البرلمان التونسي يفتتح جلسته الأولى في خطوة تعيد عمل المؤسسة التشريعية بعد فراغ استمر 20 شهراً. غير أن البرلمان المنبثق في إطار خطوات الرئيس قيس سعيّد المثيرة للجدل، ترفضه المعارضة بشدة واصفة إياه بأنه “ثمرة الانقلاب”.
افتتح البرلمان التونسي الجديد الاثنين (13 مارس/ آذار 2023) جلسته الأولى. وهذا البرلمان تمّ انتخابه في ديسمبر/ كانون الأول ويناير/ كانون الثاني في تصويت بمشاركة لم تتجاوز 11 بالمائة، ويرفضه ائتلاف المعارضة الرئيسي الاعتراف بشرعيته واصفا إياه بأنه “ثمرة دستور الانقلاب”.
والبرلمان الجديد، الذي يعمل بموجب دستور صاغه الرئيس قيس سعيّد بنفسه العام الماضي عقب حلِّه منتصف عام 2021 للبرلمان الذي سبقه، ستكون له سلطة محدودة.
وعبر جلسته الافتتاحية هذه في مقره بباردو في تونس العاصمة، تستأنف الاثنين المؤسسة التشريعية أعمالها بعد توقف استمر لنحو 20 شهراً منذ إعلان الرئيس قيس سعيّد تدابير استثنائية في 25 تموز/ يوليو 2021.
ويمثل استئناف أعمال البرلمان أبرز بنود خارطة الطريق السياسية التي وضعها الرئيس سعيد والتي أفضت إلى مؤسسات دستورية بديلة بما في ذلك دستور جديد جرى الاستفتاء عليه في تموز/ يوليو الماضي ليحل محل دستور 2014، والذي حظي بموافقة 30% بالمائة من أصوات المُنتخبين، وفق الأرقام الرسمية.
الصحافة مُبعدة
ولم يُسمح للصحفيين بحضور الجلسة الافتتاحية للبرلمان الجديد وهو ما يحدث لأول مرة منذ ثورة 2011. وقال منظمون إنه يُسمح فقط للتلفزيون والإذاعة الرسمية ووكالة الأنباء الرسمية بتغطية الحدث.
وعلى عكس البرلمان المنحل الذي كان يبلغ عدد أعضائه 217 نائبا، يضم البرلمان الجديد 161 نائبا فقط، انتخب من بينهم 154 لخلو عدد من الدوائر الانتخابية من مرشحين. ومن المتوقع أن يقر البرلمان الجديد إجراءات لسد النقص.
وتضم أشغال الجلسة الافتتاحية التي تجري في وقت لاحق، انتخاب رئيس البرلمان ونائبيه وتحديد النظام الداخلي للمجلس.
برلمان “غير معترف به”
ولا يحظى البرلمان الجديد بدعم الأحزاب التونسية، بل قاطعت غالبيتها الانتخابات، وتمّ إدراج المرشحين في قائمات فردية دون الإشارة للانتماء الحزبي. ومعظم أعضائه سياسيون مستقلون، ولهذا من غير الواضح ما إذا كان البرلمان سيضم كتلا برلمانية أو جبهة سياسة معارضة.
وقالت جبهة الخلاص الوطني، وهي ائتلاف معارض رئيسي يضم حركة النهضة الإسلامية ونشطاء من بينهم “مواطنون ضد الانقلاب”، إنها لن تعترف ببرلمان “ناجم عن انقلاب وانتخابات قاطعتها الأغلبية”.
وتشدد المعارضة تمسكها بدستور 2014، فيما يعزو سعيّد إجراءاته إلى خوض “حرب ضد الفساد المتفشي في مؤسسات الدولة” و”يعمل على تصحيح مسار الثورة”. وقال عشية استئناف أعمال البرلمان “من لا يزال في ذهنه دستور 2014 فهو خارج التاريخ”.
الدعوة إلى “مقاومة” البرلمان الجديد
في ذات السياق، دعا النواب المعزولون بأمر رئاسي، في بيان تلقت وكالة الأنباء الألمانية (د ب أ) نسخة منه اليوم إلى “مقاومة” البرلمان الجديد بكل “الطرق السلمية والمدنية قبل أن يفتك بالأمن والاستقرار بتونس وما حولها”، معتبرين البرلمان الجديد “غير شرعي لأنه بني على انقلاب دستوري”.
وقال النواب المعزولون في بيانهم “ما بني على باطل فهو باطل، ويفتقد للمشروعية حيث قاطعه 90% من الشعب التونسي، ولا صلاحيات له ولن يكون له أي صوت أو تأثير، ورئيسه الفعلي هو قيس سعيّد، ما يلقي بظلال كثيفة على استدامته، وفاعليته، وخدمته لقضايا الشعب التونسي”. ودعوا “جميع الاتحادات البرلمانية العربية والإقليمية والدولية، إلى التيقظ والتريث في إضفاء أي شرعية لمن لا شرعية له”.
ويخضع عدد من نواب المنحل إلى الإيقاف والتحقيق في تهم ترتبط بشبهات بالتآمر على أمن الدولة وبفساد مالي ضمن حملة أمنية طالت معارضين ونشطاء ونقابيين وإعلاميين.
وتتهم المعارضة الرئيس سعيد بتلفيق تهم الى خصومه ومحاولات بتكميم الأفواه المنتقدة لسياساته.
(أ ف ب، رويترز، د ب أ)