أثار مسلسل تليفزيوني فرنسي جديد غضب الجزائر، حيث وصفته الأخيرة بأنه “تعبير عن الإرادة برؤية الفوضى من جديد في البلاد”.
وأعلنت قناة “ARTE” الناطقة بالفرنسية، والتي تحظى بمتابعة كبيرة في الجزائر، بداية من الخميس، بث مسلسل بعنوان “آلجير كونفيدونسيال” (الجزائر.. سرّي)، والذي تدور وقائعه خلال مرحلة العمليات المسلحة التي عاشتها الجزائر خلال تسعينيات القرن الماضي.
وتروى حلقات المسلسل، بحسب القناة، قصة اختطاف تاجر أسلحة ألماني، والتحقيق الذي باشره ملحق بالسفارة الألمانية خلال مرحلة التسعينيات، التي عرفت خلالها الجزائر تصاعدا غير مسبوق للعمليات المسلحة، بعد استبعاد حزب “الحركة الإسلامية للإنقاذ” من السلطة بعد فوزه في الانتخابات.
وفي تقديمها للعمل قالت قناة “ARTE” إن مسلسل “Alger Confidential” يحبس الأنفاس، وإن أحداثه تدور في كواليس عالم الذكاء والسياسة الواقعية.
ويشارك في هذا العمل، وفق ذات القناة، كل من “دالي بن صالح”، وهو ممثل فرنسي من أصول جزائرية، ومغني الراب المعروف في فرنسا، “سفيان الزرماني”.
بدورها، نشرت وكالة الأنباء الجزائرية مقالا يندد بالعمل، اعتبرت فيه أن “استقرار الجزائر يزعج وسائل الإعلام العمومية الفرنسية”
وقالت الوكالة إن “الحقد ضد الجزائر وشعبها ومؤسساتها الشرعية يرمي بثقله في وسائل الإعلام العمومية الفرنسية”.
وتابعت متسائلة: “ألم يحن الوقت بعد لهؤلاء الذين قرروا إنتاج هذه الرداءة إحقاق الحق حول هذه الذاكرة التي لا تزال صادمة لدى الجزائريين؟”.
واتهمت الوكالة القنوات الفرنسية بالاستمرار في استقبال ممثلين عن حركة “رشاد” المعارضة، والتي صنفتها الجزائر حركة إرهابية، وتتهمها بكونها وريثة لـ”الجبهة الإسلامية للإنقاذ”، الحزب المنحل، الذي أثار استبعاده بعد فوزه بالانتخابات البرلمانية بداية التسعينيات، حربا أهلية دامت أكثر من عقد.
الوكالة دعت وسائل الإعلام الفرنسية لـ”نبذ تلك الفكرة المتداولة لسنوات عدة؛ والتي مفادها أن رشاد وسلفها الجبهة الاسلامية للإنقاذ هما حركات ثورية، وهي نظرية أخرى تمت تغذيتها بشكل واسع في هذا الإنتاج لوسيلة إعلام عمومية فرنسية”.
كما اتهمت تلك الوسائل بمحاولة توفير الظروف للفوضى في الجزائر؛ “وهي فوضى لا يريد الجزائريون عيشها مجددا”.
وعاشت الجزائر سنوات التسعينيات، التي يسميها الجزائريون بـ”العشرية السوداء”، ولم تنته تلك المرحلة إلا أواخر التسعينيات، عندما سنت الجزائر بقيادة الرئيس الراحل “عبدالعزيز بوتفليقة”، “ميثاق السلم والمصالحة”، والذي سمح لمن لم تلطخ أيديهم بالدماء في وضع السلاح والعودة لصفوف المجتمع.
وخلال “العشرية السوداء”، أثارت وسائل إعلام فرنسية تساؤلا محفوفا مفاده “من يقتل من؟”، وهو السؤال الذي ينطوي على اتهام مبيت لمؤسسة الجيش في المساهمة في المجازر التي طالت مدنيين أبرياء.
وهذا المسلسل، يحاكي بعض ما جرى خلال تلك الحقبة ويعيد طرح ذات التساؤل الذي ترفضه السلطات.
والعلاقة متوترة حاليا بين الجزائر وفرنسا، على خلفية عدة ملفات، أبرزها إصرار باريس على عدم الاعتراف الكافي بجرائمها إبان فترة استعمار الجزائر، وتصريحات حديثة من الرئيس الفرنسي “إيمانويل ماكرون” أشعلت الموقف بين البلدين.