محمد بن عبد الله بن محمد اللواتي الطنجي المعروف بابن بطوطة، ولد في 24 فبراير 1304 – 1377م بطنجة) (703 – 779هـ) هو رحالة ومؤرخ وقاض من قبيلة لواتة، لقب بـأمير الرحالين المسلمين. خرج من طنجة سنة 725 هـ فطاف بلاد المغرب ومصر والحبشة والشام والحجاز وتهامة ونجد والعراق وبلاد فارس واليمن وعمان والبحرين وتركستان وما وراء النهر وبعض الهند والصين الجاوة وبلاد التتار وأواسط أفريقيا. وإتصل بكثير من الملوك والأمراء فمدحهم – وكان ينظم الشعر – واستعان بهباتهم على أسفاره، والكنية “ابن بطّوطة” هي كنية أطلقها الفَرَنجة على محمد بن عبد الله الطنجي، وتابَعَهم أكثر الناس.
زار الشام سنة 1325 و بعدها بلاد فارس و بلاد العرب و شرق افريقيا و اسيا الصغرى و القرم و حوض الفولجا الادنى. دخل قسطنطينيه و من هناك راح على خوارزم و بخارى و تركستان و افغانستان و الهند ، و اشتغل فى دلهى ثمانية سنوات. اتبعت فى سفاره للصين و زار جزر المالاديف اللى كانت اياميها اسمها ” جزر المهل ” ، و جزر فى اندونيسيا و بعدين رجع لطنجه سنة 1347.
كانت جُزر المالديف الساحرة المشهورة آنذاك بجزر “ذِيبة المهل” الواقعة في المحيط الهندي جنوب الهند وسريلانكا قد شهدت نزول ابن بطوطة فيها ساكنا ومتزوجا أربعا من نسائها، ثم قاضيا لها كأنه الملك بين جنباتها.
أما ما يتعلق بعالم المرأة في هذه الجزيرة فقد رأى ابن بطوطة بعض العادات التي كان أهلها ملازمين لها رغم إسلامهم قبل ذلك بقرنين على الأقل، منها عدم سترة أجساد النساء في الأجزاء العلوية منها تشبُّها بالرجال، يقول في ذلك: “ولقد جهدتُ لمّا وُليت القضاء بها أن أقطع تلك العادة وآمرهن باللباس، فلم أستطع ذلك، فكانت لا تدخل إليَّ منهُنّ امرأة في خصومة إلا مستترة الجسد، وما عدا ذلك لم تكن لي عليه قدرة، ولباس بعضهن قُمص زائدة على الفوطة (التي يلبسنها في الجزء السفلي أسفل السرة إلى القدمين)، وقُمُصهن قصار الأكمام عراضها، وكان لي جَوارٍ كسوتهن لباس أهل دهلي (الهند) وغطّين رؤوسهن، فعابهن ذلك أكثر مما زانهن إذ لم يتعودنه”
قضى ابن بطوطة نصف حياته بالتجوال عبر مساحاتٍ شاسعةٍ، وتنقّل في أكثر من 40 دولة؛ سواء عن طريق الإبحار، أو الالتحاق بقوافل الجمال، أو السير على الأقدام، ويُذكر أنَّه بدأ رحلته في الحادي والعشرين من عمره؛ حيث انطلق وغادر المغرب إلى منطقة الشرق الأوسط، وكان يعتزم الحج إلى مدينة مكة المكرمة، ويرغب في دراسة الشريعة الإسلاميّة، حيث درسها، وقام بجولة في الإسكندرية ومدينة القاهرة، وأعجب بجمالها، ثمَّ واصل رحلته إلى مكة المكرمة، وأدّى فريضة الحج، وبعد انتهائه منها تابع التجوال في العالم الإسلاميّ، وبعد مرور تسعة وعشرين عاماً عاد إلى وطنه، ثم سجّل رحلاته الطويلة في كتاب الرحلة.
وأما عن زيارته ونشاطاته في دول إفريقيا، فقد رحل ابن بطوطة جنوبا بمحاذاة نهر النيجر، حتى وصل لعاصمة مالي التي كانت إمبراطورية قوية ومزدهرة، وهناك التقى مانسا سليمان شقيق مانسا موسى أو الملك الذهبي الذي بلغت الإمبراطورية في عهده أوج قوتها من ساحل المحيط الأطلنطي غرباً وإلى نهر النيجر شرقاً بما في ذلك مناجم الذهب في غينيا التي جعلت الإمبراطورية شديدة الثراء.
أسس هذه السلطنة شعب “الماندنجوه” ومعناها “المتكلمون” بلغة الماندي، وكانت إحدى الحضارات الأفريقية المزدهرة بين القرنين الثالث عشر والسادس عشر، واعتنق ملوك كانجابا الذين أسسوها الإسلام وانتصروا على ملوك كانياجا المنافسين لهم لتتسع حدود دولتهم وتضم العديد من مدن السودان الكبير وتسيطر على مصادر الثروة، وأهمها الذهب والملح والنحاس، وتصبح ملتقى القوافل التجارية عبر الصحراء الأفريقية بين شرق وغرب وشمال القارة.
توفّي الرحالة ابن بطوطة في مدينة مراكش؛ وذلك في عام 779هـ الموافق بالميلادي 1377، وقد لقبته جمعية كمبردج بأمير الرحّالين المسلمين، حيث كان له الفضل الكبير على الجغرافيين من بعده، وذلك لأنَّه ترك صورة صادقة للحياة التي عاشها في عصره؛ إذ أمضى حياته باحثاً عن المعلومات الجغرافيّة الصادقة، وقطع في سبيل ذلك نحو خمسة وسبعين ألف ميل.