عبر المواطنون بقسنطينة، من الذين أدوا نهار أمس، حقهم الانتخابي في موعد 12 جوان 2021، الخاص باختيار مرشحيهم للغرفة السفلى بالبرلمان، عن أصواتهم أملا في التغيير المنشود والجزائر الجديدة التي نادى بها الحراك الأصيل، في موعد جرى في ظروف عادية بغض النظر عن بعض الاستثناءات والتجاوزات المسجلة من منطقة إلى أخرى، في أجواء خاصة ميزها الحرص على تطبيق البروتوكول الصحي بسبب انتشار وباء كورونا.
تنافس، نهار أمس، بقسنطينة، 728 مترشح موزعين على 52 قائمة انتخابية، 22 منها حزبية و30 قائمة حرة، على 11 مقعدا برلمانيا، وكلهم أمل في حمل مشاغلهم ومشاكلهم على محمل الجد، وبلغ الوعاء الانتخابي بقسنطينة أكثر من 607 ألف مسجل، موزعين على 215 مركز تصويت، أطرهم أكثر من 6900 شخص، وعرفت العملية الانتخابية بعض التجاوزات بخصوص المراكز الانتخابية، حيث تفاجأ مواطنون بغلق مركز انتخابي في وجوههم بعدما تقرر تغييره، دون إشعار الناخبين، كما اشتكى بعض من ممثلي الأحزاب عن عدم السماح لهم بالدخول للملاحظة العملية الانتخابية.
مرشحون لم يحترموا الصمت الانتخابي
رغم أن القانون كان واضحا بشأن توقف الحملة الانتخابية ودخول مرحلة الصمت الانتخابي، التي تسبق مباشرة العملية الانتخابية، إلا أن عددا من المترشحين، لم يحترموا هذه القاعدة وواصلوا الترويج لقوائمهم سواء من خلال السيارات المتجولة أو عبر الفضاء الأزرق وهناك من وضع بعض معارفه داخل المراكز الانتخابية من أجل التأثير على الناخبين، كما تحدثت بعض المصادر من بلدية ديدوش مراد عن استعمال المال لشراء ذمم الناخبين، كما لجأ بعض المترشحين إلى حيل مثل إلصاق صورهم بمدخل المراكز الانتخابية أو رمي مطويات أمام أماكن الانتخابات.
وجبات غذائية فاسدة
تفاجأ المؤطرون عبر مختلف المراكز الانتخابية، الذين عملوا على السير الحسن للعملية الانتخابية للروائح الكريهة المنبعثة من علب الأكل التي تم تأمينها من طرف الجهات المختصة، حيث اشتكى عدد من المؤطرين في اتصال بـ”المساء”، من عدم صلاحية الدجاج المقدم لهم، في حين وقفت “المساء” على هذا الأمر بمدرسة مسعودي بحي الصنوبر أو حتى بمركز السلطة المستقلة لمراقبة الانتخابات بوسط المدينة.
من جهته أكد المكلف بالإعلام لدى السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، السيد عبد العالي لرقط، أنهم كسلطة تلقوا عديد من الشكاوى في هذا الشأن وأنهم قاموا بتحويل عينات من وجبات الغذاء الموزعة على المؤطرين، نحو مخابر التحليل من أجل الحصول على إجابة رسمية قبل اتخاذ أي قرار.
سكان علي منجلي والخروب وعين السمارة في الموعد
شهدت أغلب مكاتب الاقتراع بالمقاطعة الإدارية للمدينة الجديدة علي منجلي، إقبالا متباينا من وحدة جوارية لأخرى، حيث لم يفوت السكان هذا الموعد الإنتخابي، خاصة منهم الشباب والكهول وكذا العجزة الذين قصدوا مراكز الاقتراع التي تم تخصيصها للعملية الانتخابية من أجل اختيار ممثليهم في البرلمان، في حين اضطر بعض السكان الذين تم ترحيلهم مؤخرا ولم يقوموا بعملية الشطب من الإقامة الأصلية العودة إلى مراكز الانتخاب بأحيائهم القديمة.
تأطير أمني محكم
وقد جرت العملية في ظروف حسنة على العموم، في ظل حضور أمني عبر كامل المناطق، حيث أعرب الناخبون في انطباعات جمعتها “المساء”، ببعض مكاتب الاقتراع المنتشرة عبر بلدية الخروب، المقاطعة الإدارية للمدينة الجديدة علي منجلي وبلدية عين السمارة عن تطلعاتهم وآمالهم الكبيرة في جزائر أفضل من خلال مشاركتهم في هذه الانتخابات، حيث لمسنا مشاركة كبيرة للشيوخ والرجال والشباب على غير العادة في كل الانتخابات الفارطة في الفترة الصباحية الذين أبوا المشاركة كل بمبرراته، فمنهم من أكد اقتناعه ببرنامج أحد المترشحين ومنهم من أراد فقط ممارسة حقه الانتخابي.
كبار السن في الموعد كالعادة
كان في مقدمة القاصدين مكاتب الاقتراع، الكهول والشيوخ والشباب الذين دأبوا على هذه العادة واللذين لم يريدون تفويت الفرصة، هذه المرة لاختيار ممثليهم للخمس سنوات المقبلة، في حين فضلت النسوة كعادتهن عدم التوجه إلى مراكز الانتخاب حتى بعد الزوال،..، من جهته “الشاب م. محمود” صاحب قاعة للرياضة والذي التقينا به مباشرة بعد وضعه للورقة الانتخابية في الصندوق الشفاف بالمركز الانتخابي ميلاط رابح ببلدية عين السمارة، أكد لنا أنه كان حريصا على الانتخاب، مضيفا أنه اقتنع ببرنامج إحدى قوائم التي تضم 70% من الشباب، مضيفا أنه يريد أن يرى الجزائر بأيدي شباب عاشوا وضعيتهم ويسعون للتغيير، حيث قال أن الشباب الجزائري يأمل في أن يرى بلده في أحسن الصور.
الحاج العربي 71 سنة: لم أفوت ولا موعد انتخابي
أما الحاج العربي البالغ من العمر 71 عاما فقد أصر على أداء واجبه الإنتخابي رغم المرض الذي ألم به، حيث اضطر أبناؤه لحمله إلى غاية مكتب الاقتراع للوصول إلى الصندوق، حيث صرح لـ”المساء”، أنه ومنذ أن اصبح الانتخاب حق عليه لم يفوت ولا موعد انتخابي، ولن يفوته الآن حتى وإن كان مقعدا، لأنه كما قال مسؤول عن صوته، الذي اعتبره أمانة في عنقه وواجب مقدس نحو هذا الوطن.
من جهتها السيدة “ت. راضية” أستاذة بجامعة قسنطينة 3 فقالت إنها لم تتردد لحظة لأداء واجبها الانتخابي خاصة بعدما وجدت في القوائم الحرة أسماء لأساتذة وإطارات من شأنهم أن يحدثوا تغييرا وإصلاحا في شتى الميادين إذا وصلوا لقبة البرلمان.
غياب البروتوكول الصحي بجل المراكز
وقد اتضح من جولتنا الميدانية، التي قادتنا إلى عدد من مراكز الاقتراع، في كل من بلديتي عين اسمارة والخروب وكذا المقاطعة الإدارية علي منجلي، انعدام الانضباط فيما يخص تطبيق قواعد وشروط السلامة التي ينص عليها البروتوكول الصحي، حيث لوحظ عدم التزام المواطنين الوافدين على صناديق التصويت، بارتداء الكمامات الواقية، فيما لم يلزمهم القائمون على المراكز بارتدائها. إذ اقتصر ارتداؤها على العاملين بمختلف المراكز فحسب، بينما تم توفير معقم الأيدي داخل كل مكتب.
تجاوزات من قبل بعض الشباب
وفي سياق متصل عمد عديد المترشحين لتجنيد عديد الشبان بمحيط المراكز الانتخابية لتوجيه الناخبين، خاصة كبار السن والنسوة، من أجل التصويت على قائمة معينة، فهناك من استعمل قصاصات صغيرة دوّن فيها رقم القائمة المستهدفة، وهناك من استعمل صورا فوتوغرافية ملوّنة، مصغرة للتأشير على مترشحهم، بطريقة سلسة دون أن ينتبه لهم القائمون على تنظيم وتأطير العملية الانتخابية.
غياب النقل وشوارع مهجورة حتى بعد الزوال
من جهتها شهدت أغلب الطرقات والشوارع بهذه البلديات حركة أقل من العادية تشبه سكون صبيحة يوم العيد، حسب ما وصفه المواطنون ووقفنا عليه، حيث بدت الشوارع خالية ومهجورة وجل المحلات مغلقة، طيلة الصباح إلى غاية ما بعد الزوال وانقشاع شمس الظهيرة، حيث بدأ المواطنون في الخروج.
ولعل ما زاد من حدة هذا الوضع وخلو الشوارع من المارة، غياب وسائل النقل في عديد المناطق ما ألهب مواقع التواصل الاجتماعي التي استشاط فيها عديد المواطنين غضبا، خاصة منهم الذين يقطنون المدينة الجديدة علي منجلي، من المرحلين الجدد الذين لازالوا ينتمون إلى مكاتب الاقتراع بوسط المدينة الأم، ما يضطرهم للتنقل لمسافة تزيد عن 25 كلم لأجل ذلك، غير أن نقص وسائل الحضري عرقل مصالحهم.
المساء