يظهر سجل المبادلات التجارية الجزائرية الاسبانية اختلالا تاريخيا وغير مسبوق لفائدة الجزائر، ميزه استمرار تدفق النفط والغاز الجزائري إلى البلد الأوروبي بأسعار مرتفعة، مقابل جمود شبه كلي في البضائع الاسبانية القادمة نحو الجزائر منذ جوان الماضي، بشكل جعل مدريد تكتوي بنيران هي من كانت وراء إشعالها.
في هذا السياق، تشير بيانات كتابة الدولة الاسبانية للتجارة الخارجية، اطلعت عليها “الشروق” إلى أن صادرات الجزائر نحو هذا البلد الأوروبي بلغت حتى الآن (10 أشهر من 2022)، ما مجموعه 5 مليار و227 مليون و684 ألف و702 يورو، مقابل واردات جزائرية من اسبانيا بلغت 966 مليون و725 ألف و561 يورو.
وبمقارنة بسيطة مع السنة الماضية، وفق بيانات الهيئة ذاتها، يتضح أن ما صدرته الجزائر في الأشهر العشرة الأولى من السنة الجارية إلى اسبانيا، يفوق كامل مبيعاتها إلى هذا البلد طيلة عام 2021، إذ بلغت العام الماضي 4.768 مليار دولار، مقابل 5.227 مليار دولار في 10 أشهر فقط من 2022.
أما واردات الجزائر من اسبانيا خلال العام 2021 فبلغت وفق الوثيقة ذاتها 1.887 مليار دولار، في حين لم تصل 1 مليار دولار خلال العشرة أشهر الأولى من 2022، وتشير البيانات على أنها بلغت 966 مليون دولار.
ويستشف من هذه البيانات أن الطرف الاسباني لم يتكبد فقط خسائر لقطاعه الاقتصادي جراء تراجع الصادرات نحو الجزائر بأكثر من مليار دولار حتى الآن، لكن بالمقابل ارتفعت الصادرات الجزائرية بشكل لافت نحو مدريد، من 4.7 مليار يورو في كامل سنة 2021، إلى 5.2 مليار يورو خلال 10 أشهر فقط من 2022.
ويمكن تفسير هذه البيانات أيضا بأن مدريد التي أرادت تقديم هدية لنظام المخزن المغربي، بإعلان رئيس حكومتها بيدرو سانشيث دعم مقترح الحكم الذاتي، اكتوت بنيران هي من كانت وراء إشعالها، فمن جهة الصادرات الجزائرية تتدفق من دون انقطاع نحو إسبانيا وجلها غاز ونفط، لأنها في نهاية المطاف لا يمكنها أبدا التخلي عن هذين الموردين الطاقويين، وتدفع مقابلهما بأسعار مرتفعة خصوصا بعد مراجعة عقود توريد الغاز لصالح شركة ناتورجي قبل أسابيع من طرف الشركة الوطنية سوناطراك.
وحسب وسائل إعلام اسبانية بلغت خسائر المصدرين نحو الجزائر 339 مليون دولار بنهاية شهر أوت الماضي، مقارنة بنفس الفترة من 2021.
وسبق لرئيس النادي الجزائري الاسباني للتجارة والصناعة، جمال الدين بوعبد الله، التأكيد في اتصال مع “الشروق”، أن مدريد تتجه لخسارة حجم صادرات نحو الجزائر بقيمة قد تصل 1.4 مليار يورو بنهاية العام الجاري، في ظل الجمود الجاري بين البلدين الذي أعقب تعليق اتفاقية الصداقة وحسن الجوار شهر جوان الماضي، مقابل استمرار تدفق الغاز والنفط الجزائري على مدريد، مشيرا إلى أن مبيعات الجزائر نحو اسبانيا مستمرة، لكن في الاتجاه المعاكس لا شيء يتم تصديره نحو الجزائر منذ جوان الماضي.
الشروق