خلال أقل من شهرين من مناورات الأسد الإفريقي على الحدود الجزائرية المغربية، تستعد الجزائر لإجراء تدريبات عسكرية على حدودها مع المغرب، بمشاركة روسيا الساعية لمناكفة الأميركيين وتثبيت قدمها في القارة الإفريقية.
وأعلنت الخدمة الصحافية للمنطقة العسكرية الجنوبية في روسيا، أن تدريبات درع الصحراء 2022 ستُجرى للمرة الأولى بالجزائر في تشرين الأول/ أكتوبر المقبل بمشاركة نحو 80 عسكريا من وحدات البنادق الآلية المتمركزة في شمال القوقاز، وحوالي 80 عسكريا جزائريا.
وجرت الجولة الأولى من هذه المناورات خلال شهر أكتوبر 2021 في منطقة أوسيتيا الشمالية. وستكون مناورات نوفمبر هذه نسختها الثانية.
وأضافت أن التدريبات الروسية الجزائرية التي “تهدف لمكافحة الإرهاب” ستجرى في قاعدة حماقير بولاية بشار جنوب غربي الجزائر، وعلى بعد 50 كيلومترا فقط من الأراضي المغربية.
وشارك المغرب في حزيران/ يونيو الماضي في تدريبات الأسد الإفريقي بقيادة الولايات المتحدة ومشاركة أكثر من 7 آلاف جندي من 10 بلدان من بينها إسرائيل.
وأقيم جانب من المناورات بالقرب من منطقة تندوف الجزائرية. وهو ما رجح فرضية أن الجزائر ترد على المغرب وحلفائه بإجراء تدريبات مع روسيا على الحدود مع المغرب.
واستبعد الخبير الأمني علي الزرمديني أن تكون الجزائر بصدد استعراض قوتها أمام المغرب أو بصدد الاستعداد للدخول في مواجهة عسكرية، مشيرا إلى أن التدريبات تدخل في إطار استكمال جهوزية الجيش الجزائري لمواجهة التهديدات القادمة خاصة من حدوده الغربية والجنوبية مع الساحل الإفريقي حيث تتصاعد الأنشطة الإرهابية وحركات التهريب، خاصة مع تردي الأوضاع الأمنية في مالي.
وأعلنت الحكومة المالية الأربعاء أن 42 جنديا ماليا قتلوا فيما أصيب 22 آخرون جراء هجوم قرب بلدة تيسيت الأحد، متهمة جماعة تابعة لتنظيم داعش الإرهابي بالوقوف وراءه.
وتعرف العلاقات الجزائرية المغربية توترا وصل حد القطع على خلفية قضية الصحراء المغربية حيث تدعم الجزائر جبهة البوليساريو الانفصالية. وهو أمر يعتبره المغرب تهديدا لأمنه القومي، مشددا على تمسكه بوحدة أراضيه التي تشمل الصحراء.
وتعد الولايات المتحدة حليفا رئيسيا للمغرب في هذا النزاع حيث تعترف منذ أواخر العام 2020 بسيادته على الصحراء، في إطار اتفاق ثلاثي تضمّن أيضا تطبيع المملكة علاقاتها مع إسرائيل.
ولفت الزرمديني إلى أن الجزائر تتوجس من تزايد الحضور الإسرائيلي في المنطقة و”ما قد تخفيه الزيارات المتكررة في الفترة الأخيرة لمسؤولين إسرائيليين إلى المغرب، من مخططات قد تهدد أمن الجزائر وتعبث “بتحالفاتها الإقليمية والدولية”.
وتفيد تقارير أن الجزائر تنسق بشكل مكثف مع روسيا والصين، وما تدريبات درع الصحراء إلا رسالة جزائرية للغرب بأنها حسمت أمرها في علاقة بتحالفاتها العسكرية.وتتمثل الرسالة الروسية في أن للروس أصدقاء في إفريقيا وأن العقوبات الغربية لم تنجح في عزلها عن العالم.
وتأمل روسيا في إقناع الجزائر بالانضمام لمجموعة بريكس التي تمثل قوة سياسية واقتصادية صاعدة بمشاركة 6 دول من بينها روسيا والصين.
وأوضح الزرمديني أن “من شأن تدريبات درع الصحراء المساهمة في تشكيل المشهد السياسي الدولي الجديد عبر حسم جولة من صراع التموقع بين موسكو وواشنطن”.
وأضاف أن “الولايات المتحدة منزعجة من تنامي الحضور الروسي في إفريقيا وخاصة مالي وليبيا والسودان وإفريقيا الوسطى، وهو ما تدركه الجزائر جيدا وتحاول استغلاله لصالحها”.
وأفادت تقارير أوروبية مطلع العام الجاري أن الحكومة المالية استعانت بـ400 عنصر من مرتزقة شركة فاغنر الروسية، في وقت سحبت فيه فرنسا قواتها المشاركة في عملية برخان في مالي استجابة لطلب المجلس العسكري في باماكو.
وقال الجنرال ستيفان تاونسند المسؤول عن القيادة العسكرية الأميركية لمنطقة إفريقيا في ختام تدريبات الأسد الإفريقي في يونيو الفائت إن “الولايات المتحدة وحلفاءها في المنطقة مدعوة لمواجهة انتشار جماعات متطرفة عنيفة فضلا عن مرتزقة روس في منطقة الساحل التي تشهد عدم استقرار متزايدا”.
ويشير مراقبون إلى أن الحضور الروسي في إفريقيا بات لافتا وقد تكون الجزائر إحدى بوابات دعم هذا الحضور الذي انقطع منذ أكثر من 30 عاما مع انهيار الاتحاد السوفياتي.
وفي المقابل يعتقد هؤلاء المراقبون أن الجزائر لن تفتح إحدى بوابات إفريقيا للروس دون أن تحقق هدفها بكسب التأييد الروسي لموقفها من الصحراء المغربية والضغط على الرباط وكشف أي مخططات إسرائيلية محتملة تهدد أمنها القومي.
ميدل ايست أونلاين