يتوجه الألمان، صباح اليوم الأحد، إلى صناديق الاقتراع لتحديد الاتجاه السياسي لأكبر اقتصاد في أوروبا متجاوزين بهذه الانتخابات حقبة المستشارة أنغيلا ميركل التي استمرت قرابة 16 عاما.
ومنذ إنشائها في عام 1949، تولى الحكم في ألمانيا الاتحادية 7 مستشارين رجال ومستشارة سيدة.
ومنذ إعادة توحيد ألمانيا في عام 1990، تولى المسؤولية 3 مستشارين، واعتمد كل منهم على حزب آخر في الائتلاف من أجل الحصول على الاغلبية في البرلمان.
وحذرت المستشارة الألمانية من أن تحالفاً يميل إلى اليسار قد يخنق الأعمال التجارية بضرائب جديدة وقد يعزل ألمانيا دولياً، داعية لإبقاء المحافظين في السلطة من أجل “الاستقرار الذي لطالما ميّز ألمانيا”، وقائلة إن مستقبل ألمانيا بات “على المحك”.
لم تشر ميركل إلى الاشتراكي الديموقراطي مباشرة في حديثها، لكن تحذيراتها تبدو كأنها استباق من حدوث انزياح في التصويت يقود إلى فوز شولتز (Wolfgang Rattay/Reuters).
ودعت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل يوم السبت الناخبين لإبقاء المحافظين في السلطة من أجل “الاستقرار الذي لطالما ميّز ألمانيا”، قائلة إن مستقبل ألمانيا بات “على المحك”.
وحضّت المستشارة الألمانية على التصويت لمرشّح تحالفها أرمين لاشيت لتشكيل مستقبل ألمانيا، في محاولة أخيرة لدعم حملته قبل 24 ساعة من بدء الاقتراع.
ويحل لاشيت (60 عاماً) في المرتبة الثانية خلف منافسه الاشتراكي الديموقراطي أولاف شولتز للفوز بالمستشارية، على الرغم من أن الاستطلاعات النهائية تشير إلى أن الفارق بينهما يقتصر على هامش الخطأ، ما يجعلها الانتخابات الأكثر غموضاً منذ سنوات.
ولم تشر ميركل إلى الاشتراكي الديموقراطي مباشرة في حديثها، لكن تحذيراتها تبدو كأنها استباق من حدوث انزياح في التصويت يقود إلى فوز شولتز، وقالت في هذا الصدد إن تحالفاً يميل إلى اليسار قد يخنق الأعمال التجارية بضرائب جديدة ويعزل ألمانيا دولياً، حسب موقع بوليتيكو.
وخططت ميركل للابتعاد عن الأضواء في المعركة الانتخابية في وقت تستعد للانسحاب من الساحة السياسية بعد 16 عاماً في السلطة. لكنها وجدت نفسها مضطّرة إلى الدخول على خط برنامج حملة زعيم حزبها لاشيت الذي لا يحظى بشعبية واسعة.
وفي آخر أسبوع من الحملة الانتخابية رافقت ميركل مرشّح حزبها إلى دائرتها الانتخابية المطلة على بحر البلطيق فيما كانت الجمعة على رأس تجمّع ختامي شاركت فيه كبرى الشخصيات المحافظة في ميونيخ.
وقالت ميركل: “من أجل إبقاء ألمانيا مستقرة، يجب أن يصبح أرمين لاشيت المستشار وينبغي أن يكون (تحالف) الاتحاد المسيحي الديمقراطي والاتحاد الاجتماعي المسيحي القوة الأكبر”.
وقبل يوم من الانتخابات توجّهت إلى بلدة لاشيت ودائرته الانتخابية آخن، وهي مدينة منتجع تقع قرب حدود ألمانيا الغربية مع بلجيكا وهولندا، حيث ولد المرشّح ولا يزال يعيش.
وقالت في تجمعها الأخير قبل الانتخابات: “يتعلّق الأمر بمستقبلكم ومستقبل أطفالكم ومستقبل آبائكم”، داعية لتعبئة قوية لصالح تحالفها المحافظ.
وشددت على أن حماية المناخ ستكون التحدي الأبرز أمام الحكومة المقبلة، لكنها أكدت أن ذلك لن يتحقق عبر “القوانين والقواعد بكل بساطة”.
وقالت: “من أجل ذلك نحتاج إلى تطورات تكنولوجية حديثة وإجراءات جديدة وباحثين وأشخاص مهتمّين يفكّرون بما يمكن فعله”.
وأفادت بأن لاشيت هو “باني الجسور الذي سيتمكن من إقناع الناس” بتشكيل ألمانيا بما يتوافق مع مواجهة هذه التحديات.
ونزل مئات الآلاف إلى الشوارع الجمعة مطالبين بالتغيير وبحماية المناخ بشكل أفضل، فيما وصفت ناشطة بارزة الاقتراع بانتخابات “القرن”.
“نتيجة عكسية”
ومع بدء العد العكسي للانتخابات بقي شولتز أيضاً قريباً من مسقط رأسه سعياً لكسب الأصوات.
ورداً على أسئلة الناخبين في دائرته الانتخابية بوتسدام وهي مدينة على أطراف برلين تشتهر بقصورها التي كانت مقراً لملوك بروسيين، قال شولتز إنه يحارب من أجل “تغيير كبير في هذا البلد، حكومة جديدة” بقيادته.
وقدم لمحة عن الحكومة المستقبلية التي يأمل قيادتها قائلاً: “ربما يكفي مثلاً، تشكيل حكومة بين الحزب الاشتراكي الديموقراطي والخضر”.
وتجنّب شولتز، وزير المال الحالي في حكومة ميركل الائتلافية، ارتكاب أي أخطاء خلال الحملة الانتخابية، وكسب دعماً واسعاً، إذ طرح نفسه باعتباره “مرشّح الاستمرارية” بعد ميركل بدلاً من لاشيت.
وبينما يوصف بأنه ذو إمكانيات على الرغم من اعتباره شخصية مملة، تفوّق شولتز مرة تلو الأخرى على لاشيت بأشواط من ناحية الشعبية.
ومع اقتراب موعد الانتخابات يقلّص المحافظون بزعامة لاشيت الفارق، حتى إن أحد الاستطلاعات أشار إلى أن الفارق بينهم وبين الاشتراكيين الديموقراطيين (26%) بات نقطة مئوية واحدة.
وخاض لاشيت المعركة الانتخابية من أجل المستشارية متضرراً بشدة من معركة صعبة خاضها للفوز بتسمية المحافظين له مرشّحاً للمستشارية.
لكن حزبه تقدّم على الاشتراكيين الديموقراطيين مع دخول فصل الصيف.
إلا أن لاشيت شوهد يضحك خلف الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير بينما كان الأخير يلقي خطاباً تكريمياً لضحايا الفيضانات المميتة التي اجتاحت ألمانيا في يوليو/تموز، في لقطة أحدثت تحوّلاً في المزاج العام حياله وحيال حزبه.
وبينما كشفت الاستطلاعات أن الفارق يزداد لصالح الاشتراكيين الديمقراطيين، ما كان للمحافظين إلا أن لجؤوا إلى أهم شخصية لديهم -ميركل- التي لا تزال تحظى بشعبية واسعة.
وقال المحلل السياسي أوسكار نييديرماير من جامعة برلين الحرة إن الاعتماد على المستشارة لا يأتي من دون مخاطر.
وأفاد: “لا تزال ميركل السياسية الأكثر شعبية. لكن ظهورهما معاً بشكل متكرر قد يتحوّل إلى مشكلة بالنسبة إلى لاشيت، إذ ستجري المقارنة فوراً بينهما”.
وأضاف: “ويمكن بالتالي أن تكون لذلك نتائج عكسية نظراً إلى أن الناس قد يعتقدون بأن ميركل أنسب من لاشيت”.
وكالات