية ماكرة.
وكالات