بلغ عدد طلبات اللجوء في الاتحاد الأوروبي 996 ألف طلب في العام 2022، وهو أعلى مستوى منذ ستة أعوام، بحسب تقرير سنوي نشرته وكالة الاتحاد الأوروبي للجوء الثلاثاء (الرابع من تموز/يوليو 2023).
وتتخذ العديد من الدول الـ 27الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، بينها إيطاليا وبولندا والمجر (هنغاريا) والسويد، مواقف تزداد تشدداً ضد الهجرة غير النظامية.
ونُشر التقرير في وقت يناقش فيه الاتحاد الأوروبي إصلاحات لقوانين اللجوء والهجرة لديه. وتسعى عملية الإصلاح الشامل إلى تقاسم عبء استضافة طالبي اللجوء بين جميع الدول الأعضاء وتسريع عملية فحص طلبات اللجوء على الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي لاستبعاد الطلبات الأقل حظاً وتسريع عودة طالبي اللجوء المرفوضين إلى بلادهم أو إلى دول العبور.
كما يأتي التقرير بعد حوالي 3 أسابيع على فقدان المئات في غرق قارب مهاجرين قبالة سواحل اليونان، وتلقى اتهامات على خفر السواحل اليوناني بالتسبب بالمأساة، بينما تشدد الحكومة اليونانية على إلقاء المسؤولية على شبكات مهربي المهاجرين وحدها.
وتزامن تقرير وكالة الاتحاد الأوروبي للجوء مع مساعي للتكتل الأوروبي إلى إنجاز اتفاق مع تونس يهدف أساساً الى مكافحة الهجرة وضبط شبكات المهربين. وتأمل بروكسل في توسيع هذا النمط من التعاون في مرحلة لاحقة ليشمل دولاً أخرى في حوض المتوسط مثل مصر.
لإلقاء الضوء على القضايا السابقة حاور موقع “مهاجر نيوز” محمد الكاشف، الباحث الاستشاري في سياسات الهجرة وشؤون اللاجئين في منظمة مراقبة المتوسط Watch The Med التي تراقب الوفيات وانتهاكات حقوق المهاجرين على الحدود البحرية للاتحاد الأوروبي، وفي شبكة Migreurop الإفريقية-الأوروبية التي تضم نشطاء وباحثين ومنظمات حقوقية وتقوم بتوثيق الانتهاكات بحق المهاجرين.
“مهاجر نيوز”: هل تعتقد أن أي اتفاق يبرم بين الاتحاد الأوروبي وتونس سيكون مشابهاً للاتفاق مع تركيا العائد لعام 2016 أم أنه سيكون على شاكلة الاتفاق بين المغرب وإسبانيا؟
محمد الكاشف: بالنسبة للاتفاق الأوروبي مع تونس قد يظهر للعيان أنه على غرار الاتفاق الأوروبي التركي في 2016، لكن هذا الاتفاق له بعد آخر يختلف عن ذلك الاتفاق، فهو لا يهدف فقط لإبقاء اللاجئين والمهاجرين على الأراضي التونسية، ولكنه يطالب بمساعدة الجانب التونسي في حراسة الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي، وهو شبيه بالدور التي تلعبه المغرب في الاتفاقية الثنائية مع إسبانيا.
ويتضح من الاتجاه الأوروبي أن الاتفاق المقدر قيمته بمليار يورو بالفعل قابل للحياة، ويسعى الجانب الأوروبي بقوة لتنفيذه وتطبيقه على نطاق واسع في دول شمال إفريقيا الأخرى، بعد الوصول لآليات واضحة ومعلنة مع الجانب التونسي. وهو ما أكده اجتماع وزراء داخلية الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي مؤخراً في إشارة لمصر كشريك محتمل.
استغل الرئيس التونسي، الذي ينظر إليه البعض على أنه “مشروع مستبد”، الكلام عن اتفاق بين بلاده والتكتل الأوروبي لتقديم نفسه على أنه مدافع عن الكرامة الوطنية وبأنه لن يقبل أن تكون بلاده “حارسة” للحدود الأوروبية. هل يساهم التعاطي الأوروبي مع ملف الهجرة واللجوء في دعم الديكتاتورية؟
للأسف تدعم سياسات الاتحاد الأوروبي المتعلقة بحراسة الحدود ومكافحة الهجرة غير النظامية أو الهجرة السرية بشكل مباشر وغير مباشر وجود الديكتاتوريات ليس في تونس فقط، ولكن أيضاً في السودان. في السنين الماضية تم دعم قوات الدعم السريع بملايين اليوروهات والمعدات العسكرية والآليات اللازمة لحراسة الحدود ونتج عن هذه المساعدة تأسيس جيش موازي يخوض الآن حرباً أهلية وصراعاً على السلطة.
مصر نموذج آخر. كلنا يعلم كيف وصل النظام المصري الحالي للسلطة في 2013 أي منذ عشر سنوات، ومنذ 2015 تحديداً هناك تعاون مفتوح ومستمر مع الدولة المصرية ودعم ومشاركات وأموال ومشاريع مشتركة وغير ذلك.
ندد المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية بما وصفه محاولة “ابتزاز” أوروبية لتونس عبر عرض دعم مالي مقابل تكثيف الرقابة على الحدود. كيف تعلق؟
أنا متفق مع ما أشار إليه المنتدى التونسي من حيث هي محاولة ابتزاز أوروبية للنظام التونسي: نعطيكم بعض الأموال وندعم بعض المشاريع التنموية والاصلاحات الاقتصادية في مقابل حراسة وحماية حدودنا الخارجية.
في تعليقها على كارثة غرق قارب المهاجرين قبالة اليونان، قالت الوكالة الأوروبية لحرس الحدود والسواحل (فرونتكس) إن أثينا تجاهلت عرضاً للحصول على دعم جوي إضافي. كما قدم العديد من الناجين شهادات مفادها أن حرس السواحل اليونانيين استخدموا حبلاً لسحب القارب، مما قد يكون أدى إلى انقلابه. ما رأيك؟
حرس السواحل اليوناني متورط في أكثر من حادثه لانتهاك حقوق المهاجرين وحقوق الإنسان في العموم مثل الدفع بالقوة للمياه التركية، وإغراق قوارب مهاجرين في الماضي. وما حدث يوم 14 حزيران/يونيو الماضي من إغراق قارب مكدس بالمهاجرين نتيجة لمحاوله إبعاده للمياه الإقليمية الإيطالية وهو ما صورته طائرات فرونتكس وكذلك ما أفاد به ناجون. غير مستبعد عن حرس الحدود اليوناني القيام بهذه الجريمة، ولأن فرونتكس تريد أن تنفض يديها من هذا الجرم أعلنوا مؤخراً سحب عملياتهم من اليونان تماماً.
كيف يمكن التحقيق بشفافية في مآسي المهاجرين غير القانونيين كما حدث في مليلية قبل عام أو قبالة اليونان قبل أسابيع؟
لإجراء التحقيق في حوادث ومآسي المهاجرين بشفافية يجب أن تقوم بالتحقيقات أجهزة غير تابعة للدول التي ترتكب تلك الجرائم وأن تكون جهات محايدة ليس لها أي مصالح، ولا حتى أن تكون منظمات أممية تأخذ دعمها من دول بعينها بدليل أن المفوضية السامية لشؤون اللاجئين لا تعمل لصالح اللاجئين، والوضع في ليبيا خير شاهد على هذا. لذا يجب أن تكون هناك آلية قانونية وقضائية مستقلة تقوم بالتحقيق في مثل تلك الجرائم.
بعد وصول عدد النازحين واللاجئين إلى رقم قياسي هو 110 ملايين، ما هي الحلول الممكنة والمستدامة لقضية الهجرة غير القانونية أبعد من مجرد تشديد الرقابة على الحدود ومكافحة تهريب البشر؟
رقم 110 مليون طبعاً هو رقم كبير وكارثي، ولكن ليس كل 110 ملايين مهاجر غير نظامي؛ إذ بينهم بعض النازحين من حروب. نظام اللجوء الحالي الذي ينص على وجوب الوصول إلى أرض الدولة حتى يتم تقديم طلب اللجوء هو نظام أثبت الواقع على مر السنين قصوره. وبالتالي يجب إعادة هيكله القوانين والعمل على الحد من النزاعات، وتقليل بيع الأسلحة للدول الإفريقية ودول الشرق الأوسط التي تؤجج فيها النزاعات ببساطه وسهولة.
ما رأيك بخطة الاتحاد الأوروبي المتعلقة بإصلاح إجراءات اللجوء؟
يحاول الاتحاد الأوروبي تصدير المشكلة وإبعادها عن أراضيه وحدوده الداخلية. الهدف ليس الإصلاح ولكن حل أزمه سياسية-داخلية في الاتحاد الأوروبي.
وكالات