وأخيراً إنقشع الضباب في العملية السياسية بتونس وحسم الرئيس الجسور قيس سعيّد الإختيار بعد استيفاء الآجال.
الرئيس التونسي قيس سعيد يضرب عرض الحائط ضغوطات الأحزاب المناهضة لإجراءاته الحاسمة الأخيرة ويكلف نجلاء البدون بتشكيل الحكومة.
ونجلاء بودن رمضان، من مواليد 1958 أصيلة ولاية القيروان، هي أستاذة تعليم عالٍ في المدرسة الوطنية للمهندسين مختصّة في علوم الجيولوجيا، وكانت تشرف على خطة لتنفيذ برامج البنك الدولي بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي، قبل تكليفها بمهمتها الجديدة.
لم يتم إقتراح رئيس الحكومة المكلف من قبل أي من الأحزاب الداعمة لسعيد والمناهضة له. وبالتالي من هي الأطراف التي ستكون الغطاء السياسي الذي سيدعم “بودن”، سؤال طرح بمجرد الإعلان عن هوية الشخصية الأقدر كما اطلق عليها بنص الدستور.
لكن الإجابة ستكون بعد فترة من تسلم رئيس الحكومة المكلف لتتضح معالم الأطراف المشاركة في حكومته والداعمة له.
قرارات الرئيس سعيّد الأخيرة أثرت على الساحة السياسية بشكل جذري وانعكست تداعياتها في حل البرلمان ووقوع عاصفة في حزب النهضة، أحد أكبر الأحزاب السياسية في تونس ما بعد الثورة. كما أثرت إجراءات سعيّد على القطاعين الإقتصادي والتجاري وهو الأمر الذي حرّك الشارع قبل أيام قليلة من تكليف “بودن” لتشكيل الحكومة الجديدة.
إختار قيس سعيّد أحد ثقاته، نجلاء بودن كأول إمرأة تسمى لتولي رئاسة الحكومة. ومقياس الإستقلالية لدى سعيّد هنا كان حاسما لتجاوز صراع سياسي عقيم بين الأحزاب، أوصل البلد الى أزمة سياسية هي الأعمق في تاريخه.
المتابعون للمشهد السياسي التونسي يجمعون على ولادة حكومة جديدة تخرج البلد من مأزقه. وما سقوط العملية السياسية السابقة بقرارات رئاسية فريدة من نوعها في تاريخ تونس الحديثة، إلا نتيجة طبيعية لحالة التشتت والخلاف بين القوى السياسية ليرث الرئيس سعيّد حراكا ثقيلا من الصراعات السياسية، يضاف إليها مؤشرات إقتصادية في أدنى مستوياتها وتحركات إجتماعية بدأت تتصاعد في أنحاء تونس.
صعوبات إذن، ستواجهها المكلفة لرئاسة الحكومة التونسية نجلاء بودن في ظل خوضها محطة سياسية جديدة تتطلب ثقة لن تتعزز إلا بالنجاح في مختلف الأزمات التي تعيش على وقعها تونس ما بعد إجراءات سعيد الإستثنائية.
وكالات