رسالة خطية من ماكرون إلى تبون ومشاركة فرنسية مفاجئة وغير مسبوقة، هي آخر تطورات العلاقات الجزائرية الفرنسية.
والخميس، استقبل الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون المؤرخ الفرنسي بنيامين ستورا، حيث سلمه رسالة خطية من نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، وفق ما أكده بيان للرئاسة الجزائرية، فيما لم يتم الكشف عن مضمون البرقية.
ووفق البيان الذي حصلت “العين الإخبارية” على نسخة منه، فإن “ستوار” يزور الجزائر لـ”حضور الاحتفالات المخلدة للذكرى الـ60 لعيد الاستقلال”.
واحتفلت الجزائر، الثلاثاء، بعيد استقلالها الـ60، حيث نظمت أول عرض عسكري منذ 33 عاماً، حضره عدد من قادة الدول ووزراء الخارجية وممثلين عن دول عربية وأفريقية وأوروبية
ورغم أن المؤرخ بنيامين ستورا لا يملك أي صفة رسمية في الرئاسة الفرنسية، إلا أن تسلميه رسالة من الرئيس الفرنسي لنظيره الجزائري أكدت “الصفة الرسمية” بصفته “مبعوثاً خاصاً من الرئيس إيمانويل ماكرون إلى الرئيس عبدالمجيد تبون” وفق المتابعين.
ووفق المراقبين، فإن المشاركة الفرنسية في احتفالات الجزائر بعيد استقلالها يعد “سابقة غير معهودة والأولى من نوعها من نيل الجزائر استقلالها عن الاحتلال الفرنسي” في 5 يوليو/تموز 1962.
ووفق قراءات مهتمين بشؤون العلاقات الجزائرية- الفرنسية، فإن مشاركة شخصية فرنسية في ذكرى استقلال الجزائر يعد “عربون ثقة جديدا وخطوة تهدئة جديدة من باريس”، خصوصاً أن العلاقات بين البلدين شهدت في الشهرين الأخيرين تحركاً، وتقرر، الشهر الماضي، إعادة الاتصالات الدبلوماسية بين البلدين، بعد نحو عام من الخلافات التي وصلت حد القطيعة.
ويعد بنيامين ستورا من أشهر المؤرخين عن تاريخ الاحتلال الفرنسي للجزائر والذي ولد بمحافظة قسنطينة الواقعة شرقي الجزائر، وعاصر جميع رؤساء فرنسا، وكان “مرجعاً مهما” لهم في ملف الاحتلال الفرنسي للجزائر.
وفي يوليو/تموز 2020، كلف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون المؤرخ بنيامين ستورا بإعداد تقرير عن “الاستعمار وحرب الجزائر”، ونشره في يناير/كانون الثاني 2021 تحت عنوان “مصالحة الذاكرة”.
وهو التقرير الذي أثار موجة استياء شعبي في الجزائر، فيما ردت السلطات الجزائرية على التقرير بوصفه بـ”الفارغ”.
وأعلن مكتب “الإليزيه” بأن ماكرون “لا ينوي تقديم الاعتذار” عن الماضي الاستعماري لبلاده في الجزائر من 1830 إلى 1962، والذي خلف نحو 12 مليون شهيد، بحسب دراسات تاريخية في البلدين.
وقدمت الوثيقة الفرنسية ما يشبه “صيغة أخرى للاعتذار” وفق المراقبين، تمثلت في “خطوات رمزية لإحداث المصالحة التاريخية مع الجزائر وتحسين العلاقات بين البلدين”، من خلال اتخاذ خطوات للاعتراف بما سمته “أخطاء الحقبة الاستعمارية والواقع الاستعماري القاسي”.
وتعهدت في المقابل بفتح الأرشيف الذي نهبته غداة نيل الجزائر استقلالها عام 1962 بـ”الإفراج عن وثائق في خانة السرية”.
آمال تعزيز العلاقات
والإثنين الماضي، بعث الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون برسالة إلى نظيره الجزائري عبد المجيد تبّون هنّأه فيها بمرور 60 عاما على استقلال الجزائر عن فرنسا.
وأعرب ماكرون، في بيان للرئاسة الفرنسية، عن أمله “بتعزيز العلاقات القوية أساسا” بين البلدين، بحسب ما أعلن قصر الإليزيه، الإثنين.
وقالت الرئاسة الفرنسية، إنّ “إكليلاً من الزهر سيوضع أيضا، الثلاثاء، باسم ماكرون على النُصب التذكاري الوطني لحرب الجزائر والمعارك في المغرب وتونس” في رصيف برانلي في باريس إحياءً لذكرى الأوروبيين ضحايا مجزرة وهران التي وقعت في نفس يوم الاستقلال في 5 يوليو/تموز 1962.
وأضاف الإليزيه، في بيانه، أنّ “الذكرى الستّين لاستقلال الجزائر، في 5 يوليو/ تمّوز 2022، تشكّل فرصة لرئيس الجمهورية لكي يرسل إلى الرئيس تبّون رسالة يعبّر فيها عن تمنياته للشعب الجزائري ويبدي أمله بمواصلة تعزيز العلاقات القوية أصلاً بين فرنسا والجزائر”.