أعادت عملية إيقاف رجل الأعمال التونسي المعروف محمد فريخة الأمل في الكشف عن حقيقة ملف تسفير الشباب التونسي إلى بؤر التوتر خلال العشرية الماضية، وهو ما يكشف جدية السلطات التونسية في فتح هذا الملف الحساس.
وقررت النيابة العمومية بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب إيقاف مدير عام شركة تلنات والرئيس المدير العام لشركة “سيفاكس أيرلنز” محمد فريخة الاثنين وفق ما نشرته وسائل اعلام محلية، بعد جملة من الإيقافات طالت سياسيين وأمنيين، على غرار محافظ سابق لمطار تونس قرطاج الدولي لمدة 5 أيام قابلة للتمديد، والتمديد في الاحتفاظ بالمسؤولين الأمنيين السابقين فتحي البلدي وعبدالكريم العبيدي.
كما أوقفت الأجهزة الأمنية المختصة كلا من القيادي في ائتلاف الكرامة والنائب السابق محمد العفاس، وكذلك النائب السابق والإمام المعزول رضا الجوادي حيث تم اطلاق سراح العفاس على ذمة القضية فيما تم التمديد في الاحتفاظ بالجوادي وفق ما نشرته وسائل اعلام محلية.
وأشارت بعض المصادر إلى أن فتح الملف يعود إلى شكاية تقدمت بها النائبة السابقة فاطمة المسدي في ديسمبر 2021 لدى القضاء العسكري، للكشف عن حقيقة ملف التسفير.
وكانت المسدي عضوا في لجنة التحقيق في شبكات التسفير التي أعلن عنها برلمان 2014، حيث اطلعت على أغلب الوثائق والتقارير المتعلقة بالملف.
وأكدت المسدي في تصريح إعلامي أنها قدمت شكاية بعد أشهر على التغييرات التي حصلت على المشهد السياسي، عقب الخامس والعشرين من يوليو، وجهود الرئيس قيس سعيّد لتحرير القضاء من سيطرة الأحزاب.
ويرى مراقبون أن القضاء خلال العشرية الماضية عمل على التغطية على الملف كما هو الحال مع ملفات أخرى مثل ملف الاغتيالات والجهاز السري.
وقال محامي المسدي في تصريح لجريدة الصباح الأسبوع الماضي إن الملف يحوي شهادات ووثائق وسماعات تصب في اتجاه واحد، وهو وجود جهاز سري ساهم بالتعاون مع وفاق إجرامي محلي ودولي في تسفير الشباب التونسي إلى بؤر التوتر، سواء إلى سوريا أو العراق أو ليبيا.
ويرى مراقبون أن أغلب الموقوفين في ملف التسفير سواء من السياسيين أو الأمنيين على علاقة من قريب أو من بعيد بحركة النهضة الإسلامية، حيث تولوا مناصب في العشرية الماضي، على غرار العبيدي الذي تولى منصب رئيس غرفة حماية الطائرات بمطار تونس قرطاج الدولي، أو فتحي البلدي الذي تولى منصب مستشار وزير الداخلية الأسبق علي العريض ومناصب أخرى، قبل عزله بعد اتخاذ إجراءات الخامس والعشرين من يوليو.
ومثلت عملية القبض على محمد فريخة، الذي انتخب نائبا عن حركة النهضة في الانتخابات البرلمانية لسنة 2014. كما ترشح للانتخابات الرئاسية في نفس الفترة، مواصلة لجهود إنهاء حقبة عرفت تغلغل التطرف والإرهاب ومحاولة السيطرة على مفاصل الدولة.
وكان محمد فريخة نفى في السابق تقارير تتحدث عن تورط شركة الطيران “سيفاكس” التي تولى رئاسة مجلس إدارتها، بتسفير الشباب التونسي، حيث تم الكشف خلال سنة 2017، وفق تلك التقارير، عن أن أكثر من 99 في المئة من رحلات شركة “سيفاكس أيرلنز” كانت نحو تركيا.
ورد فريخة على تلك التقارير بالقول إنه تعرض لهجمة بسبب قربه من حركة النهضة والترشح للانتخابات في 2014 بدعم منها.
وفي المقابل كشف الإعلامي زياد الهاني في تصريح لإذاعة “أي.أف.أم” المحلية الثلاثاء أن شركة “سيفاكس” قدمت خدمات كبيرة في عملية التسفير، بنقل الشباب التونسي إلى تركيا قبل وصولهم إلى العراق وسوريا للمشاركة في القتال إلى جانب التنظيمات الجهادية.
وأدى زياد الهاني قبل سنوات زيارة إلى دمشق وعدد من المدن السورية للبحث في ملف التسفير والحصول على معطيات من أجهزة الأمن السورية.
ويرى مراقبون أن فتح ملف التسفير يؤكد نية السلطات، وخاصة الرئاسة، في الكشف عن ملابسات الملف الذي كان محل تجاذبات وتوافقات طيلة السنوات الماضية، وذلك لتحميل المسؤوليات والوقوف على الملابسات، بعد تطهير القضاء من سيطرة بعض القوى السياسية التي لا تريد معرفة الحقيقة.
صحيفة العرب