ارتفعت نسبة البطالة مع نهاية العام الحالي في تونس إلى مستويات غير مسبوقة، بسبب ما اعتبره مراقبون سوء تعامل السلطات مع ملف التشغيل، وتداعيات الأزمة الصحية العالمية في السنتين الأخيرتين.
وقال معهد الإحصاء الحكومي في تونس الاثنين إن نسبة البطالة سجلت ارتفاعا بـ0.5 نقطة إلى حدود شهر أكتوبر الماضي، لتبلغ 18.4 في المئة مقابل 17.9 في المئة خلال الثلاثي الثاني من السنة، وهي أعلى نسبة بطالة تسجل خلال العامين الماضيين.
وبحسب بيانات المعهد، ارتفعت نسبة البطالة منذ بداية السنة الحالية من 17.8 في المئة خلال الربع الأول إلى 18.4 في المئة حاليا، مقابل نسبة لم تتعد 16.2 في المئة خلال الفترة ذاتها من سنة 2020.
وعزا خبراء الاقتصاد ارتفاع نسبة البطالة بالبلاد إلى تداعيات الأزمة الصحية الناتجة عن انتشار فايروس كورونا، الذي ساهم في إحالة عدد من العمال على البطالة، فضلا عن ضعف سياسات الدولة في التعامل مع ملف التشغيل ووضع استراتيجيات لذلك.
وأفاد الخبير الاقتصادي حسن بن جنانة بأن “الجائحة الصحية تبعا لانتشار وباء كورونا زادت في عدد العاطلين، واضطرت عدة مؤسسات اقتصادية إلى تسريح عدد من العمال بسبب الإفلاس”.
وأضاف لـ”العرب” أن “منظومة التعليم غير متطابقة مع سوق الشغل، ولا بدّ أن تفكر الدولة في منظومة تعليم متطابقة مع سوق الشغل وتخصص عدد خرجي الجامعات وفق الطلب”، مشيرا إلى “ضرورة وجود مخطط اقتصادي شامل لإرجاع الدورة الاقتصادية”.
وتابع “المساعدات الاجتماعية التي تقدمها الدولة لخرجي التعليم العالي تجعلهم يرفضون أي عرض شغل لا يتوفر على مرتبات مقنعة”.
ولم يتفاجأ مراقبون بارتفاع عدد العاطلين عن العمل في تونس، مفسرين ذلك بفشل الحكومات المتعاقبة منذ 2011 في إدارة الشأن العام وحل مشاكل التونسيين، وفي مقدمتها التشغيل.
وقال منذر ثابت المحلل السياسي إن “ارتفاع نسبة البطالة متوقع جراء التقاطع بين مؤثرين، وهما سوء الحوكمة وأداء الطبقة السياسية بعد 2011، وسوء إدارة الأزمة الصحية، خاصة في علاقة بالمؤسسات الصغرى والمتوسطة”.
وأضاف لـ”العرب” أن “الاقتصاد التونسي يحتاج إلى إنعاش بقرار شجاع، عبر تشجيع المبادرة وتسهيل الإجراءات، فضلا عن تحفيز الدولة على المزيد من الاستثمار”.
وأكد ثابت أن “من أهم شروط الاستثمار توفير مناخ سياسي مستقر وواضح، وتحرير الاستثمار من الجهاز البيروقراطي”.
واعتبر أن “لقاء الحكومة واتحاد الشغل مؤشر إيجابي يمكن أن يتحول إلى عقد اجتماعي من أجل الإنقاذ، كما يمكن للرئيس التونسي قيس سعيّد أن يمسك بهذه الورقة لخلق مناخ موضوعي مشجع على الاستثمار وحل مشاكل التشغيل”.
وذكرت البيانات أن بطالة الإناث صعدت إلى 24.1 في المئة خلال الربع الثالث من 2021 مقابل 22.8 في المئة خلال الربع ذاته من السنة الماضية، مقابل بلوغ بطالة الذكور 15.9 في المئة هذا العام أي بفارق 3 نقاط عن السنة الماضية، التي لم تتجاوز فيها بطالة الذكور في الربع الثالث من السنة 13.5 في المئة.
ولا تزال المستويات العالية للبطالة أحد أهم أسباب الحراك الاجتماعي في البلاد، وسط تحذيرات من تعكر المناخات نتيجة غياب حلول اقتصادية لاحتواء العاطلين عن العمل وخلق مواطن شغل جديدة.
ويحول ضعف النمو الاقتصاد في تونس دون خلق فرص عمل جديدة، حيث يتواصل تعثر القطاعات الرئيسية في استعادة نموها، ولاسيما قطاعي السياحة والفوسفات.
والأحد قال سمير سعيد، وزير الاقتصاد والتخطيط التونسي، “إن بلاده بصدد إعلان خطة الإنعاش الاقتصادي 2023 – 2025، ويأتي ذلك فيما تجد الدولة صعوبة في الخروج من أزمة مالية عميقة”.
وأكد وزير الاقتصاد والتخطيط، وفقا لوكالة “رويترز”، أن “مراجعة منظومة الدعم، وإعادة هيكلة المؤسسات العمومية والقطاع العام، ومواصلة تحسين وترشيد السياسات الجبائية، تعتبر من بين الإصلاحات التي من شأنها أن تعيد التوازن المالي للدولة”.
وسبق أن أكد محافظ البنك المركزي التونسي مروان العباسي أن البنك يتعاون حاليا مع وزارتي المالية والاقتصاد لوضع خطة لتحقيق استقرار الاقتصاد الكلي، للتحكم في عجز الميزانية ومواجهة الضغوط التضخمية والصعوبات المالية والاقتصادية التي تعرفها البلاد.
وقال العباسي في مداخلة له، خلال الجلسة العامة الثانية والأربعين للغرفة التونسية – الألمانية للصناعة والتجارة “إن الخروج من الأزمة الحالية لن يكون سهلا ولا وشيكا، نحن فوتنا الكثير على مستوى الاستثمار والادخار، مما يجعل تضافر جهود مختلف الأطراف أمرا ضروريا أكثر من أي وقت مضى لإعداد أرضية لإنعاش الاستثمار”.
وسجّل الناتج الداخلي الخام لتونس نموا بنسبة 0.3 في المئة، بالانزلاق السنوي، خلال الثلاثية الثالثة من سنة 2021.
ومقارنة بالثلاثية الثانية من 2021، فقد سجل الاقتصاد نموّا بنسبة 0.7 في المئة، بحسب مؤشرات معهد الإحصاء الحكومي.
المصدر العرب