فريضة الحج إلى الديار المقدسة مهمة لكل إنسان مسلم يعرف حقوق الله عز وجل، وهذه الفريضة لها أبعاد اجتماعية واقتصادية وسياسية لإصلاح المجتمعات وتوحيد صفوف الناس في كل بلد عربي ومسلم، كل القضايا المتعلقة باستقرار الأمة العربية والإسلامية، تحتاج إلى دعم الحكومات لتسهيل أمور الشعوب وتأديتها لهذه الفريضة العظيمة، إذ إن المسلمين في العالم يعانون من التفكك والتشتت وضياع حقوقهم.
دعم هذه الشعوب يساهم في تقوية الشعائر الدينية وتنقية القلوب، وهناك لا زال من يعجز عن كلفة هذه الفريضة، وبلا شك أن التقصير الحكومي يلعب دوراً كبيراً في هذه المسألة وإيجاد حلولاً لها، فالحج مناسبة عظيمة تستحق أن يبذل أمامها كل مال وقوة لجمع عدد أكبر من المسلمين، وذلك لتقوية الوحدة الإسلامية ومواجهة التطرف وأعداء الإسلام.
تسبب الغلاء في إقصاء شرائح اجتماعية تونسية عن القدرة على أداء الحج، إذ لا يملك هؤلاء الاستطاعة المالية بعد وصول كلفة الفريضة إلى نحو 18 ألف دينار (6 آلاف دولار).
وعلى مدار السنوات الأخيرة، تصاعدت قيمة كلفة الحج قبل أن تبلغ هذا العام مستوى قياسياً، ما يجعل الفريضة متاحة لبعض الفئات، بينما فقدت غالبية التونسيين القدرة على توفير كلفة السفر فضلا عن بقية المصاريف.
وقال وزير الشؤون الدينية التونسي إبراهيم الشايبي، في تصريحات صحافية، إن “الوزارة حريصة على ضغط كلفة الحج لهذا الموسم، وسنسعى بالتنسيق مع البنك المركزي لتفادي انعكاس تقلبات سعر صرف الدينار مقابل العملات الأجنبية على كلفة الحج”.
ويعد الحج مشروعاً أسرياً تستعد له عائلات الطبقات المتوسطة في تونس عبر برامج ادخار يشارك فيها الآباء والأبناء لتوفير المبالغ المطلوبة لمساعدة الأكبر سنا على أداء الفريضة، غير أن تراجع دخول الأفراد تسبب في فقدان القدرة على الادخار، سواء للحج أو لغيره، ما يجعله صعب المنال على شرائح اجتماعية واسعة.
يقول الباحث في الحضارة والإسلاميات غفران الحسايني إن “الحج أصبح عبادة للأغنياء”، وكتب على حسابه في موقع “فيسبوك”، أن “كلفة حج زوجين قد تصل إلى ستين ألف دينار، من دون احتساب المصاريف الأخرى”.
وتنظم الدولة في تونس الحج عبر وكالة حكومية للخدمات، ويدفع مجمل المبلغ للوكالة مقابل تأمين السفر والإعاشة والإقامة في البقاع المقدسة، والخدمات المتعلقة بالرعاية الصحية والإرشاد الديني، وأغلب رحلات الحج تسيّر جوا، وبعض الرحلات البرية النادرة تنظم من قبل أفراد في حال حصولهم على التأشيرة مباشرة من سفارة السعودية.