دعت جمعية القضاة التونسيين إلى الاحتجاج على “استهداف السلطة القضائية وإخضاعها للسلطة التنفيذية” في تونس، في وقت حذرت أحزاب تونسية من “التدخل السافر” للرئيس قيس سعيد في تسيير مؤسستي الإذاعة والتلفزيون الحكوميتين.
وفي بيان لها اليوم الثلاثاء دعت جمعية القضاة التونسيين (مستقلة)، إلى تأخير الجلسات لمدة ساعة، وحمل الشارة الحمراء (تربط على معصم) بشكل دائم إلى حين استعادة السلطة القضائية لمكانتها الطبيعية بوصفها سلطة من سلطات الدولة واستعادة ضمانات استقلالها الهيكلية والوظيفية.
كما دعت إلى “تنفيذ تحرك احتجاجي بعد غد الخميس أمام محكمة التعقيب (النقض) بالعاصمة تونس بالزي القضائي تصديا لاستهداف السلطة القضائية وإخضاعها إلى السلطة التنفيذية”.
وحثت الجمعية “عموم القضاة العدليين والإداريين والماليين على التعبئة والانخراط في إنجاح هذه التحركات دفاعا عن استقلال السلطة القضائية وتصديا لما تتعرض له من استهداف من السلطة التنفيذية”.
وقالت الجمعية إنها ستعقد مؤتمرا صحفيا غدا الأربعاء لتسليط الضوء على “المخاطر الحقيقية من بسط نفوذ السلطة التنفيذية بالكامل على السلطة القضائية بمختلف أصنافها”.
وهذا هو التحرك الاحتجاجي الثاني لجمعية القضاة بعد دعوتها إلى تعليق العمل في المحاكم ليومين وتنفيذها في اليوم الثاني لوقفة احتجاجية أمام محكمة تونس العاصمة، في وقت سابق من الشهر الجاري.
وكان الرئيس قيس سعيد أصدر مرسوما في الجريدة الرسمية يوم 13 فبراير/شباط الجاري يقضي بحل المجلس الأعلى للقضاء، وهو هيئة دستورية مستقلة مكلفة لإدارة القطاع القضائي، ومراجعة القانون المؤسس له ووضع هيئة وقتية بدلا عنه.
وهذه أحدث مؤسسة يطالها قرار الحل أو التجميد من قبل الرئيس بعد البرلمان وهيئة مكافحة الفساد بجانب تعليقه العمل بمعظم مواد الدستور وطرحه لخارطة إصلاحات سياسية بديلة.
ويمنح المرسوم صلاحيات للسلطة التنفيذية بتعيين أعضاء المجلس، كما يؤدي الأعضاء اليمين الدستورية أمام الرئيس.
ومن بين الصلاحيات الأخرى الممنوحة للرئيس النظر في حركة نقل القضاة والإمضاء عليها والاعتراض على بعض الترشيحات في مناصب سامية بأجهزة القضاء، كما يتمتع بسلطة إعفاء أي قاض “أخل بواجباته” وفق المرسوم، بعد تقديم رئاسة الحكومة تقريرا معللا في ذلك.
الإعلام الحكومي
في غضون ذلك، حذرت 3 أحزاب تونسية، اليوم الثلاثاء من “التدخل السافر للرئيس قيس سعيد في تسيير مؤسستي الإذاعة والتلفزيون الحكوميتين”، معربة عن رفضها لذلك.
وقالت أحزاب التيار الديمقراطي (22 مقعدا من أصل 217 بالبرلمان المجمدة اختصاصاته) والتكتل والجمهوري (لا نواب لهما)، في بيان مشترك إنها تقدمت اليوم برسالة إلى الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري (دستورية مستقلة) عبّرت من خلالها عن رفضها “لكل محاولات وضع اليد على الإعلام”.
وأضافت الأحزاب الثلاثة في بيانها “نحذر من التدخل السافر لرئيس الجمهورية في تسيير مؤسستي الإذاعة والتلفزة التونسيتين قصد توظيفهما في مشروعه الانقلابي التسلطي”.
وطالبت الأحزاب الهيئة بـ”اتخاذ مواقف واضحة وحازمة للوقوف في وجه التجاوزات الحاصلة والنهوض بالمهام الموكولة إليها كهيئة تعديلية ورقابية من أجل ضمان تنوع وانفتاح المشهد الإعلامي”.
كما دعا البيان الهيئة لـ”توجيه تنبيه مباشر لإدارة التلفزة التونسية لتحميلها مسؤوليتها في الحفاظ على استقلالية الخط التحريري للمؤسسة العمومية وعدم الانخراط في الدعاية لمشاريع محل جدل في الساحة السياسية”.
ولفتت الأحزاب إلى ما اعتبرته “التدخل السافر لسعيد في تسيير مؤسسة الإذاعة التونسية، ليس فقط من خلال إعلانه في 14 فبراير/شباط الجاري، عن إنهاء مهام المكلف بتسيير هذه المؤسسة العمومية، بل وعن إلغاء كافة القرارات التي اتخذها هذا المدير المسؤول”.
يذكر أن الرئاسة التونسية أعلنت في بيان مقتضب لها قبل أسبوع أن رئيس الجمهورية قرر إنهاء تكليف شكري الشنيتي من مهامه كمكلف بتسيير مؤسسة الإذاعة التونسية بصفة وقتية وإلغاء كل قرارات التسمية والتعيين التي تم اتخاذها من قبله ولم يحدد بيان الرئاسة أسباب هذا الإعفاء.
وتعاني تونس، منذ 25 مايو/أيار 2021، أزمة سياسية حادة زادت الوضع الاقتصادي سوءا، حيث بدأ الرئيس قيس سعيد آنذاك فرض إجراءات استثنائية منها: إقالة الحكومة وتعيين أخرى جديدة، وتجميد عمل البرلمان، وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية.
وترفض أغلب القوى السياسية في تونس إجراءات سعيد الاستثنائية، وتعتبرها انقلابا على الدستور، بينما تؤيدها قوى أخرى ترى فيها تصحيحا لمسار ثورة 2011، في ظل أزمات سياسية واقتصادية وصحية.