تواصل عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، خالدة جرار، مواجهة العزل الانفرادي، منذ نحو 3 أسابيع، بعدما نقلتها إدارة سجون الاحتلال إليه في معتقل “نفي تيرتسيا” في سجن الرملة، في ظل ظروف صعبة جداً، جعلت الاعتقال الحالي الأكثر قسوةً لها.
بدأت قصة الأسر الأخير للقيادية الفلسطينية في الـ26 من كانون الأول/ديسمبر الماضي، عندما اقتحمت قوة عسكرية إسرائيلية مدينة البيرة الملاصقة لرام الله في الضفة الغربية، ودهمت منزل جرار لتعيد اعتقالها، بعد نحو عامين على الإفراج عنها.
حوّل الاحتلال جرار إلى الاعتقال الإداري، واحتجزها إلى جانب أسيرات أخريات في سجن “الدامون”، إلى أن نقلها إلى العزل مؤخراً في “نفي تيرتسيا”، رافضاً الإفصاح عن مدة العزل وسببه.
وبالتوازي مع شنّه حرب الإبادة الجماعية ضد قطاع غزة، صعّد الاحتلال اعتداءاته على الأسرى والأسيرات، فشكّل العزل الانفرادي إحدى السياسات التي اعتمدها في هذا الإطار، واستهدف عبرها القيادية في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.
ومنذ اعتقالها، تواجه جرار، كما هي حال كل الأسرى والأسيرات في السجون الإسرائيلية، ظروفاً قاسيةً وصعبة، وعمليات تنكيل وجرائم ممنهجة.
جرار في العزل.. والبحث عن جزيئات الأوكسجين من أجل التنفس
جرار تواجه “وضعاً مأساوياً لا يُحتمل” في العزل في “نفي تيرتسيا”، بحسب ما نقلته عنها محاميتها التي تمكّنت من زيارتها مؤخراً، والأمر بالنسبة لها أشبه بموت يومي في فرن جاف، وكفاح للحصول على الأوكسجين من أجل البقاء على قيد الحياة.
قالت للمحامية إنّها “تموت يومياً” في تلك الزنزانة “الأشبه بعلبة صغيرة مغلقة لا يدخلها الهواء، ولا يوجد فيها إلا مرحاض يعلوه شباك صغير”.
لكن الإسرائيليين أغلقوا حتى هذا الشباك الصغير، بعد يوم واحد على نقل جرار إلى الزنزانة.. “لم يتركوا لي أي متنفس، حتى إنّهم أغلقوا ما تسمى بالأشناف في باب الزنزانة”.
وتابعت جرار: “هناك فقط فتحة صغيرة أجلس بجانبها معظم الوقت لأتنفس، فأنا أختنق في زنزانتي، وأنتظر أنّ تمر الساعات، لعلي أجد جزيئات أوكسجين لأتنفس وأبقى على قيد الحياة”.
درجات الحرارة المرتفعة لم تزِد العزل إلا مأساويةً بالنسبة لجرار، التي تعاني عدة مشكلات صحية تتطلّب المتابعة وإجراء الفحوص، فهي “موجودة داخل فرن على أعلى درجة، لا تستطيع النوم بسبب الحرارة العالية”.
لم يكن هذا الأمر كافياً بالنسبة للاحتلال، فإلى جانب قطعه الهواء، تعمّد قطع الماء في الزنزانة أيضاً. وعندما تطلب جرار تعبئة قنينة الماء لتشرب، يحضرها الإسرائيليون إليها بعد 4 ساعات على الأقل.
الوضع مع الطعام لم يكن أفضل من ذلك، فإلى جانب رداءته، تتعمّد إدارة السجون تأخير الوجبات.
وإلى جانب ما واجهته الأسيرة القيادية داخل زنزانتها، ولا تزال، لم يسمح الاحتلال لها بالخروج مرةً واحدةً إلى ساحة السجن (الفورة)، إلا بعد مرور 8 أيام على عزلها.
اعتقال متجدد
هذا بعض ما تواجهه جرار في الأسر الأخير والعزل في “نفي تيرتسيا”، لكن هذه ليست المرة الأولى التي تتعرض فيها للاعتقال والتنكيل.
وعلى مدى عمليات الاعتقال المتكررة، واجهت الناشطة الحقوقية والنسوية والنائبة في المجلس التشريعي الفلسطيني إجراءاتٍ انتقاميةً اتخذها الاحتلال ضدها، كان أقساها أن حرمها من الوداع الأخير لابنتها سهى، التي توفيت خلال اعتقالها السابق.
والأسيرة القيادية تشارك عشرات الأسيرات الأخريات معاناتهنّ في سجون الاحتلال، معظمهنّ في “الدامون”، وبينهنّ أسيرة حامل. وبينهنّ أيضاً أمهات إحداهنّ أم شهيد، إلى جانب شقيقات شهداء وأسرى، وأسيرات سابقات، وطالبات، وصحافيات، وناشطات، ومحاميات.