لم تستسغ السلطات الجزائرية الطريقة التي تدخلت بها فرنسا في تونس لمنع ترحيل الناشطة السياسية أميرة بوراوي إلى الجزائر، وهي قضية يتوقع أن تتحول لأزمة دبلوماسية بين البلدين، في ظل وصف الإعلام الرسمي الجزائري ما فعلته السلطات الفرنسية بالتصرف “غير الودي”.
وفي افتتاحيتها التي تعبر عن التوجه الرسمي، كتبت يومية المجاهد الحكومية، اليوم الأربعاء، أن “فرنسا التي تواجه الكثير من الغضب في أفريقيا بسبب غطرستها الاستعمارية الجديدة لن تتغير أبدا”. واعتبرت الصحيفة أن فرنسا تصرفت بصفة “غير ودية للغاية” اتجاه الجزائر وتونس حيث قامت عبر ممثليتها الدبلوماسية في تونس بخرق القانون التونسي من خلال إجلاء باتجاه فرنسا رعية جزائرية كانت على وشك أن ترحل نحو الجزائر لأنها كانت تتواجد في وضع غير قانوني في تونس”.
وأبرزت، من توصف بعميدة الصحافة الجزائرية الناطقة باللغة الفرنسية، أن الجزائريين “قد سئموا من هذه التصرفات غير الودية من قبل فرنسا”، متسائلة كيف لهذه “السياسة الفرنسية التي تتميز بالتقدم بخطوة واحدة والتراجع بعشر خطوات أن تساعد على تهدئة النفوس، بل إنها تضفي برودة على العلاقات الثنائية وذلك قبل أسابيع من زيارة الدولة التي من المنتظر أن يقوم بها رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، إلى فرنسا؟”.
وأبرزت أن باريس، من خلال هذا التصرف، تضر بالعلاقات بين البلدين في الوقت الذي بدأت تشهد فيه تحسنا، بعد الزيارة التي أجراها الرئيس الفرنسي إلى الجزائر في أغسطس الأخير والتي توجت بـ”إعلان الجزائر من أجل شراكة متجددة” وبعدة اتفاقات تعاون.
وخلصت الصحيفة إلى أن هذا التصرف الذي جاء بعد عدة لقاءات واتصالات بين قيادتي البلدين، تحسبا لزيارة الدولة للرئيس تبون إلى فرنسا، قد يؤدي إلى تأزم الوضع وتعكير الجو الهادئ الذي كان يميز العلاقات بين البلدين في الآونة الأخيرة.
ويشير هذا الكلام إلى إمكانية أن تتضرر الزيارة المرتقبة للرئيس عبد المجيد تبون شهر أيار/مايو المقبل، والتي يجري التحضير لها عن كثب على مستوى وزارتي خارجية البلدين. وحتى أن الزيارة الأخيرة لرئيس أركان الجيش الجزائري السعيد شنقريحة، الأولى من نوعها منذ 17 سنة، كانت تدخل في إطار هذه الترتيبات.
ويبدو من خلال الأبعاد التي أخذتها قضية بوراوي، أن إقالة وزير الخارجية التونسي المقال، لم تكن بعيدة عن هذه التداعيات، إذ لم تستطع الخارجية التونسية مواجهة الضغط الفرنسي الذي فرضته القنصلية هناك التي خرجت للعلن واعتبرت أن الناشطة الفرنكو جزائرية، هي تحت الحماية الفرنسية.
ومساء أمس، ظهرت بوراوي عبر حسابها على فيسبوك، مبررة مغادرتها الجزائر بعدم تحملها هذا القدر من الظلم، فمنع المواطن من السفر اعتداء على أبسط حقوقه، ومنعه من العمل ومقاضاته حتى بسبب النكات على فيسبوك يشعره بأنه غير مرغوب فيه، مشيرة إلى أنها تحس بالأمان حيث هي الآن، ولم تعد تخشى الاعتقال لمجرد بضع كلمات وحفنة من الأفكار على فيسبوك.
وكانت الناشطة السياسية الجزائرية قد تمكنت من الوصول إلى مدينة ليون الفرنسية، بعد أن كانت مهددة بالطرد نحو الجزائر التي تواجه فيها حكما بالسجن لسنتين. وقد أثارت قضية الناشطة المعروفة، جدلا واسعا بعد أن تسللت إلى تونس خارج المعابر الحدودية الرسمية وحظيت هناك بحماية القنصلية الفرنسية.
وفي أيلول/سبتمبر، بدأت بوراوي بتقديم برنامج سياسي في إذاعة راديو أم التي أغلقت نهاية شهر كانون الأول/ديسمبر بعد اعتقال مديرها الصحافي إحسان قاضي. واشتهرت هذه السيدة وهي طبيبة نساء، بنشاطها السياسي المناهض للعهدة الرابعة للرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، حيث كانت من مؤسسي حركة بركات سنة 2014 التي لم تنجح في إعاقة الرئيس عن الترشح، ثم انخرطت في الحراك الشعبي الذي أطاح بالرئيس الراحل في فبراير/شباط 2019 وكانت من أبرز الوجوه التي تصدرت المسيرات.
القدس العربي