أشعلت مواقع التواصل الاجتماعي حادثة مقتل شاب تونسي برصاص ضابط جمارك وسط العاصمة بعد محاولة مصادرة سلع مهربة كانت بحوزته، كما أحدثت حالة من الاحتقان وسط تساؤلات عن ملابساتها الحقيقية ومآلاتها.
وتعود تفاصيل القصة، بحسب ما نشرتها حسابات ومواقع محلية، إلى أن منطقة “الباساج” بقلب العاصمة تونس شهدت إطلاق نار خلال مناوشات بين عناصر من الجمارك وباعة متجولين أصيب على إثرها بائع أثناء محاولة مصادرة سلعه من السجائر المهربة.
وإثر الحادثة، شرعت النيابة العامة بالتحقيق وكشف ملابسات الوفاة، في حين أعلن صدر مطلع من الإدارة العامة للجمارك التحفظ على 3 عناصر شاركوا في عملية مصادرة السلع على ذمة القضية ويجري التحقيق معهم.
وأظهرت مقاطع فيديو من موقع الحادث، انتشرت على مواقع التواصل، الشاب المصاب ممددا على الأرض بينما يحاول المحيطون به إسعافه وسط حالة من الفوضى وصراخ بعضهم.
روايات وتشكيك
وبحسب رواية مصدر رسمي من الإدارة العامة للديوانة (الجمارك) لإذاعة محلية، فإنه “بعد الحصول على معلومات بشأن وجود سيارة محمّلة بكمية كبيرة من السجائر المهربة على مستوى ساحة الباساج توجهت دورية إلى المكان وضبطت السيارة المذكورة والشروع في عملية الحجز ومرافقتها”.
وأضاف أنّ عددا كبيرا من الأشخاص “تجمهروا بالمكان وقاموا برمي الدورية بالمقذوفات، مما أدى إلى إصابة أفراد الدورية إصابة بالغة على مستوى الرأس”.
ولفت المصدر الرسمي ذاته إلى أن من يقود سيارة التهريب حاول دهس أحد أعوان الجمارك قبل أن يتمّ سحبه من المكان، وإطلاق أعيرة نارية تحذيرية في الهواء وفي اتجاه عجلات السيارة ولم يكن القصد منها إصابة المهرب.
وختم “تبين لاحقا أن سائق سيارة التهريب أصيب بطلق بأحد الأعيرة النارية وفارق الحياة في المستشفى، يأتي ذلك في حين أصيب أحد أفراد الجمارك وأدخل إلى العناية المركزة بأحد مستشفيات العاصمة”.
والشاب الذي فارق الحياة يدعى محسن الزياني (23 عاما) وهو من مدينة سبيبة من ولاية القصرين (وسط غرب تونس) وشارك المتابعون صورا له معربين عن أسفهم لمقتله.
وانتشرت على مواقع التوصل وحسابات وسائل إعلام محلية مقاطع لتجمّع عدد من التونسين أمام مستشفى شارل نيكول حيث نقل الشاب الزياني.
احتقان وغضب
وأظهر مقطع للفيديو تجمّع العشرات وسط حالة من الاحتقان والغضب وبكاء على ما يبدو أحد أقارب الضحية، ويقول أحدهم “كل يوم يُقتل منا شخص”.وفي الوقت الذي أبدى فيه عدد من الحسابات الرواية الرسمية دعمه بالقول إنه شهد عملية قيام المهربين بالتصدي لمحاولة حجز السيارة المحّملة بالسجائر المهربة، ألقى آخرون باللوم على أفراد الجمارك وحمّلوهم مسؤولية إزهاق روح الشاب.
ولا يبدو أن الرواية التي نقلت عن مصادر رسمية مقنعة في نظر الكثيرين، فالعديدون حمّلوا الدولة وأجهزتها مسؤولية ما يحدث، وتساءل بعضهم عن كيفية وصول هذه السلع المهربة لقلب العاصمة ومرورها مئات الكيلومترات دون رقابة.
كما أبدت حسابات أخرى استغرابها من استخدام الرصاص الحي في هذه العمليةـ وسط تحذيرات من انزلاق نحو الفوضى، خاصة وأن البلاد تشهد وضعا اقتصاديا واجتماعيا صعبا، وانسدادا سياسيا بعد اتهامات للرئيس قيس سعيّد بالاستحواذ على كل السلطات.