لا يزال نحو 400 ألف طالب تونسي خارج فصول الدراسة بعد 45 يوماً من تدشين الموسم الدراسي الجديد، وذلك بسبب رفض المعلمين المتعاقدين والوقتيين الالتحاق بوظائفهم في انتظار تسوية وضعياتهم المهنية وتمكينهم من حقوقهم المالية بذمة الحكومة.
ولا تزال أغلب مناطق البلاد تشهد احتجاجات واسعة للمعلمين المتعاقدين والوقتيين المدعومين من الاتحاد العام التونسي للشغل، فيما أكد الرئيس التونسي قيس سعيد خلال لقاء بوزير التربية فتحي السلاوتي ورئيسة الحكومة نجلاء بودن، أن الدستور ينص على أن التعليم إلزامي إلى حدود سن الـ16، مشيراً إلى أنه من غير المقبول مهما كانت الأسباب أن يبقى عشرات الآلاف من الطلبة دون أن يلتحقوا بالمدارس الابتدائية والإعدادية والثانوية، وفق تعبيره.
وشدد الرئيس سعيد على ضرورة إيجاد حل في أسرع الأوقات يحفظ حق الناشئة في تعليم سليم، ويحفظ حق المعلمين الوقتيين والمتعاقدين بناء على خيارات واضحة ومقاييس موضوعية تضمن للطلبة حقهم المشروع في التعلم وللمعلمين حقهم في التعليم، مردفاً أن «أبناء شعبنا أمانة في أعناقنا جميعاً، وعلى الجميع أن يشعر اليوم وغداً بواجبه المقدس تجاه وطننا العزيز في أي موقع كان».
ويعتقد مراقبون محليون أن تستمر الأزمة خلال الفترة المقبلة نتيجة العجز عن التوصل إلى اتفاق واضح بين نقابات التعليم ووزارة التربية التي قالت إن «مقترحاتها على جديتها، وفي ظل ما تشهده المالية العمومية من صعوبات معلومة لدى الجميع»، جوبهت بالرفض من قبل الطرف النقابي الذي تمسك في المقابل بتسوية مسائل ذات علاقة بلوائح مهنية سابقة تحتاج إلى جلسات عمل مشتركة لتدارس مختلف جوانبها.
وبين المحلل السياسي عمر الحاج علي لـ«البيان» أن الوضعية صعبة للغاية، ولاسيما أنها تتعلق بآلاف المدرسين وبمئات الآلاف من الطلبة الذين لم يلتحقوا بمقاعد الدراسة إلى حد الآن، مضيفاً أن تونس وقعت أخيراً على اتفاق مع صندوق النقد الدولي يتضمن تجميد الانتداب في القطاع الحكومي، بما في ذلك انتداب المعلمين.
وتابع الحاج علي أن أكثر من 2.3 مليون طالب التحقوا بمدارسهم في المرحلتين الابتدائية والثانوية، إلا أن فرص العودة لم تكن متكافئة بين الطلبة في المدن والأحياء الراقية ونظرائهم في الأرياف والأحياء الشعبية، مردفاً أن القضية باتت تشكل حالة من الحرج للحكومة وتحتاج إلى حلول جذرية في أقرب وقت ممكن
ويجمع المهتمون بالشأن التونسي على أن الأزمة المالية التي تمر بها البلاد هي التي تسبب في هذه الوضعية غير المسبوقة، مشيرين إلى أن مخلفات حكم الإخوان المتراكمة بدأت تسفر عن وجهها بما يشكل وضعاً عسيراً سواء للدولة أو للمجتمع أو للحكومة التي تحاول تجاوز الأزمة، ولكن دون نتائج تذكر.
وكالات