تواجه إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب انتقادات واسعة بسبب خطتها المثيرة للجدل لإعادة تسمية وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) لتصبح “وزارة الحرب”، والتي من المقرر أن يوقع عليها ترامب الجمعة عبر أمر تنفيذي يتجاوز الكونجرس، وفقًا لما كشفته صحيفة “ذا جارديان” البريطانية.
معارضة ديمقراطية شديدة للخطة
تصدرت المعارضة الديمقراطية الانتقادات الموجهة لهذه الخطوة، إذ وجهت السيناتور تامي داكوورث، وهي محاربة قديمة فقدت كلا ساقيها في أثناء خدمتها بأفغانستان وعضو في لجنة الخدمات المسلحة، انتقادًا لاذعًا لترامب.
وتساءلت داكوورث في تصريحات نقلتها “ذا جارديان”: “لماذا لا نوجه هذه الأموال نحو دعم العائلات العسكرية أو توظيف دبلوماسيين يساعدون في منع اندلاع النزاعات من البداية؟”.
وأضافت السيناتور المحاربة أن ترامب “يفضل استخدام جيشنا لتسجيل نقاط سياسية بدلًا من تعزيز أمننا القومي ودعم أفراد الخدمة الشجعان وعائلاتهم”.
كما أشار النقاد إلى التناقض بين سعي ترامب للحصول على جائزة نوبل للسلام لجهوده في إنهاء النزاعات بالشرق الأوسط وأوكرانيا، وبين إعادة تسمية وزارة الدفاع باسم يوحي بالعدوانية.
إستراتيجية ترامب لتجاوز الكونجرس
كشفت مصادر في الإدارة الأمريكية، لصحيفة “ذا جارديان”، عن تفاصيل الإستراتيجية القانونية التي ستتبعها إدارة ترامب لتنفيذ هذا التغيير، إذ سيجعل الأمر التنفيذي “وزارة الحرب” عنوانًا ثانويًا للوزارة، وهي حيلة قانونية للالتفاف حول ضرورة الحصول على موافقة الكونجرس لإعادة تسمية وكالة فيدرالية بشكل رسمي.
وبموجب هذا الأمر، ستُوجه جميع فروع السلطة التنفيذية لاستخدام تسمية “وزارة الحرب” في اتصالاتها الداخلية والخارجية، بينما سيُسمح لوزير الدفاع بيت هيجسيث والمسؤولين الآخرين باستخدام لقب “وزير الحرب” كألقاب رسمية.
وعندما سُئل ترامب عن ضرورة الحصول على موافقة الكونجرس، أجاب بثقة: “سنقوم بذلك فحسب.. متأكد أن الكونجرس سيوافق، إذا احتجنا لذلك، لا أعتقد أننا نحتاج لذلك حتى”.
الدوافع والمبررات التاريخية
يستند ترامب ووزير دفاعه هيجسيث في دفاعهما عن هذا التغيير إلى الحجة التاريخية، مدعيين أن العودة للاسم القديم ستقدم الجيش الأمريكي بصورة أكثر قوة وعدوانية أمام العالم.
وقال ترامب في تصريحات من المكتب البيضاوي، الأسبوع الماضي، بحسب “ذا جارديان”: “الجميع يُعجب بتاريخنا المذهل من الانتصارات عندما كانت تُسمى وزارة الحرب، ثم غيرناها إلى وزارة الدفاع”.
هذا التبرير يعود إلى فترة ما قبل عام 1949، عندما كان لدى الحكومة الأمريكية فعلًا “وزارة حرب” استمرت حتى فترة قصيرة بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية.
في ذلك العام، عدّل الكونجرس قانون الأمن القومي وأطلق على الوكالة الجديدة اسم “وزارة الدفاع”، في إطار إعادة هيكلة شاملة للمؤسسة الأمنية الأمريكية.
التكلفة والتوقيت السياسي
توضح الصحيفة البريطانية أن التقديرات تشير إلى أن تنفيذ هذا التغيير قد يكلف عشرات الملايين من الدولارات، إذ ستحتاج الأوراق الرسمية والمراسلات واللافتات على آلاف المباني والمرافق في الولايات المتحدة والقواعد العسكرية المنتشرة حول العالم للتغيير والتحديث.
وكشفت مصادر في البيت الأبيض، لـ”ذا جارديان”، أن الإدارة حريصة على اتخاذ خطوة رمزية للاحتفال باليوم المائتين من ولاية ترامب الرئاسية الثانية، ما يشير إلى البعد السياسي والدعائي لهذه الخطوة، كما سيوجه الأمر التنفيذي وزير الدفاع لإعداد توصيات حول الخطوات التشريعية اللازمة لجعل هذا التغيير دائمًا عبر الكونجرس مستقبلًا.