وصلت طلائع الجنود الكينيين إلى مدينة غوما في شرق جمهورية الكونغو الديموقراطية، اليوم السبت، في إطار مهمة لدول شرق أفريقيا لـ”إحلال السلام” في هذه المنطقة المضطربة بينما تتواصل المبادرات الدبلوماسية.
ويأتي نشر هذه القوات بعد انتشار مقاتلي حركة “23 مارس” المتمردة في إقليم شمال كيفو في الكونغو الديموقراطية واستيلائهم على مساحات شاسعة من الأراضي وتأجيج التوتر في المنطقة.
وقصفت المدفعية الكونغولية، أمس الجمعة، مواقع للمتمردين بعد 3 أيام من غارات شنتها طائرات سوخوي-25 ومروحيات من طراز “مي-24”.
وحطت طائرتان تقلان نحو 100 جندي كيني في مطار المدينة حيث استقبلهم عدد من كبار الشخصيات المحلية.
وقال المسؤول الكيني، اللفتنانت كولونيل أوبيرو، إن مهمتهم تتمثل في “تنفيذ عمليات هجومية” إلى جانب القوات الكونغولية والمساعدة في نزع سلاح المجموعات المسلحة.
وأوضح أن الكتيبة الكينية ستعمل جنباً إلى جنب مع المنظمات الإنسانية.
ودان برنامج الأغذية العالمي، أمس الجمعة، نهب مقاصف مدارس يدعمها في وسط روتشورو وكيوانجا وهما منطقتان تقعان في شمال غوما ويسيطر عليهما المتمردون.
ووافق البرلمان الكيني خلال الأسبوع الجاري على نشر أكثر من 900 جندي في إطار قوة عسكرية مشتركة من كتلة مجموعة شرق أفريقيا لتهدئة الوضع في الكونغو الديموقراطية التي تعاني منذ نحو 3 عقود من هجمات جماعات مسلحة.
تصاعد التوتر بين الكونغو الديموقراطية ورواندا
وفي قمة “نيروبي” في حزيران/يونيو الماضي، أعلن قادة الدول السبع الأعضاء في مجموعة شرق أفريقيا (بوروندي وكينيا ورواندا وتنزانيا وجنوب السودان وأوغندا وجمهورية الكونغو الديموقراطية) رسمياً إنشاء هذه القوة التي تخضع لقيادة عسكرية كينية.
وأدت أعمال العنف إلى تصاعد التوتر بين الكونغو الديموقراطية ورواندا التي تتهمها كينشاسا منذ بداية العام بتقديم دعم فعلي لهذا التمرد. وقد أشار تقرير سري للأمم المتحدة، إلى تورط رواندي مع حركة “23 مارس”. وتحدث مسؤولون أميركيون عن تقديم قوات الدفاع الرواندية المساعدة لحركة “23 مارس”.
لكن رواندا تنفي ذلك وتتهم في المقابل الكونغو الديموقراطية – التي تنفي أيضاً – بالتواطؤ مع القوات الديموقراطية لتحرير رواندا، وهي حركة تمرد للهوتو الروانديين الذين تورط بعضهم في الإبادة الجماعية للتوتسي في رواندا في 1994.
ومنذ أيام، قررت كينشاسا طرد السفير الرواندي، على خلفية “دعم رواندا المؤكد لإرهابيي حركة “23 مارس” بهدف شن هجوم عامّ ضد مواقع القوات المسلحة لجمهورية الكونغو الديمقراطية، الأمر الذي أدّى إلى استيلاء الحركة على مناطق قليلة في إقليم روتشورو.
وأعربت الحكومة الرواندية عن أسفها لقرار طرد سفيرها، مؤكدةً أن القوات “العسكرية الرواندية على أهبة الاستعداد عند الحدود بين البلدين”.
وتنشط أكثر من 120 مجموعة مسلحة في شرق الكونغو الديمقراطية المضطرب تشكل كثير منها خلال الحروب الإقليمية التي اندلعت مطلع القرن. وظهرت “23 مارس” أو “ام23” وهي مجموعة من التوتسي معظمهم من الكونغوليين في 2012 واستولت لفترة وجيزة على غوما قبل طردها.
وساطة أفريقية لإنهاء الأزمة
وبعد أن ظلت كامنة لسنوات، حملت المجموعة السلاح مرة أخرى في أواخر 2021 معتبرةً أن كينشاسا قد فشلت في الوفاء بتعهدها بدمج أفرادها في الجيش.
زحقق متمردو الحركة سلسلة من الانتصارات ضد الجيش الكونغولي في شمال كيفو في الأسابيع الأخيرة مما أدى إلى اتساع رقعة الأراضي الواقعة تحت سيطرتهم. وأدت عودتهم إلى تقويض العلاقات بين الكونغو الديموقراطية وجارتها الأصغر رواندا التي تتهمها كينشاسا بدعم “ام23”.
واندلع قتال عنيف بين الجيش والحركة في روجاري في شمال كيفو، أمس الجمعة وانقطعت الكهرباء في غوما، وهي مركز تجاري مهم يضم نحو مليون شخص.
وأُطلق عدّة مبادرات دبلوماسية لإنهاء الأزمة، يقود إحداها رئيس أنغولا جواو لورينسو الذي يترأس المؤتمر الدولي لمنطقة البحيرات الكبرى.
وزار الرئيس الأنغولي جواو لورنتشو رئيس المؤتمر الدولي لمنطقة البحيرات العظمى رواندا، أمس الجمعة، والتقى نظيره بول كاغامي على أن يزور اليوم السبت الكونغو الديموقراطية.
وقال وزير الخارجية الأنغولي تيتي أنتونيو، اليوم السبت، “نشعر جميعاً بالقلق إزاء الوضع السائد حالياً في شرق جمهورية الكونغو الديموقراطية”.
كما يصل الرئيس الكيني السابق أوهورو كينياتا المكلف القيام بوساطة من قبل مجموعة شرق أفريقيا إلى كينشاسا، غداً الأحد لإجراء محادثات “في زيارة عمل تستغرق 48 ساعة”.