هل يمكن للأزمة الأوكرانية الروسية أن تقود إلى انتعاش فرص جديدة للدبلوماسية الأوروبية لتكثيف جهود الوساطة بين الجزائر والمغرب في أفق إعادة فتح خطوط أنابيب الغاز؟
إنه سؤال الساعة في عدد من بحوث التقييم السياسية، مثلما فعلت مؤسسة “المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية”، إذ نشرت مقالاً تحليلياً يرى أنه إذا شنت روسيا هجوماً جديداً على أوكرانيا، فإن الآثار المتتالية للمصالح الأوروبية ستنتقل إلى ما هو أبعد من البلدين، ومن المرجح أن يتأثر الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بشكل خاص.
وأضاف أنه من المحتمل أن تخلق الحرب في أوكرانيا مشكلات جديدة لأوروبا في المنطقة. في حين أن دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لن تكون قادرة بمفردها على استبدال روسيا كمزود الطاقة الرئيسي لأوروبا كما يأمل البعض، ومن ثم، ستتجه أكثر نحو الغرب. وستتيح هذه الوضعية الجديدة فرصاً أقوى للدبلوماسية الأوروبية لتنفيذ جهود الوساطة بين الجزائر والمغرب من أجل إعادة فتح خطوط أنابيب للطاقة التي كانت توقفت منذ بضعة أشهر بسبب التوترات المتصاعدة بين البلدين الجارين.
العداء طويل الأمد بين الجانبين لا يمكن أن ينتج سوى بصيص من الأمل في التوصل إلى حل سريع، حتى لو كانت الأزمة الأوكرانية قد تدفع الأوروبيين إلى تكثيف جهودهم لاحتواء النزاع المغربي الجزائري، وفق معدي التقرير المشار إليه. ومع ذلك، ما يزال بإمكان الجزائر توفير إمدادات الغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا أو تصدير المزيد من الغاز شرقاً عبر خط أنابيب إلى إيطاليا.
مشكلة أخرى تطفو على السطح، وتتمثل في ارتفاع أسعار المواد الغذائية إلى جانب الارتفاع الحاد في أسعار الطاقة، مما قد يؤدي إلى تأثير سلبي على الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
في السياق نفسه، تساءل موقع “يا بلادي” عما إذا كان الوضع المتوتر على الحدود بين أوكرانيا وروسيا قد يقود إلى تجديد عقد خط أنابيب الغاز بين المغرب العربي وأوروبا، الذي مر عبر المغرب والمغلق منذ 31 تشرين الأول/ أكتوبر المنصرم.
وأشار إلى أن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، تبحث عما إذا كان بمقدور الشركات الدولية العاملة في الجزائر (مثل إيني وتوتال وإيكوينور) على القيام بدور بديل لروسيا، كما اعتبر أنه في هذه الحالة يمكن لبايدن الاعتماد على دعم قطر، رابع أكبر منتج للغاز في العالم بعد الولايات المتحدة وروسيا وإيران. ويوفر الصراع الروسي الأوكراني كذلك فرصة للجزائر من أجل انتزاع التزام من الولايات المتحدة مقابل إعادة فتح صنبور صادراتها من الغاز، والتي تقدر سنوياً بنحو 20 مليار متر مكعب، عبر خط أنابيب الغاز بين المغرب العربي وأوروبا.
ولاحظ الموقع المذكور أنه منذ 31 تشرين الأول/ أكتوبر، تاريخ إغلاق خط الغاز الذي يمر عبر المغرب، سعت الجزائر من خلال خط “ميدغاز” الذي يربط مباشرة مع إسبانيا للوصول إلى 10 مليار متر مكعب، بينما يتقلب حجم الصادرات عبر خط الأنابيب إلى إيطاليا، عبر تونس، ما بين بين 20 إلى 30 مليار متر مكعب سنوياً.
بالإضافة إلى مسألة القدرات الإنتاجية، يبقى السؤال منصباً حول ما إذا كانت السلطات الجزائرية مستعدة لطعن روسيا حليفها الرئيسي في الظهر، وفي الوقت نفسه تقديم هدية للمغرب؟ يتساءل موقع “يا بلادي”.
وكانت الحكومة الإسبانية أعلنت منذ حوالي أسبوعين أنها استجابت “بشكل إيجابي” لطلب المغرب “لدعمه في ضمان أمن الطاقة على أساس العلاقات التجارية، كما ينبغي أن يتم مع أي دولة شريكة أو جارة”. وترغب الرباط في الاستفادة من التسهيلات الإسبانية لإعادة تحويل الغاز الطبيعي المسال إلى غاز طبيعي، حيث سيتم نقله من إسبانيا إلى المملكة المغربية عبر خط أنابيب الغاز بين المغرب العربي وأوروبا.
وتشهد العلاقات المغربية الجزائرية منذ عدة عقود حالة من التوتر، على خلفية نزاع الصحراء، إذ يتهم المغرب جارته الشرقية بالتدخل في شؤونه الداخلية ويعتبرها طرفاً في النزاع المذكور، بينما تقول إنها مع حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره.
وأعلنت الجزائر صيف العام المنصرم، قطع علاقاتها مع المغرب بسبب تصريحات سفيره الدائم في الأمم المتحدة، أعلن فيها حق سكان منطقة “القبائل” الجزائرية في تقرير مصيرهم.
كما اتهمت الرئاسة الجزائرية في تشرين الثاني/ نوفمبر، القوات المسلحة الملكية المغربية بقتل 3 مواطنين جزائريين على الحدود بين موريتانيا والصحراء. بينما رد مصدر مغربي بالقول إن الحادث وقع في حقل ألغام حيث كانت شاحنتان جزائريتان تحملان عتاداً عسكرياً لجبهة البوليساريو.
القدس العربي