شهدت بلدة عقارب، في صفاقس وسط شرق تونس، فصلاً جديداً من مسلسل “أزمة مكب النفايات” المستمرة منذ أكثر من 40 يوماً، والتي تصاعدت في الأيام الأخيرة لتتحول الى مواجهات مع قوى الأمن.
ولبّى ناشطون وسكان البلدة، أمس، دعوة “اتحاد الشغل” الى الإضراب العام، ونظموا مسيرة احتجاجية رفضاً لإعادة فتح مكب النفايات بالمنطقة لحل أزمة النفايات المتراكمة، والتنديد بوفاة شاب، قال محتجون إنه توفي مختنقاً بقنبلة غاز مسيل للدموع أطلقتها قوات الأمن، وهو ما نفته وزارة الداخلية.
ووسط انتشار الجيش لحماية المنشآت العامة، تجمّع الآلاف من النساء والشباب وسط المدينة، وتوجهوا في مسيرة الى مكب النفايات ورددوا شعارات من قبيل “أغلق المصب”، “يا مواطن يا ضحية”، و”مسيرة سلمية لا للعنف”، رافعين أعلامًا تونسية.
وأغلقت غالبية المؤسسات الحكومية والمحال التجارية الخاصة في عقارب أبوابها، بينما اصطفت قوات الأمن أمام “مكب القنّة” في عقارب، ومنعت المحتجين من الدخول وأطلقت قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريقهم.
واندلعت مناوشات بين المحتجين وقوى الأمن في مدينة عقارب، مع احتدام المواجهات في محيط المكب الذي حاول المحتجون اقتحامه.
ودعا “اتحاد الشغل” رئيس الجمهورية قيس سعيّد إلى الابتعاد عن خطاب التجييش واستخدامه عبارات مثل الحشرات والجراثيم، معتبراً أن لها تداعيات على الوضع العام، وطالبه بمحاسبة أي طرف بالقانون.
وفي وقت سابق، وصف رئيس البرلمان المجمّد، راشد الغنوشي، الحقبة الجديدة في الحكم تحت مرسوم 117 الذي أصدره سعيّد بـ “السوداء”، مشيراً أنه على استعداد للتنحي من منصبه في حال كان ذلك سبيلاً لحل الأزمة السياسية التي تتخبّط فيها تونس.
في سياق متصل، قال الاتحاد العام التونسي للشغل إنه لا يمكن لحكومة انتقالية في وضع استثنائي أن تنفذ إصلاحات، وإنه يرفض أي خطط لخفض الدعم الذي يطالب به المقرضون الدوليون، وذلك في خطوة يتوقّع أن تعقّد جهود الحكومة للوصول إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي.
والأسبوع الماضي استأنفت السلطات التونسية محادثات فنية مع صندوق النقد، بهدف التوصل إلى حزمة إنقاذ، بينما تعاني البلاد أسوأ أزمة مالية في تاريخها.
وقال المتحدث الرسمي باسم الاتحاد سامي الطاهري: “نرفض أي خطط لخفض الدعم ونرفض رفع الأسعار.. يجب تعزيز الدعم في ظل التراجع الكبير في المقدرة الشرائية”.
وتوقفت المحادثات مع صندوق النقد الدولي بشأن برنامج تمويلي مقابل إصلاحات اقتصادية مؤلمة وغير شعبية في 25 يوليو، عندما أقال سعيّد الحكومة وعلّق البرلمان وتولى السلطة التنفيذية قبل أن يلغي أغلب أجزاء الدستور.
وأثار المانحون الأجانب وصندوق النقد الدولي في السابق الحاجة إلى دعم واسع للإصلاحات الاقتصادية، مما يعني أن سعيّد سيحتاج على الأرجح إلى موافقة نقابة العمال القوية واللاعبين السياسيين الرئيسيين لتأمين التوصل إلى اتفاق.
وكشف سعيّد عن حكومة انتقالية في أكتوبر الماضي، ووعد بحوار وطني، لكنه لم يضع خطة مفصلة لاستعادة النظام الدستوري الطبيعي، كما يطالب المانحون.
وقال المسؤول في الاتحاد العام التونسي للشغل “حكومة مؤقتة في ظروف استثنائية لا يمكنها تنفيذ إصلاحات اقتصادية.. هناك إصلاحات قد تتطلب خمس سنوات”.
كما حثّ صندوق النقد الدولي تونس على إصلاح منظومة الدعم وفاتورة أجور القطاع العام والشركات الخاسرة المملوكة للدولة.
المصدر الجريدة