ندّدت جبهة الخلاص الوطني المعارضة في تونس، اليوم السبت، بالأحكام الصادرة بالسجن ضد 5 نواب سابقين عن ائتلاف الكرامة، من بينهم محامون، محذرة من أن الرئيس قيس سعيد بصدد التصعيد وحصد رؤوس المعارضة، وأن تونس دخلت مرحلة اغتيال الحرية وهدم الديمقراطية.
جاء ذلك في مؤتمر صحافي مشترك بالعاصمة تونس، بين الجبهة (معارضة) وهيئة الدفاع عن المتهمين في القضية المعروفة إعلامياً بـ”حادثة المطار”.
وتأسست الجبهة، في 31 مايو/ أيار الماضي، وتضم خمسة أحزاب هي “النهضة”، و”قلب تونس”، و”ائتلاف الكرامة”، و”حراك تونس الإرادة”، و”الأمل”، إضافة إلى حملة “مواطنون ضد الانقلاب”، وعدد من نواب البرلمان المنحل.
وقال رئيس الجبهة، أحمد نجيب الشابي، في المؤتمر الصحافي، بعد قرار المحكمة العسكرية أمس الجمعة، بسجن 5 نواب سابقين، إن “الهدف مما حصل في هذه المحاكمة وغيرها هو ترويع المعارضين وتكميم الأفواه، ولكن هذه الخروقات القانونية لن تزيدهم إلا إصراراً على مقاومة الانقلاب وفضح ما يحصل من تجاوزات”.
وقال الشابي: “إن ما حصل في ملف الصادرة بشأنهم أحكام بالنفاذ العاجل، أمس الجمعة، يمثل نسفاً لأسس العدل في تونس”.
وأوضح الشابي أن “من أسس العدل ألا يحاكم أي شخص مرتين في القضية ذاتها، ولكن المحكمة العسكرية سمحت لنفسها بأن تنظر مجددا في هذه القضية خلافا للقانون، مبينا أن هذه المحكمة وبحكم الدستور غير مختصة ولا يمكنها النظر إلا في الجرائم العسكرية، مضيفا أنها محكمة استثنائية لا تحاكم المدنيين، وقد سمحت لنفسها بأن تنظر في قضية ليست من مشمولاتها مشيرا إلى أن الحكم جائر وصبغة تنفيذه دليل على النزعة الانتقامية”.
وأكد الشابي في تصريح لـ”العربي الجديد ” أن “هذا التصعيد دليل على الاضطراب داخل السلطة، والعجز عن تقديم أي حلول لمشاكل البلاد، مبينا أن هناك مضيا للأمام في مزيد تقسيم المجتمع والانتقام، ولكن هذا الأمر لن يدوم وستعود تونس إلى وضعها الطبيعي وإلى الاستقرار والحرية”.
وأمس الجمعة، أصدر القضاء العسكري أحكاماً متفاوتة بالسجن بحق 5 برلمانيين سابقين متهمين في قضية “حادثة المطار”.
وتعود القضية إلى 15 مارس/ آذار 2021، حين شهد مطار “قرطاج” الدولي بالعاصمة، شجاراً بين عناصر من أمن المطار ومحامين ونواب في “ائتلاف الكرامة”، إثر محاولة الأخيرين الدفاع عن مسافرة مُنعت من مغادرة البلاد لدواعٍ أمنية.
وممن صدر في حقهم حكم السجن بالقضية الجمعة، رئيس “كتلة ائتلاف الكرامة” (18 نائبا بالبرلمان المنحل من أصل 217) سيف الدين مخلوف بسنة وشهرين، و11 شهرا لمهدي زقروبة (من الكتلة نفسها)، مع الحرمان من ممارسة مهنة المحاماة.
كما شمل الحكم، النواب في الكتلة نضال سعودي بالسجن 7 أشهر، وماهر زيد ومحمد العفاس بالسجن 5 أشهر لكليهما، وفق هيئة الدفاع عنهم.
وفي الشأن، أوضح المحامي سمير ديلو، أنه “لا يمكن أن تحصل محاكمة لأشخاص في القضية ذاتها مرتين خاصة بعد أن تعهد القضاء المدني بالملف وبت فيه”، مبينا أن القضاء العسكري أصدر تعليماته بالقبض على نواب ائتلاف الكرامة، وأصدر أحكاما استعجالية في شأنهم وأن ما حصل البارحة هو عملية اختطاف غير عنيف، لا سند قانوني له، ومثل هذه الإيقافات هدفها الترهيب”.
وأردف أنه “إن كان يراد منها التخويف فهم لا يخافون”، لافتاً في الوقت نفسه إلى “أن السنة الماضية كانت سنة استهداف القضاة من السلطة، وهذه السنة ستكون سنة استهداف المحامين والإعلاميين”.
من جهته، قال المحامي عن نواب ائتلاف الكرامة أحمد بلغيث إنهم “تابعوا الملف منذ البداية وما حصل فيه من تطورات”، مذكراً أنه “سبق اختطاف سيف الدين مخلوف من أمام باب المحكمة العسكرية”.
ورأى أن “ما حصل أمس كان مهزلة قضائية، فالأحكام كانت جاهزة مسبقاً، ولا تخلو من خرق واضح للقانون”.
وأستطرد أنه “قبل انطلاق الجلسة تم تقديم ما يفيد الفصل في الملف لدى القضاء المدني، ولكن الأحكام للأسف كانت جاهزة للترويع، ورغم أن النص يؤكد أنه لا يمكن إكساء حكم استئنافي بالنفاذ العاجل، ولكن تم التنفيذ”.
وأوضح أن “ما حصل من حيث السرعة والنظر غير المسبوق من قبل القضاء العسكري وفي ساعة متأخرة هو مؤشر خطير وحتى سابقة دولية”.
وأكدت المحامية عن النواب المحاكمين إيناس الحراث أن “الجلسة كانت سريعة ولم تحصل مرافعات وظلوا في انتظار الحكم رغم بعض محاولات الضغط لكي يغادروا المكان”، مبينة أنهم “تمسكوا بانتظار الأحكام”.
وقالت إن “النائب السابق والمحامي سيف الدين مخلوف هو شخص يحترم القانون وقد ذهب إلى بيته وهو يعرف أنه سيتم إيقافه لاحقاً”، مؤكدة أن “ما حصل من تجاوزات ينم عن قلة احترام للمحامين والمحاماة عموماً”.
ولفتت إلى أن “ما حصل يتجاوز النواب والمحامين المذكورين، حيث إنه لم يعد أي شخص في أمان”، مبينة أننا “لسنا في وضع تطبيق القانون”.
كذلك، قالت نائب رئيس البرلمان السابق، سميرة الشواشي في كلمة لها، إن “المسألة لا تحتاج إلى تفكير وتحليل قانوني، لأن ما حصل هو حكم سياسي”، مبينة أن “سيف هو نائب شعب ومواقفه واضحة وهو ضد الانقلاب، ولكن كل من قال هذه الكلمة هو تحت طائلة المحاكمات”.
واعتبرت أن “تواتر المحاكمات وإدخال تونس في مثل هذه الخروقات هدفه الترهيب، ولكن المعركة مستمرة ولن يخفف هذا من فشل الانقلاب”.
وأوضحت الشواشي في تصريح لـ”العربي الجديد”، أنه “كلما ضاق الخناق على الانقلاب وكلما زاد الفشل سيزيد المحاكمات ومثل هذه الاعتداءات، وهذه حلقة أخرى من حلقات الخروقات التي طاولت محامين وسياسيين، ومن الواضح اليوم أن الاستهداف سياسي والندوة اليوم جولة من جولات مقاومة الانقلاب وسيتم الاستمرار فيها”.
بدورها، قالت الأمينة العامة لحراك تونس الإرادة لمياء الخميري، في تصريح لـ”العربي الجديد”، إن “وجه الانقلاب واضح رغم محاولته الادعاء بعدم المساس بالحريات”.
وأكدت أن “ليس الحريات فقط هي التي مُست وليس ما يحصل مجرد مرور للسرعة القصوى في الاضطهاد وتصفية الخصوم السياسيين، بل هو خروج من منطق الدولة ومنطق القانون أصلاً”.
وأضافت المتحدثة أن “المحكمة العسكرية عندما تصدر أحكاماً جائرة دون سند قانوني فهو خروج من منطق القانون والدولة”، مبينة أن “ما يحصل عملية تشفٍ من المعارضين والسياسيين وكل من قال لا للانقلاب”.
تتهم أحزاب سياسية وجمعيات حقوقية تونسية رئيس البلاد قيس سعيّد باستهداف المعارضين بإجراءاته الاستثنائية التي بدأها منذ 25 يوليو/ تموز 2021.
العربي الجديد