عليسة و تعرف أيضاً باسم أليسا أو أليسار هي ابنة ملك صور ومؤسسة قرطاج وملكتها الأولى. اشتهرت بعد ذكرها في الإنياذة التي كتبها فرجيل. وعرفت بدهائها وحسن التدبير اللذان سمحا لها بإنشاء وحكم قرطاج في شمال أفريقية التي عرفت بتجارتها الواسعة وسيطرتها على بحار المتوسط. كما أن تصاهرها مع سكان شمال أفريقية أوجد الشعب البونيقي الذي استوطن سواحل المتوسط.
جمعت عليسة ممتلكاتها وكنوزها، وأخذت أسطول زوجها التجاري، هي ومن تبعها من الأمراء والأثرياء الذين كانوا ضد نظام الملك الجديد، وكانوا يخافون جبروته وبطشه، وانطلقت في عرض البحر تاركة وراءها فينيقيا وما فيها من ذكريات وآلام، حاملة معها حلمًا في تكوين إمبراطورية خاصة بها، وما إن أصبح الأسطول في عرض البحر حتى أمرت عليسة حاشيتها بإلقاء أكياس كانت في بطن السفن في البحر، ولما سألها مرافقوها عن هذه الأكياس، قالت إنّها كانت تحتوي على كنوز زوجها الشهيد وقد رمتها في اليمّ قربانا لروحه الطّاهرة، وبذلك ضمنت أنها قد أحرقت كل خطوط التراجع على مرافقيها، وفي نفس الوقت أرسلت رسالة واضحة إلى مَن قد يريد التمرّد للاستيلاء على الكنوز المحملة في بطون السفن، فما بقي للجميع إلا الاتحاد خلف هدفها بتأسيس إمبراطوريتها الجديدة ومواصلة الرحلة نحو الأرض المنشودة.
بدت عليسة أكثر ذكاء مما توقع السكان المحليون، وكذلك ملك البربر الذي أعجب كثيرا بقدرة الملكة الشابة على التفاوض من أجل الحصول على ما تريد، لذا طلب الزواج منها لكنها قابلت طلبه بالرفض، ما دفعه إلى اتخاذ قرار عجيب، تمثل في تأسيس جامعة كبيرة في البلاد أملا في أن تأتي له بامرأة تتمتع بنفس القدر من الدهاء.
على الرغم من أن قرطاج كانت تتبع في الأساس بلاد صور، إلا أن الملكة عليسة بقيت وسط جيشها في أمان تام، فيما حصلت قرطاج على استقلالها بعد ذلك لتصبح نواة تكوين تونس في قلب شمال إفريقيا فيما بعد.
عاشت الملكة عليسة لسنوات طويلة وهي في سدة الحكم، لترحل عن الحياة بعد أن صارت واحدة من أعظم نساء قرطاج القديمة، إن لم تكن الأعظم من بينهن على الإطلاق.
أنهكت قرطاج من كثرة الحروب التي خاضتها، رغم أن جيوش حنابعل تمكنت من الوصول إلى وسط روما وتهديد الإمبراطورية الرومانية في عقر دارها، فحشدت روما كل جيوشها وقامت بهجوم كاسح على قرطاج، معتمدة على خيانة بعض المأجورين، واحتل الرومان قرطاج بعد أن حاصرها الجيش الروماني ثلاث سنوات كاملة، لكنها اضطرت للاستسلام بعد صمودها كل هذه المدة فأمر قيصر روما بإحراقها وتدميرها كليا حتى لا يعود لها وجود، وتم رش الملح في كل أراضيها حتى لا ينبت فيها زرع بعد ذاك ولا يتمكن أحد من إعادة إعمارها، كما ذُبح غالب مدنييها وصار الباقون عبيدا في قصور روما، وهكذا خرجت قرطاج من التاريخ، وأصبحت مجرد مقاطعة رومانية.. لكن أعيد بناء قرطاج بعد حوالي مائة عام لتصبح ثاني عاصمة لمقاطعة شمال إفريقيا الرومانية، وثاني أكبر مدينة في الإمبراطورية الرومانية بعد الإسكندرية…”