في إطار تعزيز التعاون العسكري والأمني بين الدول الإفريقية، وقع المغرب وبوركينافاسو اتفاقية تهدف إلى التصدي للمخاطر الإرهابية المتزايدة في منطقة الساحل. تأتي هذه الاتفاقية على هامش زيارة اللواء كاسوم كوليبالي، وزير الدفاع وقدماء المحاربين في بوركينافاسو، إلى المملكة المغربية، حيث التقى بكل من عبد اللطيف لوديي، الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالدفاع الوطني، والفريق أول محمد بريظ، المفتش العام للقوات المسلحة الملكية قائد المنطقة الجنوبية.
أهمية التعاون العسكري بين المغرب وبوركينافاسو
التدريب والتمارين العسكرية
تشمل الاتفاقية الموقعة بين البلدين مجالات التدريب والتمارين العسكرية وتبادل الخبرات والتجارب بين المؤسسات المكلفة بالدفاع في كلا الدولتين. هذا التعاون يعكس التزام المغرب بتقديم الدعم الفني والعسكري لبوركينافاسو في مواجهة التهديدات الإرهابية.
تعزيز الأمن الإقليمي
شدد وزير الدفاع البوركينابي على الأهمية التي توليها بلاده للشراكة مع المملكة المغربية، مشيدًا بالمبادرات الإقليمية التي أطلقها المغرب تحت قيادة الملك محمد السادس لفائدة الدول الإفريقية. هذه المبادرات تجعل الرباط فاعلاً أساسيًا في تحقيق الاستقرار وضمان السلم والأمن الإقليميين.
المبادرة الأطلسية
أهداف المبادرة
تعد بوركينافسو من أوائل دول الساحل التي عبرت عن استعدادها للانخراط الجدي في المبادرة الأطلسية التي أطلقها المغرب لفائدة هذه الدول من أجل الولوج إلى المنفذ البحري الأطلسي. تهدف هذه المبادرة إلى إعادة تشكيل ملامح التعاون والاندماج الاقتصادي بين الدول الإفريقية لتحقيق المصالح والرؤى المشتركة.
تعزيز التعاون العسكري
أصبحت مجموعة من الدول تعول على تعزيز تعاونها مع الرباط في مختلف المجالات، بما في ذلك المجال العسكري، من أجل تحديث منظوماتها الدفاعية والأمنية لمواجهة التهديدات المحدقة بالمنطقة. المملكة المغربية عبرت في أكثر من مناسبة عن رفضها للأدوار التدخلية في هذه المنطقة أو محاولات فرض الوصاية الخارجية عليها.
التهديدات الإرهابية في منطقة الساحل
مثلث الموت
قال عبد الرحمان مكاوي، خبير في الشؤون العسكرية، إن توقيع الاتفاق العسكري بين المغرب وبوركينافاسو يأتي في إطار التقارب المغربي مع دول الساحل على ضوء المبادرة الأطلسية التي تقدم بها المغرب، وعلى ضوء التهديدات الإرهابية المتنامية التي يشهدها “مثلث الموت” على الحدود بين مالي والنيجر وبوركينافاسو.
الحاجة إلى التدريب والتكوين
أضاف المكاوي أن بوركينافاسو في حاجة إلى تكوينات وتداريب عسكرية لمواجهة الإرهاب الذي يتهدد وجودها كدولة، خاصة على مستوى تدريب المظليين والقوات الخاصة. المغرب راكم تجربة مهمة سواء في تدريب القوات الأجنبية أو في مواجهة الإرهاب، وهذا ما يفسر توجه بوركينافاسو إلى إبرام اتفاق تعاون عسكري مع المغرب.
استعمال الطائرات المسيرة
أشار المكاوي إلى أن القوات البوركينابية بحاجة أيضًا إلى التجربة المغربية من أجل التدرب على أحدث التقنيات المرتبطة بالإرهاب، مثل استعمال الطائرات المسيرة لضرب الأهداف الإرهابية.
خبرة المغرب في المجال الأمني والعسكري
الطلب الإفريقي المتزايد
شدد الخبير العسكري ذاته على أن خبرة المؤسسات الأمنية والعسكرية المغربية في هذا المجال أضحت مطلوبة ليس فقط على الساحة الإفريقية، بل باتت تبرز الحاجة إلى هذه الخبرة بقوة لدى دول الساحل التي وحدت جهودها وإمكانياتها من أجل مواجهة مختلف هذه التهديدات.
تكوين القيادات العسكرية
أوضح محمد شقير، باحث في الشؤون الأمنية والعسكرية، أن الانسحاب العسكري الفرنسي من منطقة الساحل دفع بدول هذه الأخيرة للبحث عن بدائل أخرى، وبالتالي توجهت نحو المغرب بحكم أنه الأقرب جغرافيًا، وبحكم سياسته الخارجية القائمة على مبدأ احترام سيادة الدول وترسيخ التعاون معها على أساس مبدأ رابح-رابح.
تعزيز التعاون الدفاعي
نقل الخبرات والتجارب
تعمل بوركينافاسو، وغيرها من الدول الأخرى، على تعزيز تعاونها الدفاعي والعسكري مع المغرب من أجل نقل خبراته وتجاربته على هذا المستوى. المملكة أصبحت تتوفر على إمكانيات عسكرية وقدرات تكوينية مهمة تحتاج إليها هذه الدول من أجل تقوية بنياتها الدفاعية.
تدريب العناصر والضباط
شدد شقير على أن القوات البوركينابية تسعى إلى توفير تكوين وتدريب عاليين لعناصرها وضباطها بما يتماشى مع حجم التحديات المطروحة على الساحة الإفريقية اليوم. توقيع اتفاق عسكري مع المغرب يفتح لها الباب أمام تدريب عناصرها في المؤسسات والمدارس العسكرية في مختلف التخصصات.
فعالية التكوين العسكري المغربي
لفت شقير إلى أن مجموعة من القيادات التي سبق أن تكونت في المغرب ووصلت إلى الحكم في بلدانها، لمست قوة وفعالية التكوين العسكري المغربي، وهذا ما يسفر الطلب الإفريقي المتزايد على هذا التكوين.