مع تزايد التوتر بين المغرب والجزائر، تواجه الدبلوماسية الإسبانية تحديا كبيرا للحفاظ على التوازن في علاقاتها مع كلا البلدين، وفق صحيفة إسبانية.
وتقول صحيفة “إل باييس” إن سعي مدريد لجعل علاقاتها متوازنة مع القوتين المتنافستين على الهيمنة في المنطقة المغاربية، بات شبه مستحيل بعد تصاعد التوتر على إثر اتهام الجزائر للرباط بالتورط في مقتل ثلاثة سائقي شاحنات في الصحراء الغربية.
ويقر حكيم بوغرارة، الإعلامي والمحلل السياسي الجزائري، أن مدريد ستجد صعوبة في تحقيق التوزان في علاقاتها بين البلدين.
ويقول بوغرارة في حديث لموقع الحرة إن المنحى التصاعدي للتوتر بين الجزائر والمغرب، وفي وقت قصير، يجعل من الصعب على إسبانيا الوصول إلى هذا التوزان.
وبحسب الصحيفة، فإن الخطاب الأخير للملك محمد السادس، السبت، كان مقلقا لوزارة الخارجية الإسبانية، ليس لمضمونه بل للنبرة التي ألقي بها.
ويرى أستاذ العلوم السياسية و القانون الدستوري بجامعة ابن طفيل القنيطرة بالمغرب، رشيد لزرق، أن إسبانيا تركت هذا الصراع بين الجزائر والمغرب لخلق مراكز قوة لها، لتستطيع بثقلها وتأثيرها أن تستفيد من التنافس بين الدولتين بما يخدم مصالحها.
وفي الخطاب الذي جاء لإحياء الذكرى السادسة والأربعين للمسيرة الخضراء، التي أدت إلى تخلي إسبانيا عن الصحراء الغربية، بعث الملك برسائل تحذير إلى إسبانيا والاتحاد الأوروبي، بحسب الصحيفة.
وتنقل “إل باييس” أنه في إشارة إلى الشركاء الأوروبيين، قال العاهل المغربي في خطابه “نقول لأصحاب المواقف الغامضة أو المزدوجة، بأن المغرب لن يقوم معهم، بأي خطوة اقتصادية أو تجارية، لا تشمل الصحراء المغربية”، حسب تعبيره.
وتشير الصحيفة إلى أن ذلك يأتي بعد إلغاء محكمة أوروبية اتفاقيتين بين الاتحاد الأوروبي والمغرب، لكونهما تشملان منتجات مصدرها الصحراء الغربية.
وتقول الصحيفة إن العبارة المقلقة أكثر في خطاب الملك محمد السادس كانت “ننتظر من شركائنا مواقف أكثر جرأة ووضوحا، بخصوص قضية الصحراء”.
ويبدو أن الكلمات الطبية التي أعرب عنها محمد السادس في خطاب أغسطس عن استعداده لبدء مرحلة غير مسبوقة مع أسبانيا في العلاقات، “جرفتها الرياح” كما تقول الصحيفة، إذ أنه حتى الآن لم يتم تطبيع العلاقات بين البلدين بعد أزمة استقبال مدريد لزعيم جبهة البوليساريو، إبراهيم غالي، للعلاج.
وفي أبريل الماضي، أثار استقبال إسبانيا غالي وتقديمها الرعاية الطبية له غضب المغرب وتحوّلت القضية إلى أزمة بين البلدين.
ومع قرار الجزائر إغلاق خط الغاز المار عبر المغرب، تجد إسبانيا نفسها في خطر الوقوع في “فخ التوتر” المتصاعد بين البلدين.
وتنقل الصحيفة، نسبة إلى مصادرها، أن الوضع “خطير للغاية” بالنظر إلى أن الدولتين غارقتين في سباق التسلح.
وتشير الصحيفة إلى أنه رغم أن لا أحد طلب وساطة إسبانيا، إلا أن مدريد أمامها فرصة القيام بذلك خلال منتدى الاتحاد من أجل المتوسط المقرر عقده فى 29 نوفمبر المقبل في برشلونة، والذي سيشهد حضور المغرب والجزائر.
ويرى بوغرارة في حديثه للحرة أن إسبانيا تترقب تحضيرات القمة العربية التي ستحتضنها الجزائر، من أجل العمل على استعادة التوازن من خلال وساطات عربية قد تظهر في هذه الأشهر للتخفيف من حالة الاحتقان”.
ويوضح بوغرارة أن الوساطة بين البلدين أمر صعب، لكن الجزائر قد تجد نفسها أمام محاولات الوساطة لخفض التوتر مع المغرب، خاصة بعد حديث وزير الخارجية الجزائري، رمطان لعمامرة، في ندوة صحفية عقدها الأربعاء، عن “محاولة لم الشمل العربي”.
ويفرض تصاعد الصراع، على إسبانيا محاولة إحلال السلام في المنطقة، وفق ما يقول لزرق في حديث لموقع قناة الحرة، مشيرا إلى أن أي حرب ستكون مدريد متضررة منها.
وتصاعد التوتر بين الجزائر والمغرب، المستمر منذ عقود، بعد أن اتهمت الجزائر المغرب بقصف مواطنيين جزائريين في الصحراء الغربية، وشدّدت الرئاسة الجزائرية في بيان على أن “اغتيالهم لن يمضي دون عقاب”، وهو أمر نفاه مصدر مغربي لفرانس برس.
وتعد الصحراء الغربية سبب التوتر بين البلدين، إذ تطالب جبهة البوليساريو المدعومةً من الجزائر بتنظيم استفتاء لتقرير المصير في الصحراء الغربية أقرّته الأمم المتحدة عند توقيع اتفاق وقف إطلاق النار في سبتمبر 1991، فيما ترفض الرباط مدعومةً من باريس وواشنطن أيّ حلٍّ خارج حكم ذاتي تحت سيادتها في هذه المنطقة الشاسعة البالغة مساحتها 266 ألف كلم مربع.