بعد 3 عقود من المواجهة مع قوات الأمن، تراجعت التهديدات الإرهابية في الجزائر خلال السنوات الأخيرة بشكل لافت، فيما تقول السلطات إنها عازمة على “اجتثاث آخر فلول الجماعات الإجرامية المسلحة” في البلاد.
وقبل أيام، أعلنت وزارة الدفاع الجزائرية مقتل ضابط واعتقال 4 مسلحين خلال اشتباك بولاية تيسمسيلت غرب البلاد.
وحسب الوزارة، وقع الاشتباك خلال تمشيط الجيش لإحدى المناطق الجبلية بالولاية، وعادة ما تنفذ تلك العمليات بعد تلقي معلومات بشأن وجود نشاط لمجموعات مسلحة.
وكما جرت العادة، لم تقدم الوزارة تفاصيل أكثر بشأن انتماء أفراد المجموعة المسلحة، حيث تكتفي فقط بالتأكيد في بياناتها على أنها “إرهابية”.
مطاردة مستمرة
ومنذ تسعينات القرن الماضي، تواجه أجهزة الأمن الجزائرية جماعات مسلحة بشكل مستمر، إلا أن نشاط الأخيرة تراجع خلال السنوات الأخيرة لينحصر في مناطق جبلية معزولة، مع توجه بعض عناصرها نحو منطقة الساحل الإفريقي المجاورة.
وخلال العقد الأخير، تم تسجيل عمليات واشتباكات متفرقة بين الجيش وتلك المجموعات في مناطق جبلية أو على الشريط الحدودي الجنوبي مع مالي والنيجر، وحتى شرقا مع ليبيا.
وسابقا، أعلنت وزارة الدفاع في حصيلة للعام 2022 القضاء على 20 إرهابياً واستسلام 5 واعتقال 14 آخرين وتوقيف 371 عنصرا داعما للجماعات الإرهابية، فيما تم خلال عام 2021 القضاء على 23 إرهابيا.
وتقول الوزارة في جميع بياناتها عن تلك العمليات إن البلاد “انتصرت على الإرهاب”، وإنها “ستواصل مطاردة فلول الجماعات الإرهابية حتى اجتثاث تلك الآفة”.
نشاط ضعيف
وفي هذا السياق، يرى أكرم خريف، الإعلامي ومالك موقع “ميناديفنس” المتخصص في الشؤون الأمنية والعسكرية، أن “الخطر الإرهابي في الجزائر تراجع بصفة عامة في السنوات الأخيرة”.
وأوضح خريف في حديثه للأناضول أن “الإرهابيين الحاليين في حالة ضعف، وفي صراع شديد من أجل البقاء على قيد الحياة”.
وأشار إلى أن “حادثة تيسمسيلت الأخيرة أظهرت أمرا غريبا في سن الإرهابيين الأربعة وتاريخ التحاقهم بالإجرام المسلح”.
وأضاف: “الملاحظ أن الإرهابيين الأربعة حملوا السلاح عام 2016، أي في وقت متأخر جدا وليس مرتبطا بأي سياق معروف، كما هو حال الإرهابيين الجزائريين الذين التحقوا بالجماعات المسلحة شمال مالي في 2012 (عقب إعلان الحركة الوطنية لتحرير أزوا الاستقلال عن البلاد)، أو الذين غرر بهم في حرب سوريا أو العراق”.
وتابع: “كان هناك فتاوى من تنظيم القاعدة صدرت عام 2015 منعت القتال في دول مثل الجزائر، ونهت عن الالتحاق بالجماعات المسلحة هناك”.
ولفت الإعلامي إلى “احتمال أن يكون التحاق العناصر بالجماعات الإرهابية مرتبط بظهور تنظيم داعش في الجزائر بين عامي 2015 و2016 تحت مسمى جند الخلافة”.
وفي نهاية 2014، انشقت مجموعة من تنظيم القاعدة في بلاد المغرب، وبايعت تنظيم “داعش” الإرهابي، وأطلقت على نفسها اسم “جند الخلافة”.
وخلص خريف إلى أن “نشاط الجماعات المسلحة في الجزائر صار رمزيا، وعادة ما تكون الاشتباكات بينها وبين الجيش خلال عمليات تمشيط، أو عندما يضطر الإرهابيون للتحرك من أجل البحث عن المؤونة أو المياه”.
رفض مجتمعي
من ناحية أخرى، يرى العقيد المتقاعد، الخبير الأمني والعسكري بن عمر بن جانة، أن “بقايا الإرهاب الحالي منعزلة عن المجتمع الجزائري الذي رفضها ولفظها، لذا فحجم تهديدها الحالي لا يكاد يذكر”.
وأوضح الخبير الأمني في حديثه للأناضول أن “المقاربات التي تبنتها الجماعات الإرهابية سابقا اتضح أنها خاطئة وتخدم أجندات خارجية”.
وقال إن “تهديد الجماعات الإرهابية حاليا لا يكاد يذكر”، مشيرا أنها أصبحت “مقطوعة تماما عن المجتمع الجزائري الذي رفضها جملة وتفصيلا”.
وأضاف: “بما أن الجزائريين رافضون للإرهاب وأصبحت جماعاته مقطوعة عن المجتمع، فإن القضاء على بقاياه الجماعات من قبل قوات الأمن يبقى مجرد تحصيل حاصل فقط”.
وكالات