اعتبر الناطق باسم حزب “آفاق تونس” (ليبيرالي) أنس السلطاني، أن مشروع الدستور المقترح من الرئيس قيس سعيّد المرتقب في 25 يوليو/ تموز “يمثل خطرا على البلاد”.
وقال السلطاني في مقابلة مع الأناضول، الأربعاء، إنهم “اختاروا التصويت بـ لا على استفتاء الدستور المرتقب قبل صدوره في نسختيه الأولى والمعدلة”.
وأرجع هذا الاختيار إلى أنّ “الاستفتاء لن يكون فقط على دستور جديد، بل على مسار مدته سنة منذ إعلان سعيّد عن إجراءاته الاستثنائية”.
واعتبر متحدث الحزب أن “هذا المسار سيتجه بالبلاد إلى طريق خطير ستعاني منه لسنوات”.
ولفت إلى أن حزب “آفاق تونس يدعو إلى إعلاء المصلحة التونسية لأنها مصلحة جماعية”، مشددا على أن “الخروج من المأزق مسؤولية الجميع”.
ويدعو الحزب للتصويت بالرفض على استفتاء مشروع الدستور، رغم ترحيبه المسبق بقرارات سعيّد الاستثنائية عام 2021 ووصفه لها في ذلك الوقت بـ”الصدمة الإيجابية”.
وتأسس حزب “آفاق تونس” بعد الثورة التونسية عام 2011 وتعاقب على قيادته 3 رؤساء حتى الآن.
حال التونسيين بعد 25 يوليو
وجزم السلطاني، أن حال التونسيين “لن يتغيّر ما بعد 25 يوليو (موعد الاستفتاء)”.
وقال: “لن تصبح تونس الجنة التي يتمناها الشعب، لأن الأزمة أعمق من ذلك وتتطلب إرادة سياسية لحل المشاكل الأساسية”.
وأشار السلطاني إلى أن “عجز الرئيس عن إيجاد حلول اقتصادية واجتماعية جعله يختلق الأزمة ويقول إنها سياسية ودستوريّة”.
الكراسي الفارغة
ويؤكد حزب “آفاق تونس” رفضه للمسار السياسي للرئيس سعيّد، لكنه رغم ذلك اختار المشاركة في الاستفتاء على مشروع الدستور والتصويت بالرفض بدل المقاطعة.
أوضح السلطاني موقف الحزب قائلا: “لا نؤمن بسياسة الكراسي الفارغة، لأن السياسة ليست تسجيل مواقف فحسب، بل مستقبل بلاد ومصلحة شعب”.
وأضاف: “عندما تقاطع فكأنك فتحت الطريق أمام هذا المسار، فالمقاطعة لم يكن لها جدوى في عدة تجارب سابقة سواء في تونس أو غيرها إلا لتسجيل مواقف شخصية”.
وزاد السلطاني: “المشاركة والتصويت بـ لا نعتبره ضغطا كبيرا على رئيس الجمهورية، وبإمكان التصويت بلا أن يمثل حاجزا أمام هذا المسار”.
مسار أحادي
وانتقد متحدث “آفاق تونس” مسار الرئيس سعيد الذي وصفه بأنه “أحادي”، معتبرا أن من ميزاته “المكابرة وعدم اعترافه بالأخطاء”.
وتابع: “الرئيس صاغ دستورا لنفسه، ووضع (نظاما رئاسيا) لا يتعرض فيه للمحاسبة أو المساءلة أو المراقبة، بينما يقوم هو بسحب صلاحيات النواب من وكالة وحصانة وغيره”.
وأردف: “تكونت صورة سيئة لدى التونسيين عن النظام السياسي القائم (برلماني معدل)، باعتبار أنّ البرلمان كان بمثابة صورة مصغرة للمجتمع الذي تسوده الصراعات”.
أصعب الطرق
كما انتقد ما وصفه بـ”البناء القاعدي الذي طالما دافع عنه سعيّد (من الحكم المحلي إلى المركز)” قائلا: “تتوفر في تونس كل مقومات النجاح، لكننا اخترنا أصعب الطرق لتحقيقها”.
وأضاف: “الدول التي تريد أن تكون نموذجا ديمقراطيا وسياسيا يجب أن تضمن نجاحا اقتصاديا واجتماعيا”.
وتابع: “حياة التونسيين لا تمر إجباريا عن طريق الدستور، إنما عن طريق الأهم: الكفاءة والإمكانيات والتمكن الاقتصادي والاجتماعي”.
صدمة إيجابية
وفيما يتعلق بالإجراءات الاستثنائية التي اتخذها الرئيس سعيد، قال السلطاني إنها “كانت قرارا سياسيا رغم الجدل حول قانونيتها”.
وأضاف: “اعتبرناها في ذلك الوقت صدمة إيجابية نظرا لما كانت تمر به البلاد من أزمة”.
وأردف السلطاني: “توحدت آنذاك الغاية مع رئيس الجمهورية في الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، لكن اختلفت الوسائل”.
وتابع: “الرئيس اختار طريقا محفوفا بالمخاطر أوصلنا إلى استفتاء على دستور لم يشارك أحد في كتابته”.
وزاد: “في المقابل كانت لدينا خارطة طريق تقوم على تصور اقتصادي واجتماعي وتركيز على مشاكل التونسيين والقيام بإصلاحات سياسية”.
واستدرك: “لكن الرئيس اختار ربط الأزمة بمشكلة الدستور، وهو أمر يذكّرنا بما قامت به حركة النهضة عام 2011 حين ربطت الوضع بمسألة الهوية والدين”.
سنسعى لتحقيق حلم الرئيس
وخلال حملته للاستفتاء على مشروع الدستور، رفع حزب “آفاق تونس” شعارات لافتة مثل: “لنحقق حلم الرئيس ونصوّت بلا”.
وتأتي هذه الشعارات في سياق تصريحات قديمة للرئيس سعيّد، قال فيها: “الاستفتاء هو أداة من أدوات الديكتاتورية المتنكرة في البلدان العربية.. ونحلم يوما ما أن يقف شعب عربي ويقول لا”.
وعلّق السلطاني على هذه التصريحات بالقول: “نحن نسعى لتحقيق حلم الرئيس، لكن ليس من زاوية شخصية انتقاما أو نكاية فيه”.
وأوضح: “هدفنا مصلحة تونس ولا تهمنا الأحزاب أو الأشخاص”.
صندوق النقد الدولي
وحول الوضع الاقتصادي والمفاوضات الأخيرة مع صندوق النقد الدولي، قال السلطاني إن “الحزب كان ضد الاتفاق منذ بدء الحديث عنه”.
وأضاف: “لأننا نعرف مسبقا أن الشروط التي فرضها الصندوق ووافقت عليها الحكومة سرا من الصعب تطبيقها”.
وأوضح: “عدم زيادة الأجور الذي يطالب به صندوق النقد يصعب تطبيقه في ظل تضخم اقتصادي ورفع للدعم، لا سيما أن البلاد لا زالت تعاني من تداعيات أزمة كورونا، وانتكاسة اقتصادية عالمية”.
وتابع: “الحكومة ترضخ لشروط صندوق النقد الدولي لعجزها عن القدرة على الإنجاز وإيجاد حلول”.
وأردف: “يمكن أن نتفاوض مع صندوق النقد وفق وصفة قابلة للتطبيق، لكن حسب برنامجنا وليس وفق شروطه”.
وزاد: “من الضروري مصارحة التونسيين بشفافية بحقيقة الوضع الاقتصادي وإعادة محركات الاقتصاد من استثمار عمومي وخاص”.
والثلاثاء، قالت بعثة صندوق النقد الدولي، إن “المناقشات مثمرة بشأن التوصل لاتفاق جديد في إطار تسهيل الصندوق الممدد لدعم السياسات والإصلاحات الاقتصادية للسلطات في تونس”.
وبعد أشهر من المناقشات، انطلقت مطلع الأسبوع الماضي مفاوضات رسمية بين صندوق النقد وتونس، سعيا للتوصل إلى اتفاق للحصول على قرض بقيمة 4 مليارات دولار لاستكمال موازنتها لعام 2022.
ومن المقرر أن يجري في تونس استفتاء على دستور جديد في 25 يوليو الجاري، وسط تأييد ورفض ودعوة للمقاطعة.
ولم يتسن الحصول على تعليق من الرئاسة التونسية حول تصريحات السلطاني وموقف حزبه من الاستفتاء على الدستور.
وتعاني تونس منذ 25 يوليو 2021، أزمة سياسية حادة، حيث فرض سعيد آنذاك إجراءات استثنائية، منها حل البرلمان وإصدار تشريعات بمراسيم، وإقالة الحكومة وتعيين أخرى.
وترفض عدة قوى سياسية ومدنية الإجراءات وتعتبرها “انقلابًا على الدستور”، بينما تؤيدها قوى أخرى ترى فيها “تصحيحا لمسار ثورة 2011″، التي أطاحت بالرئيس زين العابدين بن علي.
الأناضول