قال الرئيس التونسي قيس سعيد خلال لقائه وفدا من الكونغرس الأميركي إن التدابير الاستثنائية المتخذة يوم 25 يوليو/تموز الماضي “تهدف لحماية الدولة من العبث وهي تندرج في إطار احترام الدستور”.
ورأى سعيد أن تلك الإجراءات تعكس إرادة شعبية واسعة، ودعا خلال اللقاء من وصفهم بأصدقائه الأميركيين إلى الاستماع لنبض الشارع في تونس حيث خرج التونسيون إلى الشارع للاحتفال بقرارات يوم 25 يوليو/تموز الماضي، حسب تعبيره.
وقال الرئيس التونسي أثناء استقباله الوفد، الذي ضم عضوي مجلس الشيوخ الأميركي السيناتور كريس مورفي وجون أوسوف في القصر الرئاسي، إنه “لا بد من رفع بعض الالتباسات” المتعلقة بالوضع في تونس، ووصف سعيد من يعتبرون ما حصل في تونس انقلابا بأنهم لا يعرفون القانون ويشوهونه.
وكان سعيد أعلن في وقت سابق تمديد التدابير الاستثنائية بما في ذلك مواصلة تجميد البرلمان حتى إشعار آخر دون أن يكشف عن برنامجه لإدارة المرحلة.
وردد سعيد مرارا أنه لن يكون هناك رجوع إلى الوراء وسط توقعات بطرحه إصلاحات سياسية يرجح أن تطال نظام الحكم والقانون الانتخابي، بجانب الذهاب إلى انتخابات مبكرة لإفراز برلمان جديد.
وتتهم أحزاب في البرلمان، من بينها الحزب الأكبر حركة النهضة، الرئيس بإدارة انقلاب على الدستور واحتكار السلطات، في وقت انتقدت فيه منظمات حقوقية إخضاع أشخاص من بينهم رجال أعمال وقضاة ونواب ومسؤولون للإقامة الجبرية وفرض قيود على السفر بدعوى مكافحة الفساد.
لكن سعيد تحدث أمس السبت عن “التباسات” ونفى تدبيره انقلابا. وقال في حضور عضوي الكونغرس “الانقلاب لا يمكن أن يكون إلا خارج الشرعية الدستورية”.
وتابع “استعملت نصا دستوريا للحفاظ على الدولة من الخطر الداهم والجاثم على البلاد والدولة”.
وحثت دول مؤثرة في وقت سابق، من بينها فرنسا والولايات المتحدة، الرئيس على طرح خارطة طريق وإدارة حوار وطني حول الإصلاحات الدستورية والاقتصادية.
وقال سعيد الذي وجه اتهامات مبطنة لخصومه بتغذية الضغوط الخارجية، في حضور عضوي الكونغرس، “تونس دولة ذات سيادة والسيادة للشعب التونسي”.
من جهتها قالت السفارة الأميركية في تونس إن الوفد الأميركي الذي زار البلاد والتقى الرئيس التونسي قيس سعيد حث على العودة إلى المسار الديمقراطي.
وفيما أشار الرئيس سعيد إلى أن ما قام به يعكس إرادة شعبية واسعة ضمن الاحترام الكامل للدستور وليس انقلابا، أشارت السفارة الأميركية في بيان، إلى أن الوفد شدد على ضرورة أن اعتماد أي إصلاحات إنما يكون من خلال عملية شاملة، بما في ذلك مشاركة ممثلي الطيف السياسي وأعضاء المجتمع المدني.
بدوره غرّد السيناتور كريس مورفي على حسابه في “تويتر” (Twitter) بعد لقائه سعيد قائلا “لقد حثثت الرئيس على العودة السريعة إلى المسار الديمقراطي والإنهاء السريع لحالة الطوارئ (الوضع الاستثنائي)”.
وتابع مورفي “مصلحة الولايات المتحدة الوحيدة هي حماية وتعزيز ديمقراطية واقتصاد سليمين للتونسيين. نحن لا نفضل أي طرف على آخر وليس لدينا أي مصلحة في الدفع بأجندة إصلاحية على أخرى. هذه المسائل يقررها التونسيون”.
وأكد مورفي أن الولايات المتحدة ستواصل دعم الديمقراطية التونسية التي تستجيب لاحتياجات الشعب التونسي وتحمي الحريات المدنية وحقوق الإنسان.
وفي سياق متصل، تظاهر العشرات من أنصار حزب العمال التونسي أمس السبت وسط العاصمة رفضا لزيارة وفد الكونغرس الأميركي.
وكان حزب العمال (يساري ليس له نواب في البرلمان) دعا إلى المظاهرة في بيان نشر عبر صفحته الرسمية على “فيسبوك” (Facebook)، رفضا لدعوة السفارة الأميركية بتونس لتنظيم لقاء يجمع ممثليها وعددا من النواب التونسيين بوفد الكونغرس.
وأعرب الأمين العام للحزب حمة الهمامي عن رفضه التدخل الأجنبي عامة، والأميركي خاصة في الشأن العام الداخلي التونسي.
وقال “نقرأ في زيارة الوفد الأميركي تأثيرا على القرار التونسي، وتوجيها للتطبيع مع الكيان الصهيوني، خاصة بعد زيارة قام بها الوفد ذاته في الأيام الماضية إلى دولة المحتل (إسرائيل) ثم إلى لبنان واليونان”.
الجزيرة