كشفت مصادر سياسية جزائرية، أن الجزائر “تواجه ضغطا من الولايات المتحدة” من أجل عرقلة تعزيز تقاربها مع روسيا، عشية زيارة للرئيس عبد المجيد تبون إلى موسكو.
وكانت نائبة وزير الخارجية الأمريكي، ويندي شيرمان، قد أجرت محادثات مع وزير الخارجية الجزائري، رمطان لعمامرة حيث “بحثا التطورات الدولية”.
وقالت وزارة الخارجية الأمريكية في بيان، إن “المحادثات تطرقت أيضا إلى التداعيات العالمية للعدوان الروسي غير المبرر على أوكرانيا وأهمية الدعم الدولي لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة بشأن احترام سيادة أوكرانيا ووحدة أراضيها”.
وقالت مصادر سياسية جزائرية مطلعة لـ “إرم نيوز”، إن “المحادثات تطرقت خصوصا إلى سبل تعزيز العلاقات الأمريكية الجزائرية في ظل الحرب الروسية على أوكرانيا”.
وبحسب المصادر التي فضلت عدم الكشف عن هويتها، فإن “المحادثات لم تخلُ من ضغوط أمريكية على الجزائر للحد من التقارب الروسي الجزائري المتزايد، عشية الزيارة المرتقبة للرئيس عبد المجيد تبون إلى موسكو”.
ووفق المصادر ذاتها، فإن “هذه المحادثات تأتي في سياق محاولات أمريكية متواصلة لمحاصرة النفوذ الروسي في بلدان شمال أفريقيا، وفي مقدمتها الجزائر”، منوهة إلى أن “الزيارة المرتقبة للرئيس الجزائري إلى موسكو يبدو أنها أثارت انزعاج الولايات المتحدة”.
من جانبه، قال رئيس حزب “جبهة العدالة والتنمية” الجزائري، عبد الله جاب الله، إن “الولايات المتحدة تسعى إلى الحد من التقارب الروسي الجزائري”، معتبرا أن “الحياد مهم في هذه المرحلة في ظل الوضع الدولي، ويجب أن تبقى الجزائر على الحياد وأن لا تتخندق مع أي طرف”.
وأضاف جاب الله في تصريح لـ “إرم نيوز”، أن “الجزائر كما هو معلوم من حيث ما تمتلكه من طاقات أو الموقع المهم، هي محل استقطاب بالنسبة للغرب بشكل عام”، مشيرا إلى أن “الجزائر تقليديا علاقاتها مع روسيا متينة وقديمة، ومع ذلك أنا لست مع التخندق مع أي طرف؛ لأن الغرب بشرقه وغربه لا يبحث سوى عن مصالحه”.
وأردف أن “هناك تصريحات وضغوط أمريكية متزايدة اليوم على الجزائر، والنظام في الجزائر يحاول الحفاظ على بعض التوازن في علاقاته مع الغرب وروسيا”.
وتأتي هذه الضغوط بعد الإعلان عن زيارة ستقود الرئيس الجزائري إلى روسيا التي دخلت قبل عام من الآن في حرب مع أوكرانيا، مع تعميق الهوة بين الغرب وموسكو؛ ما ساهم في ارتفاع وتيرة الاستقطاب الدولي بينهما.
من جانبه، قال المحلل السياسي الجزائري جيلالي كرايس، إن “أي دولة مهما كانت بحاجة إلى حلفاء وأصدقاء، والجزائر طبعا دولة كبقية الدول، لها حلفاؤها وأصدقاؤها وشركاؤها الاقتصاديون، لكن ما يميز الجزائر هو أن لديها القدرة على ترك مسافة أمان بينها وبين أصدقائها وحتى بينها وبين الدول التي لا نقول إنها عدوة لكنها ليست صديقة أيضا”.
وأضاف كرايس في حديث لـ”إرم نيوز”، أن “الجزائر قادرة على خلق التوازنات عن طريق الحياد الإيجابي، وعن طريق عدم الارتهان لقرارات الأصدقاء، وفي نفس الوقت عدم مشاكسة الأعداء مجانا، وهذا ما جعل للجزائر هامشا كبيرا للتحرك”.
وتابع: “لكن ربما الوضع الحالي قد زادت فيه حدة التجاذب، بين معسكري الشرق والغرب، واليوم مع تفاقم الأزمة الروسية الأوكرانية، نجد الغرب أصبح أكثر صرامة في التعامل مع الدول، وهو يريد مواقف واضحة تجاه روسيا”.
و أردف: “لكن في نفس الوقت الجزائر ليست وحدها وروسيا أيضا ليست وحدها، هناك معسكران يكبران ويتوسعان جنبا الى جنب، وهما يكادان يكونان متكافئين من حيث القوة والنفوذ”.
مشيرا إلى أن “الجزائر لن تتخلى عن أصدقائها الروس، وفي نفس الوقت لن تتصادم مع الغرب؛ لذلك لا أعتقد أن زيارة الرئيس الجزائري إلى موسكو ستجعل الغرب أو واشنطن يغيرون سياستهم تجاه الجزائر”.
وكالات
