دعا المشاركون في لقاء اليوم الثلاثاء بالجزائر العاصمة ، بمناسبة اليوم الدولي للتوعية بخطر الألغام، المجتمع الدولي لممارسة المزيد من الضغط على الاحتلال المغربي من أجل توقيع معاهدات حظر استخدام الألغام، التي تشكل “جريمة حرب ضد الإنسانية” تستدعي اشراك جميع الفاعلين الدوليين لمحاسبة المتسبب فيها في الأراضي الصحراوية المحتلة.
وفي مداخلته خلال منتدى الذاكرة حول “جرائم الاستعمار.. زرع الألغام المضادة للأشخاص نموذجا”، الذي نظمته جمعية مشعل الشهيد وجريدة المجاهد، أكد رئيس الجمعية الصحراوية لمكافحة الالغام عزيز حيدار أن الشعب الصحراوي الذي كان يجهل تماما معنى الألغام قبل الاستعمار المغربي، “باتت أراضيه اليوم تصنف من بين الأكثر تلغيما في العالم وذلك بضمها أكثر من 7 ملايين لغم مبعثر”.
و أوضح أن المغرب “لم يبخل على الأراضي الصحراوية بأي وسيلة من وسائل الدمار الشامل، حيث زاد من تلويثها ببناء الجدار الرملي الفاصل الممتد على طول 2700 كلم، الذي قسم من خلاله الأراضي والعائلات الصحراوية الى قسمين”.
ومضى السيد عزيز حيدار يقول أن هذه الألغام زادت “من معاناة الشعب الصحراوي على مدى عقود من الزمن، لما تجره من مشاكل بيئية و اضرار وخسائر في الأرواح، بالإضافة الى الحيوانات التي لم تسلم منها، مما يعتبر جريمة بحق الأرض والانسان”.
وقدم في السياق احصائيات تشير إلى أن 72 نوعا من الألغام مصنوعة من قبل 14 دولة مزروعة بالأراضي الصحراوية، و أكثر من ثلاثة أنواع من القنابل العنقودية وحوالي 100 نوع من مختلف الذخائر التي لم تنفجر بعد.
و أبرز السيد عزيز حيدر أن عدد ضحايا هذه الأسلحة لازال مجهولا وفي تزايد مستمر، في ظل غياب الإمكانيات لمكافحة الألغام في الأراضي الصحراوية المحتلة، مبرزا أنه تم إحصاء أكثر من 500 ضحية بالمناطق المحررة.
وعلى الرغم من أنها محتلة ولا زالت تعاني من ويلات الاستعمار، قال المتحدث أن الجمهورية الصحراوية انضمت إلى معاهدة جنيف في 2005 وتمكنت سنة 2019 من استكمال تدمير مخزونها من الألغام والذي قدر ب20493 لغم، بينما لازال المغرب يرفض التوقيع على معاهدة اوتاوا لعام 1997 بشأن حظر استعمال الألغام المضادة للأفراد، و اتفاقية 2008 بشأن الذخائر العنقودية.
ولفت إلى الجهود التي ما فتئت تقوم بها الجمهورية الصحراوية من أجل توعية وتنوير الرأي العام الدولي بمخاطر الألغام على الشعب الصحراوي، مبرزا أنه تم سنة 1978 إنشاء مدرسة للناجين من الألغام والحرب للتكفل بهذه الفئة الهشة ومرافقتها في إعادة الإندماج والعيش والعمل في المجتمع، مضيفا أنه تم توفير المتابعة لأكثر من 200 ضحية.
ودعا في السياق، السلطات المغربية للإنصياع إلى الإرادة الدولية من أجل تطهير الأراضي الصحراوية من هذه المخلفات، مناشدا المجتمع الدولي بتوفير مراقبة أممية لهذه العملية، مبرزا أنه لا بد أن تكون هناك مبادرات لطرح مسألة المرافعة الصحراوية في المحاكم الدولية للضغط على المغرب.
وذكر من جهته ممثل الجمعية الوطنية الجزائرية لضحايا الألغام، عبد القادر العربي، أن الجزائر تخلصت من مفعول أكثر من مليون لغم وطهرت أكثر من 50.000 هكتار من الأراضي التي زرعت بها أشجار، مضيفا أن الألغام خلفت أكثر من 7000 ضحية، حسب إحصائيات المعهد الوطني للدراسات الإستراتيجية الشاملة.
و أضاف السيد العربي أنه بما أن الجزائر وقعت سنة 1997 على اتفاقية أوتاوا و اقرتها سنة 2001، فإن استراتيجيتها اليوم قائمة على دراسة احتياجات الضحايا، مشددا على أن الألغام تبقى جريمة حرب ضد الإنسانية، “وهو ما يستدعي إجراء دراسات قانونية لإشراك جميع الفاعلين الدوليين ومحاسبة المتسببين فيها من خلال اللجوء إلى محكمة العدل الدولية”.
بدوره، تطرق السفير الصحراوي بالجزائر ، عضو الأمانة الوطنية السيد عبد القادر الطالب عمر، إلى الأوضاع الجديدة التي تعيشها الأراضي الصحراوية بعد أن نسف المغرب إتفاق وقف إطلاق النار وما صاحبه من إستئناف للحرب، مع حرص الاحتلال على استخدام المزيد من أسلحة الدمار، على غرار الطائرات المسيرة.
وقال السفير أن “معاناة الشعب الصحراوي لا يمكن تلخيصها في الألغام، التي تبقى جزء بسيطا من معاناة تدوم منذ تقريبا 50 سنة، عرف فيها الحرب والقمع ونهب الثروات واللجوء”.
ولفت إلى أن الجمهورية الصحراوية تعمل جاهدة اليوم من أجل مساندة ومرافقة ضحايا هذه الأسلحة، لإعادة اندماجها في الحياة الإجتماعية والمهنية.
وفي مداخلة له بالمناسبة، عرض خلالها تجربة بلاده التي عانت هي الأخرى من ويلات الاستعمار والالغام المضادة للأشخاص، شدد سفير جمهورية فيتنام لدى الجزائر، نجوين ثانفينه، على أن مهمة فيتنام اليوم تتمثل في كيفية التكفل بضحايا هذه الأسلحة الفتاكة.
وقال أن الحكومة الفيتنامية تولي اهتماما خاصا بوضع آليات لدعم ضحايا الالغام وتوفير التأمين المادي لهم لإعادة ادماجهم في الحياة الاجتماعية، مشددا على أنها تعمل بالتنسيق مع مختلف الجهات في البلاد لتحديد اماكن تواجد هذه الاجسام المتفجرة للتقليل من مخاطرها.
(واص)