يعتقد مربي الأبقار الجزائري إبراهيم بوعويشة أن في مقدور بلاده أن تتخلص من واردات الألبان المكلفة لو التزمت الحكومة بوعودها بخصوص تشجيع المزارعين.
وتنفق الحكومة 1.3 مليار دولار سنوياً على واردات الحليب ومشتقات الألبان التي قد لا تتوفر في كثير من الأحيان في المتاجر الجزائرية، وهو ما يعكس مشكلات أوسع تتعلق بإنتاج وتوزيع المواد الغذائية المحلية في الاقتصاد المعتمد على صادرات النفط والغاز الذي ما زالت الدولة تديره إلى حد كبير.
وقال عبد القادر بوشيرب، وهو مربي أبقار إنتاج الحليب في مزرعة بوعويشة أن إنتاج الحليب ما زال في أدنى المستويات، رغم ما تقوله السلطات، ولم يصل بعد للاكتفاء الذاتي لعدة عوامل، مثل نقص العشب الأخضر وأسعار الأعلاف المرتفعة جداً»مما يدفع بالفلاح أحيانا لبيع بقرتين أو ثلاثة ليتمكن من إطعام الأبقار الأخرى. أما الدعم من طرف الدولة فهو قليل جداً».
وقال بوعويشة (58 عاما) في المزرعة التي يديرها مع أخوته، على بعد نحو 100 كيلومترا غربي العاصمة الجزائرية، «للرفع من عدد الأبقار يجب أن نوفر مساحة أكبر من الأراضي، لأن كل بقرة حلوب تحتاج على الأقل هكتاراً واحداً، ونحن لدينا نفس العدد من الأبقار الحلوبة منذ 10 سنوات، ولو كان لدينا المزيد من الأراضي لتمكنا من رفع عدد الأبقار».وتضم المزرعة 68 بقرة لإنتاج الحليب.
وأضاف بوعويشة، الذي بدأ والده في تربية أبقار الحليب منذ عام 1968 «يجب منح أراضي للفلاح المربي في الهضاب العليا، ليستثمر ويتمكن من توفير الحليب ولنتمكن من تحقيق الاكتفاء الذاتي لأن الجزائر تمتلك العديد من الأراضي. ليس في ظرف سنة أو اثنين لكن خلال أربع أو خمس سنوات مثلاً بإمكاننا تحقيق الاكتفاء الذاتي في مادة الحليب».
ومع تعرض إيرادات الدولة لضغوط نتيجة انخفاض أسعار النفط والإنتاج في السنوات الأخيرة، اضطرت الجزائر إلى الاعتماد بشكل كبير على احتياطي العملات الصعبة لديها لتمويل واردات المواد الغذائية بما في ذلك الحليب إلى جانب السلع المدعومة الأخرى.
ومع بلوغ إجمالي الفاتورة السنوية للمواد الغذائية المستوردة 19 مليار دولار، تتطلع الحكومة لزيادة إنتاج الغذاء محلياً، في الوقت الذي تتحرك فيه بحذر لإصلاح قطاعات من الاقتصاد الذي طالما هيمن عليه النفط والغاز.
ولطالما شكا المزارعون، أمثال بوعويشة، من ارتفاع الضرائب وزيادة أسعار علف الماشية والعراقيل البيروقراطية التي يقولون أنها تسببت في تراجع الإنتاج.
ويأمل بوعويشة أيضا أن تلغي الحكومة قرارها الخاص بتجميد حفر الآبار للحفاظ على احتياطيات المياه الجوفية. وهذا من شأنه أن يساعد في ري العشب والأعلاف الشتوية بعد سنوات الجفاف الأخيرة.
وقال وزير الفلاحة والتنمية الريفية، عبد الحميد حمداني، أنه يريد زيادة قطيع إنتاج الحليب بالجزائر إلى 20 ألف بقرة بحلول عام 2024 من ثمانية آلاف حالياً.
وتضمن الحكومة حاليا سعر شراء الحليب وتقدم مكافآت لمعدلات الإنتاج الأعلى.
وتمثل عائدات الزراعة بالفعل 13 في المئة من الناتج الاقتصادي الجزائري حيث يعمل فيها 2.5 مليون شخص. ومع ذلك فإن القطاع يعتمد على المطر، ورواتب العاملين فيه ضعيفة ،ولا يكاد يستخدم ابتكارات تكنولوجية يمكن أن تُحفِّز على مزيد من النمو.
غير أن مسؤولي الدولة، القلقين بشأن ارتفاع فواتير الاستيراد، يرون بشكل متزايد الحاجة إلى التغيير.
وقال الرئيس عبد المجيد تبون في الآونة الأخيرة «قمنا باستيراد البرتقال خلال موسم جني المحصول في الجزائر. هل نحن بصدد دعم الفلاحين الأجانب بدلاً من دعم فلاحينا؟».
وضرب هذا التعليق على وتر حساس لدى مزارع الحمضيات، الأطرش جمال، الذي قال «على الحكومة أن توقف استيراد (الحمضيات). يمكننا إنتاج ما يكفينا، بل وتصدير الفائض. مستقبل الجزائر في الزراعة وليس النفط».
المصدر القدس العربي