يمر اليوم 92 عاماً على ذكرى ميلاد الفنانة الكبيرة سناء جميل التى ولدت فى مثل هذا اليوم الموافق 27 إبريل عام 1930، لتكون أحد عمالقة الفن والتمثيل وتمنح عمرها كله للفن وتضحى من أجله بما يصعب على غيرها التضحية به حتى خلدت اسمها في سجلات المبدعين، وبقيت أعمالها في وجدان الملايين إلى الأبد.
سناء جميل الفنانة العبقرية صاحبة الموهبة الكبيرة والأدوار الخالدة التي قدمت أعظم وأهم الأعمال السينمائية والمسرحية والدرامية، وعانت من أجل الفن أشد المعاناة.
سناء جميل التى أبدعت حين جسدت دور نفيسة الفتاة متوسطة الجمال فى فيلم “بداية ونهاية” و”حفيظة” الزوجة المتسلطة فى فيلم الزوجة الثانية –وهما من أهم 100 فيلم فى تاريخ السينما المصرية، وكان لسناء جميل أكثر من فيلم ضمن هذه القائمة.
استطاعت سناء جميل الإبداع فى تجسيد أدوار السيدة الأرستقراطية وأبهرت الجميع عندما جسدت شخصية فضة المعداوى فى مسلسل “الراية البيضاء” حتى تفوقت على الشخصية التى كتبها أسامة أنور عكاشة الذى قال عنها «ما منحته سناء للشخصية من حياة وروح فاق كل توقعاتى وتصوراتى وأنا أنسج خيوطها على الورق، فهى أضفت عليها تألقها الخاص»
عاشت سناء جميل حياة مليئة بالمعاناة والتضحيات ، وقالت عن معاناتها: “حياتى الصعبة المليئة بالأشواك وصبرى الطويل وقدرتى على تحمل الظروف الشاقة جعلنى مثل زهرة الصبار فى الصبر والتحمل، ومواجهة الشدائد والمصاعب”.
هى ثريا يوسف عطا الله وتنتمى لأسرة صعيدية حيث ولدت بمركز ملوى فى المنيا لأسرة قبطية مسيحية، وانتقلت إلى القاهرة قبل الحرب العالمية الثانية لتلتحق بمدرسة المير دى دييه الفرنسية الداخلية وعمرها 9 سنوات وظلت بها حتى المرحلة الثانوية، عشقت الفن وأرادت الالتحاق بالمعهد العالى للفنون المسرحية، فرفضت أسرتها، وصفعها شقيقها صفعة أدت إلى فقدانها السمع بإحدى أذنيها، وطردتها أسرتها بعد تمسكها برغبتها.
وفى حوار معها تحدثت سناء عن المعاناة التى عاشتها باكية، وأشارت إلى أنها لجأت للمخرج زكى طليمات فساعدها على الإقامة فى بيت طالبات وضمها لفرقة “المسرح الحديث “، وأطلق عليها اسمها الفنى سناء جميل، وعملت ابنة الأسرة الارستقراطية وخريجة المدارس الفرنسية من عائد عملها بالتفصيل حتى تستطيع الانفاق على نفسها وكانت تنام على البلاط.
شاركت سناء جميل فى عدد من الأدوار السينمائية والمسرحية حتى تألقت فى فيلم بداية ونهاية وأشاد بها النقاد والجمهور وتوالت إبداعاتها الفنية فى العديد من الأعمال “الزوجة الثانية، الرسالة، الحجاج بن يوسف، المستحيل، ساكن قصادى، خالتى صفية الدير، اضحك الصورة تطلع حلوة” وغيرها.
بدأت السعادة تعرف طريقها إلى زهرة الصبار عندما تعرفت على رفيق عمرها لويس جريس عام 1960، فى حفل توديع صحفية سودانية أنهت تدريبها فى روزاليوسف، وظلت تخطئ فى اسمه طوال الحفل وتناديه “يوسف”، وتعلق بها لويس لكنه ظن أن زواجهما مستحيلا حيث اعتقد أنها مسلمة لكثرة قولها “والنبى”، و فكر فى إشهار إسلامه للزواج منها، وبعدها اكتشف أنها مسيحية فعرض عليها الزواج وتزوجا بدبلتين لا يتجاوز سعرهما 10 جنيهات، وحكى جريس عن يوم زواجهما فى أحد البرامج، مشيرا إلى أن القس رفض إتمام الزواج دون وجود معازيم وشهود، فتوجه إلى جريدة (روز اليوسف)، التى كان يعمل بها، واستأجر 7 عربات جمع فيها 35 شخصًا من زملائه ليحل الأزمة، وقضيا شهر العسل فى التنقل بين عدة محافظات لارتباط سناء بعدد من العروض المسرحية.
كانت سناء ولويس نموذجا لقصص الحب الرومانسية والارتباط الذى يتفانى كل طرف فيه فى كيان الأخر، فكانت سناء تحلف باسمه دائما قائلة “وحياة لويس”، واستجاب الزوج العاشق لرغبتها فى عدم الانجاب والتفرغ للفن، وكان كل منهما محور حياة الآخر، ومتكأه الذى يستند عليه، حتى أن لويس جريس لم يستخدم العصا ليستند عليها ماشيا إلا بعد وفاة سناء، التى أصيبت بسرطان الرئة وظلت تعانى لمدة 3 أشهر وكانت وفاتها أكبر صدمة فى حياة رفيقها المحب العاشق الوفى، الذى أراد أن يحقق رغبتها فى أن تلتقى بأحد أقاربها ولو بعد وفاتها فانتظر ثلاثة أيام قبل دفنها على أمل أن يظهر أحد أفراد أسرتها وانتظر لويس جريس 3 أيام ولكن لم يظهر أحد من عائلة سناء، فدفن حبيبته ورفيقة عمره فى 22 ديسمبر 2002، وظل يعيش معها وعلى ذكراها وينتظر لقائها لأكثر من 15 عاما، حتى لحق بها فى 26 مارس 2018 .