“كنت أتمنى يا زملائي الأعزاء أن اللحظات التي تمر عبر المغرب، حداد هذه العائلات، القتلى، آلاف القتلى، آلاف الجرحى، الدمار، ستدفعكم إلى التزام الصمت احتراما لهذه اللحظة؛ وكما تقول، أن تكون داعمة. لا يمكننا أن نذرف دموع التماسيح ونهاجم في الوقت نفسه بلداً لا يزال يعيش مأساة. وقال عمر هلال، المندوب الدائم للمملكة المغربية لدى الأمم المتحدة بنيويورك، خلال كلمته، إنكم تظهرون تضامنكم ودعمكم، لكن في نفس الوقت تحقنون سمكم، وتهينون الموتى، وتهينون المغاربة. أول حق الرد على ممثل الجزائر.
في عصر الوسائط الرقمية، اتخذ تمثيل الكوارث الطبيعية بعدًا جديدًا. إن نقل هذه الأحداث، بغض النظر عن طبيعتها وحجمها، غالباً ما يكون مضللاً. إن الصور النمطية شائعة، ومن الصعب تقييم حجم الكارثة وطبيعة المساعدات الإنسانية من خلال التغطية الإعلامية. وفي كثير من الأحيان، يكون عدد الضحايا مبالغاً فيه ويتم تخفيف جهود الإنقاذ، وخاصة في البلدان المتقدمة. في الزلزال الذي ضرب المغرب يوم الجمعة 8 سبتمبر، تأثرت أجندة الإعلام الجزائري بالأجندات السياسية، كما كان الحال مع الإعلام الفرنسي.
في سياق الزلزال والعلاقات الجيوسياسية بين المغرب والجزائر، يستخدم التلفزيون الوطني الثالث (ANT3) وAL24 التابعين للأخيرة الخطاب والمرئيات بطريقة تتوافق مع المواقف السياسية الرسمية للبلاد. ويتضمن ذلك استغلال الحدث لتعزيز الأجندة السياسية الجزائرية من خلال تسليط الضوء على “عرض المساعدة الفوري” الذي قدمته الجزائر وانتقاد “استجابة المغرب البطيئة للأزمة”.
وباعتبارها دولة مجاورة، اضطرت الجزائر إلى تقديم المساعدة بعد الزلزال. إلا أن عروضهم، وكذلك العروض المقدمة من فرنسا، لم يتم قبولها حتى الآن. ونتيجة لذلك، ردت وسائل الإعلام الجزائرية، مثل وسائل الإعلام الفرنسية، على القرارات التي اتخذتها الحكومة المغربية، التي لم تقبل مساعداتها ولم ترفضها.
نؤكد في هذا المقال أن تصوير وسائل الإعلام الجزائرية للزلزال المغربي، على غرار تحليلنا للإعلام الفرنسي، أثار جدلا حول مدى صحة التضامن والمساعدات الإنسانية. علاوة على ذلك، فإن الحملة الإعلامية التي أطلقتها ANT3 و AL24، بهدف تقويض إدارة المغرب الحكيمة للكارثة، أضافت وجها آخر للوضع.
وقد أدى هذا التأثير إلى تحويل ظاهرة طبيعية اجتماعية إلى دراما مشحونة عاطفيا. إن الروايات التي تحيد عن أهداف التضامن تقدم بعدًا إضافيًا من التعقيد للوضع.
الكشف عن الشخصية البديلة للنظام الجزائري: منظور إعلامي
منذ الزلزال المروع الذي ضرب المغرب مساء 8 سبتمبر، لم تتوقف الصحافة الجزائرية (ANT3 وAL24) عن تكثيف الهجمات والتلميحات حول رفض مفترض للمغرب قبول مساعدتهم، والتي بدونها، على ما يبدو، لن تتمكن المملكة من لن تكون قادرة على التغلب على هذه الكارثة. كل هذا حدث في وقت كان المغرب يحصي فيه قتلاه ويبذل جهودا كبيرة لإنقاذ الأرواح. وأثار توقيت وطبيعة هذه البرامج تساؤلات حول نوايا النظام الجزائري ووسائل إعلامه.
فبدلاً من التركيز على الدراما الإنسانية الرهيبة التي تعيشها البلاد، والاعتراف بالعمل الهائل الذي أنجزته فرق الإنقاذ على الأرض، ليلا ونهارا، في تضاريس صعبة للغاية، أو تسليط الضوء على الطفرة المذهلة في التضامن الوطني الذي يدفع كل مغربي وجزائري وقد فضلت القنوات التلفزيونية الرسمية تسييس هذه الكارثة الطبيعية منذ بدايتها.
الصور التي بثتها ANT3 وAL24 (القناة الدولية) تحريف الحقائق. ومن المهم إجراء تحليل نقدي لمحتوى القناتين (الخطابات/المرئيات) لفهم الميول السياسية المتحيزة لهذه الوسائط. ولهذا الغرض، يتم النظر في عناصر “المصدر”، و”السياق”، و”التسمية التوضيحية”، و”التحيز”.
تحليل المصدر
في جوهر الأمر، بينما تلعب وسائل الإعلام دورًا حاسمًا في نشر المعلومات أثناء الكوارث الطبيعية، فإن التمثيل السلبي يمكن أن يؤدي إلى معلومات مضللة قد تعيق جهود إدارة الكوارث. وبينما نتعمق في هذا الموضوع، سنستكشف هذه الآثار وآثارها البعيدة المدى.
الصور قيد التحليل مصدرها ANT3 وAL24، وكلاهما من وسائل الإعلام الرسمية في البلاد. والمعروفة عن هذه المنصات نشر المواقف الرسمية للدولة ضد المغرب في مختلف القضايا منها السياسية والاقتصادية والثقافية والرياضية.
وفي سياق الزلزال الأخير، من المهم النظر في كيفية تأطير هذه المصادر للحدث. لم تكن تغطيتهم للزلزال تقتصر على نقل حقائق الكارثة فحسب، بل كانت تتعلق أيضًا بتشكيل السرد حولها. ونظرًا للتوترات الجيوسياسية المستمرة بين المغرب والجزائر، استخدمت هذه المصادر الزلزال كجبهة جديدة لمواجهة المغرب. ويتجلى ذلك بطرق مختلفة، مثل التأكيد على الاستجابة الإنسانية للجزائر لإبراز قيادتها وتعاطفها، وفي الوقت نفسه انتقاد استجابة المغرب للكارثة، وإبراز قضية انفصال الصحراء المغربية.
ومما لا شك فيه أن النظام الجزائري يستغل هذه الفرصة لتصفية الحسابات مع المغرب في القضايا السياسية والاقتصادية والرياضية والثقافية. إنهم يعتقدون أن هذه لحظة ضعف بالنسبة للمغرب، ويبدو أن عليهم اغتنام هذه الفرصة لشن هجمات لا هوادة فيها في محاولة لزيادة إضعاف المملكة الشريفة. كان هذا واضحًا في المناقشات السياسية التي بثتها ANT3 (الصورة 1). وبثت تقارير حول استعداد رجال الإنقاذ الجزائريين للذهاب إلى المغرب بعد التصريحات المشوهة لعبد اللطيف وهبي (وزير العدل المغربي)، والتي أسيء تفسيرها من قبل المسؤولين الجزائريين لإرسال المساعدات. وبالفعل، نفى القسم الذي يرأسه ناصر بوريطة (وزير الخارجية المغربي) بشكل قاطع أنه طلب المساعدة من السلطات الجزائرية أو أذن بها. وفي الوقت نفسه، تم أيضًا بث برامج حوارية على قناة ANT3 يستضيفها انفصاليون من جبهة البوليساريو تناقش فصل الصحراء عن المغرب على قناة AL24، إلى جانب عمليات بث مضللة لهجمات عسكرية نفذها الانفصاليون على منطقة الصحراء المغربية.
تحليل السياق
منذ البداية، نفترض أن الصور التي بثتها القناتان استخدمت في سياق انتقاد استجابة المغرب، ومن الآن فصاعدا تهدف إلى تسليط الضوء على “أوجه القصور” أو “الإخفاقات” الملحوظة للمغرب في التعامل مع الزلزال.
من المهم ملاحظة أن السياق يشير إلى نوع المحتوى (مقالة الرأي) والبيئة الاجتماعية والسياسية الأوسع التي يتم فيها إنتاج المحتوى واستهلاكه. ولذلك، فإن فهم السياق لا يتطلب مجرد قراءة فاحصة للصور والنصوص المصاحبة لها، بل يتطلب أيضًا وعيًا بالديناميكيات الأكبر التي تلعبها.
نحن نؤمن بشدة أن السياق الاجتماعي والسياسي الذي تُستخدم فيه الصور يؤثر بشكل كبير على تفسيرها. في هذه الحالة، نعتمد على الصور المستخدمة في التقارير الإخبارية بواسطة ANT3 وAL24 لتوفير معلومات واقعية حول الزلزال، والتي تتأثر بالموقف التحريري لوسائل الإعلام. ونظراً لأن هذه المصادر معروفة بنشر المواقف الرسمية للجزائر، فإن القنوات الإعلامية تستغل الزلزال لنقل رسائل محددة تتماشى مع الأجندة السياسية للبلاد.
تتلخص القضية المركزية قيد التدقيق في استفسار واحد: ما هي الأسباب الكامنة وراء رفض المغرب عرض المساعدة المقدم من الجزائر؟ تم التلاعب بوسائل الإعلام التي تم فحصها في هذا الخطاب، مع التركيز بشكل خاص على AL24، بشكل استراتيجي لخدمة أجندة موحدة: لإلقاء التشهير على مساعي الأمة للحفاظ على الأرواح وتقديم المساعدة. ولتحقيق هذا الهدف، لجأت AL24 إلى تقارير وشهادات لم يتم التحقق منها لتصوير ضحايا الزلزال على أنهم يعيشون في ظروف مزرية، والمناطق النائية على أنها مهملة، والمساعدات الإنسانية المقترحة من الجزائر كعلاج محتمل لهذه المحن. وفي التقييم النهائي، الذي يعكس التكتيكات التي تستخدمها وسائل الإعلام الفرنسية، اعتمدت قناة البث الجزائرية منهجية تلاعبية، في تجاهل صارخ لأخلاقيات الصحافة، لحل النزاعات السياسية على حساب الحزن العميق والمصاعب التي يعاني منها جزء كبير من المغرب. .
محتوى مغلوط عن “الغضب الشعبي المتزايد بسبب ندرة المساعدات” و”الناجون اليائسون على الغذاء والماء” في أعقاب الزلزال
تحليل التسمية التوضيحية
تعد التسميات التوضيحية جزءًا لا يتجزأ من الصورة وتؤثر بشكل كبير على كيفية تفسير الصور. توفر التسمية التوضيحية أو النص المصاحب للصور في NAT3 وAL24 سياقًا مهمًا يساعد في تفسير ما يتم عرضه. عند تحليل التسميات التوضيحية، أخذنا في الاعتبار مبادئ “الدقة” و”السياق” و”التحيز” و”السرد”. أولاً، دقة التعليقات موضع شك لأنها لا تصف بدقة ما هو موضح في الصورة. يشير هذا التناقض بين محتوى الصورة والتعليق إلى وجود تحيز وتلاعب محتملين. ثانيًا، توفر التسميات التوضيحية سياقًا جيوسياسيًا مهمًا يظهر في الصورة 3 أدناه، موضحًا متى وأين تم التقاط الصورة، ومن الموجود في الصورة، وما يحدث. أنا وفي هذا الاتجاه، يتحدث العنوان الفرعي باللون الأحمر عن المساعدات الجزائرية التي تنتظر الضوء الأخضر من المسؤولين المغاربة، فيما تظهر الصورة الانفصاليين وهم يناقشون إجراءات الانفصال والانفصال، مع صورة ثانية على يسار الشاشة تظهر قصفاً مخادعاً للقوات المغربية. . ثالثًا، اللغة المستخدمة في التعليق ليست محايدة وتستخدم لغة حرب عاطفية ومحملة، مما يكشف عن تحيز معين يهدف إلى إرباك تصور الجمهور للحدث. وهذا يعكس مقولة عمر هلال: “ذرف دموع التماسيح وحقن السم”. وأخيرًا، يتناسب التعليق مع السرد الأكبر للتقارير الإخبارية التي تنتجها وسائل الإعلام الجزائرية حول المغرب، مما يجعل المملكة “العدو الأول” لها. وهو يؤيد المواقف الرسمية للجزائر كما تنشرها هذه الوسائل الإعلامية.
تحليل التحيز
كما ذكرنا سابقًا، يمكن أن تكون اللغة المستخدمة في التسميات التوضيحية والنص المصاحب بمثابة مؤشر على التحيز. ويتجلى هذا بشكل خاص في ANT3 وAL24 اللتين تظهران باستمرار تحيزًا سياسيًا في تغطيتهما للقضايا المغربية. لتوضيح مدى هذا التحيز في المحتوى الذي تستخدمه هذه القنوات لتغطية الزلزال الذي وقع في المغرب، من المفيد فحص أمثلة اللغة المحملة والتأطير الذي يدعم المنظور الجزائري. تتجلى هذه التحيزات في اختيار الصور وعرضها وتفسيرها. ولذلك، فإن التحليل الشامل للتحيز لا يأخذ في الاعتبار محتوى الصور فحسب، بل أيضًا الطريقة التي تم بها تأطيرها ووضعها في سياقها.
يعكس اختيار الصور للتقرير تحيزًا معينًا. على وجه التحديد، يتم اختيار الصور التي تصور جانبًا واحدًا فقط من الموقف لإثارة استجابة معينة من المشاهدين. وتعزز هذه الاستراتيجية أيضًا رواية المغرب كدولة “غير قادرة على الاستجابة بشكل مناسب للأزمة بمفردها”، مما يستلزم التدخل الخارجي. وتؤكد هذه الحجة على قوة وسائل الإعلام في تشكيل التصور العام والتأثير على الخطاب الدولي.
الانتقال إلى مفهوم التأطير، لا سيما في سياق اختيار الصورة واقتصاصها، هو بمثابة مؤشر قوي على التحيز المتأصل الذي أظهره ANT3 وAL24. يؤثر العرض الاستراتيجي للمرئيات بشكل كبير على السرد، وغالبًا ما يبرز عناصر محددة (الفشل، وعدم القدرة، والتخلي) بينما يقلل أو يستبعد الآخرين تمامًا (الاستعداد، والتضامن، والمرونة). لا يشكل هذا التصوير الانتقائي تصور المشاهد فحسب، بل يعزز أيضًا بمهارة الأجندة السياسية الأساسية لوسائل الإعلام في الجزائر. وهكذا يظهر الاستخدام المتكرر للتأطير كأداة منهجية في تقارير ANT3 وAL24. الهدف هو التلاعب بالمشاعر العامة بما يتماشى مع أهدافهم. يصور هذا التحليل الدور المحوري للتأطير في الخطاب الإعلامي الجزائري وهدفه الخبيث في التأثير على الرأي العام على المستويين المحلي والعالمي.
وفي حين ألمحت وسائل الإعلام الفرنسية إلى أن المغرب يحجب المساعدات وبالتالي يعرض الأرواح للخطر، فإن تغطية وسائل الإعلام الجزائرية للزلزال رددت هذا الشعور، مما أدى إلى تصوير سلبي لجهود الحكومة المغربية في إدارة الكوارث. وسط هذا التنافر في الأصوات في وسائل الإعلام العالمية حول جهود المغرب في التصدي للزلزال الذي ضرب منطقة الحوز، عرضت وسائل إعلام أخرى تقارير متوازنة وواقعية حول الجهود التي بذلها المغرب لمعالجة الكارثة.
على سبيل المثال، اختار سام كيلي، مبعوث CNN الخاص إلى أسني – وهي قرية تأثرت بشدة بالزلزال – بث تقريره من مستشفى عسكري أنشأته القوات المسلحة الملكية لاستيعاب ضحايا الزلزال. وأثناء تجواله في المستشفى، أكد كيلي أن المنشأة تشهد على الخدمات المتميزة المنتشرة في المنطقة المنكوبة، وهو دليل على كفاءة وخبرة القوات المسلحة الملكية في مثل هذه الظروف. وشرع الصحفي الأميركي في توضيح الوضع على الأرض، مسلطاً الضوء على تحديات عمليات الإنقاذ في المناطق النائية. والتزامًا بمبادئ الصحافة المتوازنة والمحايدة، أقر كيلي بشكل يستحق الثناء بالتقدم الذي تم إحرازه، وبالتالي تصوير عملية الإنقاذ التي تطرح تحديات كبيرة بسبب الظروف المعقدة في المنطقة والاستراتيجيات المعقدة المستخدمة لتوصيل المساعدات إلى السكان في المناطق النائية حيث يبدو أن المشهد الجغرافي هو العائق الوحيد أمام رجال الإنقاذ.
هذا التناقض في الخطاب الإعلامي يبرز الدور الحاسم للنزاهة الصحفية والموضوعية في تشكيل التصور العام خلال أوقات الأزمات. غالبًا ما يتم تقييم احترافية الصحفيين بناءً على التزامهم بالمعايير الأخلاقية والموضوعية والتقارير المتوازنة. وفي هذا السياق يمكن ملاحظة التناقض الصارخ بين العامر الصحفي كيلي والإعلاميين الجزائريين في تغطيتهم لزلزال المغرب.
وباستخدام كلمات عمر هلال “ذرف دموع التماسيح وحقن السم”، أظهرت تغطية وسائل الإعلام الجزائرية للزلزال المغربي تعاطفا واضحا، أقرب إلى “دموع التماسيح”، في حين قوضت تقاريرها جهود المغرب في إدارة الكوارث، مجازيا “حقن السم”.