ظاهرة جديدة في احتجاجات تونس تضم عدد كبير من الأطفال الذين لم يتعد عمرهم 14 عاماً، وهذه الظاهرة لم تكن موجودة في أيام الانتفاضة التي أسقطت نظام زين العابدين بن علي، فالآن أصبحت الحراكات الشعبية ضد السياسيين والأحزاب تلقى هتافات غاضبة من الأطفال أيضاً، لأن الحلم التونسي من يوم انتصار الثورة وإلى الآن يتلاشى بسبب الخلافات المتتالية بين الأحزاب والتدخلات الخارجية التي باتت من الأولويات لدى بعض السياسيين التونسيين.
الكثير من الأحياء الفقيرة في تونس مهمشة وهذا يؤدي إلى ضعف الرعاية التربوية والعلمية، وأغلب أطفال هذه الأحياء باتوا يتخلون عن المدرسة للجوء إلى مهنة تعيل عوائلهم الفقيرة، وأيضا هناك مهن كثيرة حرة تلقي بالأطفال إلى الاستغلال وتدمير مستقبلهم، وهذه الشريحة تصبح جمرات صغيرة تحت الرماد وقابلة للانتفاض في أي فرصة تضعف فيها الدولة، وعدا عن استغلال القوى الخارجية وبالأخص الكيان الصهيوني، العدو الذي يسعى دائما لإشعال الفتن في الدول العربية لإضعافها ونشر الفوضى ليسهل انتشار أذرعه فيها.
وفي سياق هذا الموضوع أكد مساعد وكيل الجمهورية في المحكمة الابتدائية في القصرين شوقي بوعزي، أنه تم الاحتفاظ بـ 72 شخصاً، معظمهم ممن تتراوح أعمارهم ما بين 15 عاما و17، وأكد أيضا المتخصص والباحث في علم اجتماع الجريمة سامي نصر، أنه ثمّة جانباً تلقائياً في احتجاجات الأطفال والمراهقين، وذلك من خلال عدوى الاحتجاجات. فالأطفال يقلّد بعضهم بعضاً، وأيضا الحجر المنزلي مسّ التونسي في العمق وضرب حياته الطبيعية، فجعل النمط الجديد لدى كل شخص شحنة مكبوتة قابلة للانفجار في أيّ لحظة، وخاصة عند الأطفال، فالمشاركون في الاحتجاحات هم أطفال الثورة لكنّهم يلاحظون فشل مرحلة ما بعد الثورة، فيتحرّكون وكأنّهم يقولون للسياسيين: حيثما فشلتم أنتم سننجح نحن.
وما يثير القلق في هذه الأيام هو اهتمام السياسيين في المشاكل التي تخص مصالحهم ومناصبهم، دون الاكتراث بما يعانيه الشعب التونسي بكل شرائحه، فوعود الثورة لم تكن الخضوع لدول الاستكبار وتنفيذ أوامر الغرب الذي تسبب بهذه الأزمات الداخلية وعلى رأسها الأزمة الاقتصادية الخانقة لمعيشة التونسيين.