رغم أن تونس تعرف باسم “تونس الخضراء” بسبب ثرواتها الطبيعية إلا أن الجهود المبذولة للحفاظ على البيئة لا تلبي طموحات سكان البلاد، حيث أبدى 85 في المئة من السكان عدم رضاهم من الجهود الرسمية للحفاظ عليها، بحسب مؤسسة غالوب البحثية.
وتعاني البلاد أزمة في المياه، حيث جفت السدود وأصبحت الخزانات فارغة في أسوأ جفاف تشهده تونس على الإطلاق. وبدأ المواطنون يدفعون الثمن، مع دخول قرار قطع المياه لمدة سبع ساعات في الليل حيز التنفيذ، بحسب تقرير لوكالة رويترز.
ويشير استطلاع غالوب إلى أن الرضا عن جودة المياه لا يتجاوز الـ19 في المئة في 2022، وهو أدنى مستوى في استطلاعات الرأي على مستوى الدولة منذ عام 2005.
وأكد أن “التشاؤم في تونس يرتبط بالمشهد السياسي والاقتصادي الأوسع”، فيما لا تزال هناك دعوات متكررة لإعادة البلاد إلى ما كانت تعرف عليه بـ”تونس الخضراء”.
وتظهر الأرقام أن التونسيين أقل “رضا عن جودة المياه من أي شعب آخر في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا”، حيث ينتشر انعدام الأمن المائي.
أدخلت وزارة الزراعة في البلاد نظام حصص لمياه الشرب في مارس الماضي وحظرت استخدامها في الزراعة حتى 30 سبتمبر، مع استمرار الجفاف الذي دخل عامه الرابع الآن.
وحظرت الوزارة استخدام المياه الصالحة للشرب في غسيل السيارات وري المساحات الخضراء وتنظيف الشوارع والأماكن العامة. ويواجه المخالفون خطر الغرامة والسجن لمدد تتراوح بين ستة أيام وستة أشهر.
ويهدد القرار الجديد بتأجيج التوتر الاجتماعي في بلد يعاني من ضعف الخدمات العامة وارتفاع معدلات التضخم وضعف الاقتصاد، وفقا لتقرير نشرته وكالة رويترز.
وأظهرت بيانات رسمية أن منسوب سد سيدي سالم في شمال البلاد، المزود الرئيسي لمياه الشرب لعدة مناطق، انخفض إلى 16 في المئة فقط من طاقته القصوى البالغة 580 مليون متر مكعب.
وحدد الاستطلاع عدة عوامل وراء استياء التونسييين من الأمن المائي في البلاد، خاصة وأن تونس أصبحت من أكثر الدول جفافا في إفريقيا، حيث أصبحت السدود فارغة، والمحاصيل تتراجع ما يقلل إنتاج الزيتون والقمح خاصة في المناطق الجنوبية التي تمتلك كميات كبرى من الفوسفات.
وأشار إلى أن النفايات الصناعية من تعدين الفوسفات في جنوب البلاد أدى إلى ارتفاع معدلات الإصابة بالسرطان والعقم والإجهاض، وتلوثت المياه الجوفية، وتراجعت كميات الأسماك في مناطق الصيد.
وفي يوليو الماضي طالبت الأمم المتحدة تونس على وجه السرعة بتحسين جودة المياه من خلال وقف استغلال طبقات المياه الجوفية وإعطاء الأولوية للمياه الصالحة للشرب، وليس ري المحاصيل وإنتاج الفوسفات.
وفي محاولة لوقف أزمة المياه والاقتصاد رفعت الحكومة أسعار المياه لكبار المستهلكين وحثت المزارعين على التوقف عن ري الخضروات وارتفعت أسعار الخضار بشكل حاد ما ساهم في ارتفاع معدلات التضخم.
وقال علاء مرزوقي وهو خبير في الموارد المائية بالمرصد التونسي للمياه لوكالة رويترز “تسارع وتيرة التغيرات المناخية وتطرفها خاصة من خلال الظواهر الطبيعية المتطرفة من جفاف، موجات برد، فيضانات ومن رياح عاتية، هذا كله أصبح واضحا، أي المواطن البسيط يستطيع ملاحظتها لا تستحق خبرات أو دراسات علمية ولذا يجب علينا أن نتجهز جيدا ولا نترك أنفسنا لآخر ثانية لمواجهة هذه الظواهر الطبيعية المتطرفة”.
وأضاف أن “انقطاعات المياه متواصلة منذ سنوات على عديد المناطق والتي تصل لأشهر وفي بعض المناطق هناك عائلات قطع الماء عليهم لسنوات وليس فقط أشهر، وهذا التقسيط ليس بالجديد عليهم، التقسيط هي محاولة لتخفيض استعمالات المياه ويتركنا لندخل هذا الصيف بأقل حدة، لأننا إذا قمنا بتخفيظ 20 أو 30 في المئة من استعمالات المياه في شهري مارس نستطيع أن ندخل بمخزون أحسن”.
وبحسب وكالة فرانس برس بدأت النقابات الزراعية في دق ناقوس الخطر للموسم الزراعي وخاصة في ما يتعلق بقطاع الحبوب.
من جهته قال أنيس خرباشي مساعد رئيس الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري لرويترز “العديد من المناطق السقوية مغلقة، والتغيرات المناخية لها تأثيرات كبيرة على القطاع الفلاحي وبالأخص موسم الحبوب، لقد قمنا بالدعوة داخل الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري إلى إعلان حالة الطوارئ المائية وإعلان حالة الجفاف وتكون مصحوبة بالعديد من الإجراءات لنقف بجانب الفلاحين والبحارة”.
وأضاف أن “موسم الحبوب لن يتعدى 2.5 مليون قنطار مقابل السنة الماضية والتي كانت 11 مليون قنطار، نحن مهددون حتى لتوفير البذور التي سنزعها السنة القادمة ونحن نعرف أن تونس تستحق كل سنة 2 مليون قنطار بذور”.
الحرة