قدّم الفنانون الجزائريون الكثير من الإضافات على فن المنمنمات، وبرز تحديداً اسم محمد راسم (1896-1975)، الذي يعده النُقّاد مؤسّس هذا الفن في الجزائر.
إذ حافظ محمد راسم في أعماله على أصالة هذا الفن، وتميّزت لوحاته بالدقة، والحسّ الجمالي في التعبير، وحسن اختيار الألوان، وتصوير جوانب من الحياة الجزائرية. ثم واصل عدد من الفنانين هذه المسيرة، ومنهم أحمد خليلي، المنحدر من ولاية سكيكدة (شرق الجزائر).
واستند خليلي في أعماله إلى تراكم الخبرات التي تشكّلت لديه، بداية من تخرُّجه في المدرسة العليا للفنون الجميلة بالجزائر، ثم عمله أستاذا للتربية التشكيلية بمدينة سكيكدة.
ويُعرفُ خليلي بمزجه بين فني المنمنمات والزخرفة، إذ تجمع لوحاتُه بين هذين الفنّين، وهذا ما يمنحُ أعماله نوعاً من الخصوصية. ومع ذلك، يؤكد خليلي، في تصريح لوكالة الأنباء العمانية، أنّه يميل إلى فن المنمنمات لأنّه
يعطيه “حرية أكثر في التعبير، عكس الزخرفة التي تعتمد على التركيب والتلوين”.
أمّا بالنسبة لخصوصية لوحاته الفنيّة، فهو يعتمد في إنجازها على الموروث الثقافي الجزائري، كما يستمدُّ مواضيعه من الواقع، وهو الأمر الذي يعدّه “امتداداً لخصوصية المدرسة الجزائرية في فن المنمنمات”، التي تختلف عن المدرستين الإيرانية والتركية اللّتين تعتمدان على مواضيع خيالية صوفية، وعلى إدخال نصوص كتابية ألوانُها مسطّحة لا تعتمد على المنظور اللّوني.
ويرى خليلي أن فنّي المنمنمات والزخرفة يتطلبان الصبر، كما أنّهما يعتمدان على أدوات وألوان وورق خاص، وهذا ما يجعل الإقبال عليهما ضعيفاً، مُقارنة ببقية فنون الرسم، مع أنّ العديد من المدارس الوطنية للفنون الجميلة بالجزائر وقسنطينة وباتنة وتلمسان، تقوم بتدريسهما.
ويُرجعُ خليلي العزوف عن هذين الفنّين لدى الطلبة إلى انعدام سوق بيع لوحات المنمنمات والزخرفة، على خلاف ما حدث في بعض الدول التي طوّرت سوقًا عالميًّا لهذه الفنون.
ويشير إلى أن هناك بعض الأروقة الفنيّة في الجزائر العاصمة، بدأت الاهتمام بالأعمال المُنجزة في إطار فنّي المنمنمات والزخرفة.
وللنهوض بهذه الفنون، يعتقد خليلي أنّ على الدولة أن تمنحها المزيد من الاهتمام، وأن تقوم بإدخالها ضمن برامج المدارس الوطنية، وأن تقوم أيضا بإنشاء أكاديميات عبر الولايات لفني الزخرفة والمنمنمات، وخاصة الأسلوب الجزائري في فن المنمنمات المتميّز عن أساليب المدارس الأخرى، وهو الأمر الذي جعل طلبة العديد من الدول الآسيوية يقصدون الجزائر، في سنوات السبعينات، لدراسة فن المنمنمات على الطريقة الجزائرية.
وكالة الأنباء العمانية