تحتفي السفارة الجزائرية بسلطنة عمان بالذكرى الثامنة والستين (68) لاندلاع ثورة الفاتح نوفمبر 1954، المخلدة لبطولات الشعب الجزائري الأبي في نضاله المرير ضد المُحتل الفرنسي الغاشم، لمدة 132 سنة من الاستعمار والتصفية على الهوية وطمس الشخصية الوطنية ومحاربة عناصر الشخصية الجزائرية ـ بشهادات الخصوم قبل الأصدقاء ـ ملاحم الجزائريين والجزائريات، ونضالهم المتراكم الذي خلَّده التاريخ من فترات المقاومات الشعبية عبر مختلف أنحاء الوطن إلى ثورة نوفمبر المجيدة التي استمرت سبع سنوات ونصف السنة وراح ضحيتها أكثر من مليون ونصف المليون من الشهداء الأبرار.
واليوم ونحن نستذكر شهداء الجزائر الذين رووا الأرض الطاهرة بدمائهم الزكية دفاعا عن الأرض والعرض والمقدرات، فإننا نعمل من خلال إحياء هذه المناسبات على ربط أجيال الاستقلال بتاريخهم المجيد وتعريفهم بتاريخ أسلافهم وبطولاتهم المشهودة.
سلَفٌ ناضَلَ أبناؤه من أجل استعادة حريتهم وسيادة وطنهم، مقدمين للإنسانية جمعاء درسا في النضال النزيه والجهاد بالنفس والنفيس من أجل تحرير البلاد والعباد، والذود عن حمى الوطن، فكانت ولا تزال ثورة نوفمبر 1954 ملهمة للحركات التحررية في العالم ومرجعا أساسيا للشعوب التواقة إلى الحرية والانعتاق من الاحتلال والاستغلال. وخلَفٌ يستذكر، ويعتز اليوم بتاريخه المجيد، ويلتزم بحفظ أمانة الشهداء وصون وديعة المجاهدين، ويعمل على تعزيز تواصل الأجيال بربط أجيال الاستقلال بتاريخهم الحافل وتعريفهم بمآثر أسلافهم وبطولاتهم المشهودة، مؤكدين على الحفاظ على الوطن وحفظ رسالة الشهداء والذود عن المشروع الوطني النوفمبري الذي تضمنه بيان الفاتح من نوفمبر 54.
فالجزائر اليوم في طور جديد، أراده الشعب أن يكرِّس دولة الحق والقانون والحريات والمؤسسات السيِّدة، المنتخبة على أساس الاختيار الشعبي الحر والنزيه، وهو ما ترجمه فخامة رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون ضمن رؤية واهداف “الجزائر الجديدة”. إنَّ الجزائر الجديدة وهي تعيش نفحات نوفمبر هذه الأيام، لَتسجِّل بتقدير وعرفان كبيرين مواقف الدعم والنصرة للشعوب الشقيقة والصديقة، ومن أبرزها دعم الشعب العُماني الشقيق، الذي لم يتوانَ في التعبير عن تضامنه ودعمه للشعب الجزائري في نضاله ضد الاحتلال، والتفاعل مع ثورته التحريرية المباركة ماديا ومعنويا، وها هي عُمان اليوم على عهدها، لا تزال تشيد بالتاريخ النضالي المشترك للشعبين من أجل سيادة البلدين وحرية شعبيهما، ويجب دائما التذكير بمتانة وعمق العلاقات الأخوية بين الجزائر وعُمان وما تزخر به من مقومات تاريخية، روحية، سياسية، ودبلوماسية واجتماعية، تمثّل نموذجا متميزا في الانسجام، والتماثل في مبادئ السياسة الخارجية وتطابق الرؤى والمواقف من أمهات قضايا الأمة، وفي العالم وعلى رأسها القضية الفلسطينية. وقد رحَّبت السلطنة بنتائج “مؤتمر المصالحة الفلسطينية” المتوَّج مؤخرا “بإعلان الجزائر” في 13 أكتوبر الماضي، الذي أنهى فترة الانقسام وفتح المجال لتكريس الوحدة الوطنية الفلسطينية. وكانت سلطنة عُمان من أوائل الدول التي باركت نجاح مبادرة الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، وثمَّنت مجهودات الجزائر التي احتضنت ورعت الحوار الفلسطيني الفلسطيني حتى توقيع “إعلان الجزائر” الذي، تمَّ في نفس القاعة البيضاوية بالجزائر العاصمة التي أعلن منها الشَّهيد الرَّمز ياسر عرفات ـ رحمه الله ـ قيام الدولة الفلسطينية في 15 نوفمبر 1988.
كما شاركت سلطنة عمان في القمة العربية الحادية والثلاثين لمجلس جامعة الدول العربية يومي الفاتح والثاني من نوفمبر الجاري بوفد رفيع المستوى يترأسه صاحب السُّمو أسعد بن طارق نائب رئيس الوزراء لشؤون العلاقات والتعاون الدولي والممثل الخاص لجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم، وأسهمت السلطنة في نجاح القمة في مختلف الملفات. ويتطلع البلدان تحت القيادة الرشيدة لقائدي البلدين فخامة رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون وحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظهما الله ورعاهما ـ إلى تحقيق نقلة في العلاقات الاقتصادية والتجارية لما لهما من إمكانات طاقوية جد معتبرة وفرص استثمارية واعدة، كما أن هناك استعدادا عند الطرفين لتوسيع التبادل الثقافي وتشجيع السياحة الدينية لتحقيق المزيد من التطور والنماء للعلاقات الثنائية.
الوطن