يصوت التونسيون الاثنين بـ”نعم” أو “لا” في استفتاء على الدستور الجديد الذي اقترحه الرئيس قيس سعيّد والذي يعزز صلاحياته في السلطة ويقطع مع النظام البرلماني الذي كان قائما. أغلب الذين حاورتهم فرانس24 يتطلعون لطي صفحة السنوات العشر من عدم الاستقرار السياسي والتدهور الاقتصادي التي أعقبت ثورة 2011.
زرنا مكتب الاقتراع في حي التضامن الشعبي في تونس العاصمة صباح الإثنين، حيث الناخبون يتوافدون أفواجا للإدلاء بأصواتهم في الاستفتاء على الدستور الجديد الذي اقترحه الرئيس قيس سعيّد.
ويصوت التونسيون في استفتاء حول مشروع دستور جديد يمنح صلاحيات واسعة للرئيس قيس سعيّد، ويخشى كثيرون أن يُعيد البلاد إلى نظام سلطوي شبيه بذلك الذي كان قائما قبل ثورة 2011.
فتح أكثر من 11 ألف مركز اقتراع أبوابه أمام المواطنين اعتبارا من الساعة السادسة (الخامسة بتوقت غرينتش). وفي تصريح لفرانس24 قال أستاذ الرياضة محسن الشادلي (51 عاما) إنه يصوت من أجل التغيير في البلاد، معتبرا أن حياة التونسيين الاقتصادية “تدهورت بعد الثورة”. وأضاف: “رواتبنا لم تتغير لكن الأسعار ارتفعت، نضطر للتدين آخر الشهر، لم نعد قادرين على شراء اللحوم والغلال”.
“نتمنى بعد الاستفتاء أن يتم القضاء على الفساد”
يرى الشادلي أن فساد السياسيين هو السبب وبالتالي فهو يثق في نظافة يد قيس سعيّد: “إنه ليس لصا. نتمنى بعد الاستفتاء أن يتم القضاء على الفساد”. وبشأن المخاوف حول تغير طبيعة النظام أو تحول الرئيس إلى دكتاتور من خلال الدستور الذي اقترحه للاستفتاء، قال محسن: “لا أحد يقدر أن يكون دكتاتورا على الشعب التونسي، [الرئيس السابق زين العابدين] بن علي رغم قوته وسلطته قد تم خلعه عن السلطة. الجميع يعرف مصيره.” وتابع قائلا: “نفضل على الأقل سارقا واحدا نحاسبه بدلا أن يكونوا عشرة” (في إشارة للاتهامات بالفساد الموجهة لحركة النهضة التي كان لها أغلبية في البرلمانات وفي الحكومات المتعاقبة بعد الثورة).
ويقطع مشروع الدستور الجديد مع النظام البرلماني الذي جاء به دستور ما بعد ثورة 2011 في تونس لكنه يثير مخاوف لدى الخبراء بتأسيسه لنظام رئاسي.
سارة بوغريبة، التي جاءت للتصويت مع والديها وابنها قالت إنها “لا توافق كثيرا على هذا الدستور الجديد”. وتضيف هذه الشابة البالغة من العمر 28 عاما: “نحن لا نخشى دكتاتورية صغيرة لتنقية البلاد” موضحة أن استبدادا دائما لا يمكن أن يستقر في تونس. “لقد طرد الشعب التونسي ديكتاتورا مرة واحدة، يمكننا أن نفعل ذلك مرة أخرى”.
وينص الدستور الجديد على أن يتولى الرئيس السلطة التنفيذية بمساعدة رئيس حكومة يعينه ويمكن أن يقيله إن شاء، بدون أن يكون للبرلمان دور في ذلك. كذلك يملك الرئيس، القائد الأعلى للقوات المسلحة، صلاحيات ضبط السياسة العامة للدولة ويحدد اختياراتها الأساسية، ولمشاريعه القانونية “أولوية النظر” من قبل نواب البرلمان.
“خطونا خطوة أولى نحو تونس جديدة، وها نحن ننتظر البقية”
فضلا عن ذلك، انقسمت الوظيفة التشريعية بين “مجلس نواب الشعب” الذي ينتخب نوابه باقتراع مباشر لمدة خمس سنوات و”المجلس الوطني للجهات” ويضم ممثلين منتخبين عن كل منطقة على أن يصدر لاحقا قانونا يحدد مهامه.
خرج سعيد ترجت (86 عاما) من مكتب التصويت متكئا على عكازه وقال في شهادته لفرانس24 إنه لم يصوت أبدا منذ الثورة، لكنه حضر اليوم للتصويت ويقول إنه منذ 25 يوليو 2021: “خطونا خطوة أولى نحو تونس جديدة، وها نحن ننتظر البقية”. وأشار ترجت إلى أنه لم يقرأ الدستور جيدا لأنه لا يجيد اللغة العربية ولأنه يتضمن مفاهيم قانونية.
عادل ونيش (56 عاما) الذي عاد من فرنسا عام 2015 للاستقرار في تونس قال “إنه تصويت خاص جدا لأنه سيخلصنا من الإسلاميين! هذا ما يدفعنا للتصويت اليوم”. ويضيف قائلا: “أنا أؤيد رئيسًا يتمتع بكل الصلاحيات ويدير البلاد بيد قوية” مضيفا إنه يفضل نظاما رئاسيا كما جاء في الدستور الجديد.
التصويت يستمر لمدة 16 ساعة
وسيستمر التصويت الذي يصادف يوم الاحتفال بعيد الجمهورية، 16 ساعة أي من الساعة السادسة صباحا بتوقيت تونس(الخامسة بتوقيت غرينتش) حتى العاشرة ليلا، وهي مدة غير مسبوقة في الانتخابات في تونس. وجرت العادة أن يبدأ التصويت من الساعة الثامنة صباحا حتى السادسة بالتوقيت المحلي.
وقالت رئيسة مركز التصويت في الحي الأولمبي وجدان كباش: “أتيت إلى المكتب منذ الساعة الرابعة والنصف صباحا، وسأبقى هنا بعد إغلاق المكاتب وحتى الانتهاء من فرز الأصوات.”
وبحسب هيئة الانتخابات، تسجل 9,296,064 ناخبا بشكل طوعي أو تلقائي للمشاركة في الاستفتاء الذي ترفضه معظم الأحزاب السياسية وينتقده الحقوقيون. وبدأ المغتربون البالغ عددهم 356,291 الإدلاء بأصواتهم السبت ولديهم حتى الاثنين للاقتراع.
وتعتبر نسبة المشاركة هي الرهان الأبرز في هذا الاستفتاء الذي لا يتطلب حدا أدنى من المشاركة. ويُتوقع أن يحظى الدستور الجديد بقبول شعبي، بينما دعت المعارضة بجزئها الأكبر إلى مقاطعة الاستفتاء.
فرانس 24