نشرت مجلة “The National Interest” الأمريكية مقالا تحليليا أبرزت فيه الخلافات والصراعات التي نشبت بين دول المغرب العربي، خاصة المغرب والجزائر وتونس، بسبب قضية الصحراء، متسائلة عما إذا كانت هذه القضية ستؤدي إلى تمزيق كامل لدول هذه المنطقة.
وركز المقال التحليلي الذي كتبته سابينا هينبرغ العضوة في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى المهتمة بشؤون شمال إفريقيا، على الأسباب التي ورّطت تونس بالخصوص، في الصراع القائم بين المغرب والجزائر على الصحراء، خاصة أن تونس حافظت خلال عقود من الزمن على حيادها الإيجابي في هذا الملف.
وينطلق المقال من الأزمة التي نشبت مؤخرا بين الرباط وتونس، بعدما أقدم رئيس الأخيرة، قيس سعيد، على استقبال زعيم جبهة “البوليساريو” الانفصالية للمشاركة في قمة “تيكاد 8” التي احضنتها تونس في غشت الماضي استقبالا رسميا، وهو الاستقبال الذي رفضه المغرب ودفعه إلى استدعاء سفيره من تونس في خطوة احتجاجية على ما حدث، ثم قامت تونس بدورها باستدعاء سفيرها من الرباط، لتبدأ فصول أزمة دبلوماسية لم تنه بعد.
وجاء المقال على ذكر السياق والظروف التي أدت بتونس للإنجرار إلى صراع الصحراء، معتبرا أن هذه الظروف والسياقات تبقى من الأسباب المحتملة بقوة التي دفعت بالرئيس التونسي للقيام بخطوة مثيرة، تمثلت في استقباله لزعيم الجبهة الانفصالية، خاصة أن وقت حدوث ذلك يتزامن مع مرور تونس من أزمات عديدة، إضافة إلى أنه يتزامن مع مساع جزائرية قوية لدعم جبهة “البوليساريو”، ومحاولة العودة لشغل منصب قوي على الصعيد الإفريقي بعدما نجح المغرب في التوسع بشكل كبير في القارة السمراء.
وقال المقال إن الخطوة التونسية، تأتي في وقت يواجه قيس سعيد تحديات عديدة، أبرزها مشاكل اقتصادية إلى جانب مشاكله السياسية، حيث تعرف تونس أزمات عدة من حيث الاقتصاد، مشيرا إلى أن هذه الأزمات تضاعفت بعدما تعرض قطاع السياحة في البلاد لضربات قوية بسبب وباء كورونا المستجد، إضافة إلى أزمة الديون المتصاعدة، وهو ما أجبر حكومة قيس سعيد إلى رفع أسعار الغذاء والوقود والكهرباء.
وأضاف المقال، أن تونس أصبحت في حاجة ماسة إلى المزيد من الغاز الطبيعي لتوليد الطاقة الكهربائية، وبالتالي هنا يأتي الدور الجزائري -وفق المقال- حيث تزود الجزائر تونس بحوالي ثلثي الغاز الطبيعي الذي تحتاجه البلاد، وهو ضروري لتونس لتوليد الطاقة، مشيرا إلى أن ارتفاع درجة الحرارة في تونس دفعها أيضا إلى زيادة وارداتها من الكهرباء الجزائري خلال النصف الأول من العام الجاري.
كما أن العلاقات التجارية بين الجزائر وتونس تفوق نظيرتها بين المغرب والجزائر، حيث تقرب الصادرات الجزائرية إلى تونس من مليار ونصف المليار دولار أمريكي، وبالتالي فإن هذا يعكس أهمية الجزائر لاستقرار تونس حسب المقال، علاوة على أن النظام الجزائري أعلن دعمه لقيس سعيد مرفقا هذا الدعم بقروض مالية ومساعدات أمنية والعديد من التبرعات الأخرى.
ولهذا، يشير المقال إلى أن كل هذه الأسباب والظروف التي تتزامن معها، مثل وباء كورونا، وحرب الروسية الأوكرانية، ساهمت في دفع تونس إلى الابتعاد عن حيادها الإيجابي منذ عقود مضطرة، وهو ما استغله النظام الجزائري لصالحه.
هذا، واستبعدت صاحبة المقال حدوث نزاع مسلح في المنطقة بالرغم من الخلافات وسباق التسلح بين المغرب والجزائر، خاصة في ظل رغبة الإدارة الأمريكية الحالية بقيادة بايدن في خلق التوازن في المنطقة، عن طريق دعم مجهودات الأمم المتحدة لإيجاد حل للصحراء لكن دون التراجع عن اعترافها بسيادة المغرب على هذا الإقليم.
وكالات