رحبت الولايات المتحدة بإعلان الرئيس التونسي قيس سعيَد عن جدول زمني للإصلاحات السياسية والانتخابات، في وقت اتسعت فيه جبهة الرافضين لقرارات الرئيس الأخيرة التي شملت استمرار تعليق البرلمان حتى تنظيم انتخابات تشريعية مبكرة بعد عام.
ففي بيان لها -مساء أمس الثلاثاء- تضمن الترحيب بالجدول الزمني الذي أعلنه سعيد الاثنين، قالت الخارجية الأميركية إن واشنطن تتطلع إلى عملية إصلاح تشمل أصوات المجتمع المدني والسياسي المتنوع في تونس.
وأضافت الوزارة أن الولايات المتحدة تدعم تطلعات شعب تونس إلى حكومة فعالة وديمقراطية تحمي الحقوق والحريات.
وفي واشنطن أيضا، قال عضو مجلس الشيوخ الأميركي، السيناتور كريس ميرفي، إن خارطة الطريق التي أعلنها الرئيس التونسي الاثنين غير مكتملة بشكل محبط، حسب تعبيره.
وأضاف مورفي أن هذه الخريطة طويلة جدا ويتطلب تنفيذها وقتا طويلا.
وتابع السيناتور الأميركي أن على واشنطن إعادة النظر في دعمها العسكري، نظرا للدور الذي لعبه الجيش التونسي بعد إعلان الرئيس سعيد تجميد البرلمان ومنعه دخول المشرعين إلى مجلس النواب.
وكانت واشنطن دعت مرارا إلى العودة للمسار الديمقراطي في تونس، وقبل أيام أصدرت سفارتها في تونس بيانا مشتركا مع سفارات كل من كندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان والمملكة المتحدة والولايات المتحدة ووفد الاتحاد الأوروبي، دعا إلى تحديد سقف زمني يسمح بعودة سريعة لبرلمان منتخب.
والاثنين، أعلن الرئيس التونسي في خطاب له قبل أيام على ذكرى ثورة 17 ديسمبر/كانون الأول 2010، التي أطاحت بنظام حكم زين العابدين بن علي، استمرار تجميد اختصاصات البرلمان لحين تنظيم انتخابات مبكرة في 17 ديسمبر/كانون الأول 2022.
كما أعلن أنه يتم عرض مشاريع الإصلاحات الدستورية وقانون تنظيم الانتخابات وغيرها على الاستفتاء في 25 يوليو/تموز المقبل. وكان قد صرح قبل ذلك بأن دستور عام 2014 لم تعد له شرعية.
وقوبلت قرارات الرئيس بتنديد واسع من جل القوى السياسية، بما فيها بعض القوى التي أيدت الإجراءات الاستثنائية التي أعلنها سعيد في 25 يوليو/تموز الماضي، وشملت حل الحكومة وتعليق أعمال البرلمان، والتي أردفها في 22 سبتمبر/أيلول الماضي بإصدار المرسوم 117 الذي بمقتضاه جمع كل السلطات في يده.
جبهة رفض واسعة
شهدت تونس جملة من ردود الفعل الرافضة لقرارات الرئيس الجديدة بمواصلة تعليق عمل البرلمان حتى إجراء انتخابات تشريعية أواخر العام المقبل، ويأتي ذلك وسط دعوات للتظاهر ضد سياسات الرئيس في ذكرى الثورة.
فقد نددت حركة النهضة (53 نائبا من أصل 217 نائبا في البرلمان المعلقة أعماله) بقرارات الرئيس الأخيرة، واعتبرتها خطوة أحادية لا تلزم سواه، مؤكدةً رفضها “للإجراءات الانقلابية” التي أقدم عليها.
وفي بيان مشترك، أعلنت “تنسيقية الأحزاب الاجتماعية الديمقراطية” التي تضم أحزاب (التيار الديمقراطي، والتكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات، والجمهوري) أن الرئيس سعيد عمّق الأزمة التي تمر بها البلاد بانقلابه على الدستور.
وفي حين دعا عصام الشابي الأمين العام للحزب الجمهوري وعضو تنسيقية الأحزاب الاجتماعية الديمقراطية إلى المرور لانتخابات سابقة لأوانها بعد إيجاد التوافق الوطني الواسع بين جميع القوى الوطنية، انتقد الأمين العام لحزب التيار الديمقراطي غازي الشواشي قرارات الرئيس سعيد وأعلن مواصلة ما سماها التحركات النضالية التصعيدية، بما في ذلك الخروج إلى الشارع والاحتجاج.
في السياق، اعتبر الأمين العام لحزب التكتل خليل الزاوية أن قرارات الرئيس أصبحت خطرا جاثما على الدولة ولا بد من مقاومته.
كما اعتبر حزب الاتحاد الشعبي الجمهوري أن سعيد “مغتصب للسلطة” و”فاقد للشرعية”، ودعا إلى عزله ومحاكمته بتهمتي “الانقلاب على الدستور” و”الخيانة العظمى”.
وبالتزامن، أعلنت مجموعة من الشخصيات السياسية في تونس تأسيس تجمع “اللقاء الوطني للإنقاذ” بهدف بلورة خطة إنقاذ اقتصادي واجتماعي، والدفاع عن دولة القانون في ظل ديمقراطية تمثيلية تكفل الفصل بين السلطات.
وقال أحمد نجيب الشابي رئيس الهيئة السياسية لحزب “أمل”، خلال مؤتمر صحفي، إن ما وصفه بانحراف الرئيس قيس سعيد بالسلطة وانفراده بالحكم يعد دوسا على الدستور وخروجا تاما عن الشرعية، داعيا إلى حوار وطني جامع لإصلاح النظام السياسي والقانون الانتخابي.
كما قال الرئيس التونسي الأسبق المنصف المرزوقي إن الرئيس قيس سعيد فضل البقاء في منطقة الغموض وترحيل الأزمة، وأضاف أن في تونس حاليا أزمة سياسية واقتصادية، وتوقع أن تنتهي بانفجار اجتماعي.
من جهته، قال الأمين العام للاتحاد التونسي للشغل نور الدين الطبوبي إن تونس تمر بمنعرج خطير، وشدد على أن المنظمة النقابية لا تصطف إلا مع الخيارات الوطنية، وأنها لن تعطي صكا على بياض للرئيس.
وأكد الطبوبي، في رده على انتقادات الرئيس قيس سعيد، أنه لا يمكن لأحد أن يلقن أكبر منظمة نقابية دروسا في الوطنية.